هناك صراع في القدس مع عائلة صب لبن، وهو نموذج لما يحدث داخل القدس القديمة من اغتصاب وسرقة الاحتلال للمنازل الفلسطينية، يقع المنزل داخل بؤرة استيطانية زرعتها المخططات الاستيطانية في قلب الحي الإسلامي بالبلدة القديمة، ما جعله هدفاً دائماً ومستمراً للحركات الاستيطانية الرامية إلى السيطرة على العقارات الفلسطينية داخل أسوار مدينة القدس القديمة.
قصة البيت تعود إلى سنوات الخمسينات عندما استأجرت والدة غيث العقار من الحكومة الأردنية، هذا العقار الذي وضعته السلطات الأردنية تحت وصاية ما يدعى بـ "حارس أملاك العدو". ومع احتلال القدس الشرقية عام 1967، وضع العقار تحت إدارة ما يدعى بـ "حارس الأملاك العامة الإسرائيلية" حيث بدأ الأخير محاولاته للسيطرة على العقار الذي تقيم فيه العائلة بدعوى أن ملكيته إسرائيلية، ولكن "صب لبن" استطاعت ان تثبت حقها بالعقار وان تضفي على وضعها القانوني صفة المستأجرة المحمية.
لم تبخل الدائرة الإسرائيلية في انتهاج كل الوسائل والأساليب لإرغام العائلة على ترك المنزل، فتارة يعرض المال الوفير، وتارة أُخرى يسلط المستوطنين الذين نجحوا في السيطرة على عقار مجاور وباتوا يتحكمون في الدخول والخروج من والى المنزل، بل وصل الأمر إلى إغلاق المدخل الوحيد للمنزل وهو عبارة عن حوش مشترك تم تحويله من قبل المستوطنين إلى جزء من منزلهم، ليشكل بذلك البؤرة الاستيطانية الأولى في تلك البناية الواقعة على مفترق طرق عقبة السرايا وعقبة الخالدية بالبلدة القديمة.
عائلة صب لبن مُنعت من دخول منزلها منذ منتصف الثمانينات وحتى بداية عام 2001 وطيلة هذه الفترة خاضت عائلة صب لبن العديد من الدعاوى القضائية، وبالتحديد خاضت الصراع في 11 قضية رفعت ضدها خلال هذه الفترة تمكنت من تحقيق النصر بهذه القضايا جميعها، وتكلل النجاح بإرجاع العقار عام 2001.
بدأت عائلة صب لبن مشوار كفاح جديداً، بعد ان توجهت الى محاميها وهو إسرائيلي يدعى "إبراهيم غورن" وهو ذات المحامي الذي استطاع ان يفوز بقضية البيت عام 2001، غورون لم يستمر في دفاعه عن موكلته، فقد وافته المنية بداية عام 2012 متأثراً بمرض السرطان، في ذلك الحين قامت وزارة ومحافظة القدس مشكورة وبقرار من وزير القدس بتقديم يد العون والمساعدة لعائلة صب لبن على تعيين محام جديد للقضية وهو محمد دحلة.
أهم التطورات التي حصلت لقضية عقار عائلة غيث تمثل بخسارة القضية أمام محكمة الصلح بتاريخ 14/9/2014، العائلة لم تعلم بقرار المحكمة حتى تاريخ 28/10/2014 حينها علمت عائلة صب لبن عن قرار الخسارة بمحض الصدفة عندما قام محام صديق للعائلة بفحص الملف وتبين من خلال الفحص ان القضية قد خسرت.
توجهت "صب لبن" على الفور إلى مكتب المحامي دحلة الذي أشار في ذلك اليوم الى انه قد خسر القضية بالفعل أمام محكمة الصلح، وانه كان يتوقع ان إدارة مكتبه قد قامت بإبلاغ موكلته بحيثيات القرار. كان أمام "صب لبن" فرصة 45 يوما لتقديم الاستئناف على قرار محكمة الصلح أمام المحكمة المركزية وبذات الوقت أيضا تقديم طلب لوقف إجراءات قرار محكمة الصلح التي نصت على إخلاء المنزل ودفع غرامة مالية تصل الى 1500 دولار تقريباً.
بتاريخ 18/11/2014 تعرضت العائلة لأول محاولة إخلاء من بعد قرار محكمة الصلح، وذلك عندما توجه المستوطنون وتهجموا على العائلة وقاموا بخلع قفل المخزن التابع للبيت وتغييره بقفل جديد، وفي ذات اليوم أيضاً قام المستوطنون بتسليم العائلة قراراً من دائرة الإجراء الإسرائيلية يقضي بأن دعوى لتنفيذ قرار محكمة الصلح فتحت في هذه الدائرة وبأن علينا البدء بتنفيذ قرار الصلح، خصوصاً واننا لم نعترض عليه خلال المدة القانونية للاعتراض، ووفقاً لحسابات المستوطنين المدة القانونية للاعتراض انتهت، وذلك على اعتبار ان القرار بدأ بتاريخ صدوره بمحكمة الصلح بتاريخ 14/9/2014.
في ذلك اليوم استطاعت عائلة المواطنة غيث التصدي للمستوطنين وقاموا على الفور بتغيير قفل المخزن وإرجاع الوضع إلى ما كان عليه، وأيضا تم تقديم شكوى ضد المستوطنين لدى شرطة الاحتلال بسبب اقتحامهم مخزن البيت. استطاعت العائلة في ذلك اليوم منع الاقتحام إلى داخل منزلها واستطاعت أيضا بجهود شبان البلدة القديمة إرجاع الوضع إلى ما كان عليه مرة أخرى.
واليوم آخر التطورات التي حصلت هي محاولة الإخلاء الأخيرة التي تمت يوم الاثنين 16/3/2015 و"التي استطعنا منعها أيضا عبر التواجد الفعلي والتصدي بالقوة لسلطات الاحتلال وأيضاً من خلال حصول محامي العائلة محمد دحلة على طلب لوقف الإخلاء لمدة يوم واحد من أجل إتاحة الفرص له لتقديم الاستئناف أمام محكمة العدل العليا. الاستئناف على تطبيق قرار الإخلاء تم تقديمه للعليا الإسرائيلية يوم الخميس 19/3/2015 وحالياً نحن بانتظار نتيجته، مع العلم أن المحكمة العليا طالبتنا بدفع مبلغ 5 آلاف دولار كوديعة في صندوق المحكمة لحين البت في تفاصيل قرار طلبنا لوقف تنفيذ قرار محكمة الصلح بإخلاء العائلة وإعطائنا فرصة، على اعتبار أن جلسة سماع الاستئناف اقتربت، حيث حددت من قبل المحكمة المركزية بتاريخ 31/5/2015".
[email protected]
أضف تعليق