مخيم اليرموك، الذي اعتبر لعقود طويلة عاصمة الشتات الفلسطيني، وكان تعداده يناهز المئتي الف، ولم يعد منه سوى ما يقارب الثمانية عشر الف فقط، اصبح نموذجا صارخا للعذاب، واصبح بفعل تطاحن وتنافس تنظيمات الإسلام السياسي أمثال داعش، وجبهة النصرة، وأكناف بيت المقدس أو بقية الأسماء، والتكوينات الإسلامية الاخرى، ساحة للمأساة بأبشع صورها، حيث الموت بالمجان، والجوع والعطش حيث اكل الناس لحاء الشجر والحشائش وما يتم العثور عليه من النفايات، وحين ترى وتسمع ما تقوله وتفعله تلك الفصائل الإسلامية المتناحرة على جسد مخيم اليرموك، يصبح لديك اليقين أن تلك الفصائل هي اكبر مصيبة حلت علينا بالاسلام منذ اشرق فجره قبل اكثر من اربعة عشر قرنا، وأن تلك الفصائل الاسلامية المتناحرة على جسد مخيم اليرموك هي اكبر عدو للإسلام، وهي ابشع مشوه لصورة الإسلام، وهي التي لم تقدم لفلسطين منذ نشوء قضيتها سوى الزيف والكذب والخداع والعداء.

لقد كان مخيم اليرموك مثالا يحتذى للامن والسلام وقدرة الفلسطينيين على فن البقاء وابداع الحياة محتفظين بعمق انتمائهم لقضيتهم المقدسة، واذا بأسراب الجراد التي تسمي نفسها فصائل إسلامية تأتي ليحل الخراب، ويبدأ الحقد والكراهية يعربدان في الطرقات، ويمزق الرصاص أوصال المخيم، فيهرب ابناء المخيم من الموت العبثي الى بحار الغربة والهجرة لتفتك بهم امواج البحار العاتية، مع العلم بأن فلسطينيي مخيم اليرموك كانوا قد صنعوا واحة عظيمة من الأمن على حافة مدينة دمشق، ولم يقبلوا ان يلعبوا اللعبة الدموية التي تلعبها فصائل الإسلام السياسي، المتحاربة بأوامر سادتها من القوى الإقليمية والدولية، وكان ان دفع مخيم اليرموك ولا يزال يدفع الثمن الرهيب والمعاناة القاسية.

لا يمكن مناشدة فصائل الإسلام السياسي المتورطة في الاحداث المروعة في مخيم اليرموك منذ سنوات، فبأي اسم نناشدهم وهم أعداء الله ورسوله، وهم يعتدون في كل لحظة على الإسلام الذي يتظاهرون بأنهم يحملون اسمه، ولا يمكن مناشدتهم باسم فلسطين التي يخونونها كل يوم جهارا نهارا ليرضى عنهم آلهتهم الجديدة التي صنعوها لهذا الفعل الأسود الشنيع، ولكننا نناشد الجامعة العربية والقمة العربية والقوة المشتركة العربية أن يوضع الفلسطينون في مخيم اليرموك في رأس الأولويات، فلماذا يدفع الفلسطينيون ما ليس لهم فيه يد ولا مصلحة؟ ولماذا تقوم فصائل الإسلام السياسي المتصارعة حتى الموت باستهداف مخيمات وتجمعات الفلسطينيين في دول الجوار القريب لكي تمزق وجودهم وتقدم خدمة مجانية التي لا تريد أن تسمع أو ترى اسم اللاجئين الفلسطينيين الذين هم اصل القضية وهاجس المستقبل؟؟؟ وساعدك الله يا مخيم اليرموك الذي كنت دائما رمزا شامخا من رموز القضية الفلسطينية والذاكرة الفلسطينية.

أحببت الخبر ؟ شارك اصحابك 
استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]