هناك خلل خطير في طريقة تربية غالبية الأهل لأولادهم، اذ لا ينفكون يكرّرون الأخطاء التربوية نفسها التي كانت سبباً في معاناتهم عندما كانوا هم صغاراً. مأساة غالبية الأهل أنّهم ينسون أو يتناسون طفولتهم ومراهقتهم.

كانوا يكرهون تعرّضهم للتخضيع الأعمى، لكنّهم الآن يخضّعون أولادهم. كانوا يكرهون عدم تمتّعهم بأيّ حرية أو خصوصية، لكنّهم الآن يحرمون أولادهم من هذا الحدّ الأدنى من الحرية أو الخصوصية.

كانوا يكرهون إجبارهم على الامتثال للأوامر من دون شرح مقنع، لكنّهم الآن يتوقّعون من أولادهم الإمتثال لأوامرهم من دون توفير شرح مقنع لهم في المقابل. كانوا يكرهون اضطرارهم لفعل أمور كثيرة في الخفاء، وعجزهم عن ائتمان أهلهم على بعض أبسط أسرارهم، لكنّهم الآن لا يشجّعون أولادهم على الانفتاح والشفافية والثقة.

تربية الأولاد من أشدّ أدوات التغيير الإيجابي فاعليةً التي نملكها: أيّ حثّهم على التعلّم؛ على الخطأ؛ على مساءلة كلّ شيء (حتى ما نقوله)؛ على الفضول؛ على التفكير؛ على التشكيك والإختيار والحلم والتطوّر والاعتماد على أنفسهم.

طبعاً قد يخشى الأهل، إن هم فعلوا ذلك كلّه، أن تخرج الأمور عن سيطرتهم. أعلم تمام العلم أن الأمر ينطوي على مخاطرة، ولكن من الحيوي أن نمنح أولادنا هذا الدفع الإضافي في مرحلة مبكرة من حياتهم. اذ لا يمكننا أن نكسر حلقة الخنوع المتوارَث وغسل الأدمغة إلا إذا كففنا عن التنظير وبدأنا التغيير من بيوتنا.

تلك الإصبع التي نرفعها في وجه الآخر، آن الأوان لكي نرفعها في وجوهنا.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]