سارعت اللجنة التنفيذية التابعة لمنظمة التحرير بإصدار قرار متسرع وهو توجيه وفد موحد من فصائل العمل الوطني إلى غزة للبدء بحوار شامل بمشاركة حركتي حماس والجهاد الإسلامي؛ لتنفيذ جميع ما جرى التوصل إليه في اتفاقيات المصالحة السابقة.
لقد جاء القرار السابق في سياق رد فعل طبيعي ومتوقع من اللجنة التنفيذية ومن أي مؤسسة أخرى من مؤسسات السلطة أو المنظمة التي انتكست من نتائج الانتخابات الإسرائيلية التي أفرزت فوز "بنيامين نتنياهو " في الانتخابات الأخيرة، وقد جاء هذا القرار في سياق تصاعد التوتر بين السلطة الفلسطينية ودولة الاحتلال نتيجة فشل جهود جون كيري في التوصل لاتفاق إطار الذي كان يروج له، ونتيجة استمرار دولة الاحتلال في احتجاز أموال الضرائب التابعة لسلطة الفلسطينية.
اليوم يتساءل الشعب الفلسطيني بعد صدور هذا القرار، هل سيؤدي القرار إلى لم شمل الإخوة الفرقاء، وهل سيجني الشعب الفلسطيني ثمار إيجابية إزاء هذا القرار؟
المتأمل في الواقع الفلسطيني بشكل جيد يستطيع الإجابة على التساؤلين السابقين وغيرهما أيضاً، حيث حظوظ سيناريو الوفاق الوطني الفلسطيني ولم الشمل وجني الثمار الإيجابية في الوقت الحالي لا تبدو كبيرة، نتيجة أسباب متعلقة بأبو مازن شخصياً منها، تكاليف المصالحة كثيرة ومرتفعة جدًّا على أبو مازن الذي ينظر للواقع الفلسطيني من منظور مالي ومن منظور المصلحة الخاصة فقط.
عباس الذي يربط المصالحة مع حماس بالمشهد الإقليمي المعادي لها وربما تطوره ليكون أكثر فاعلية في خنق حماس وإخضاعها كما يأمل أبو مازن من النظام المصري في القاهرة، ولم يكن يميل نحو الانسجام مع معطيات المصالحة وضروراتها سواء قبل المصالحة أو بعدها، وهذا ما عبَّر عنه بذاته في العديد من المناسبات التي هاجم فيها حركة حماس تصريحًا وتلميحًا متهمًا إيَّاها بأقذع الصفات.
عباس الذي ترك العنان لأجهزته الأمنية من أجل ضربة المقاومة في الضفة الغربية ومحاولاته المتكررة التي تهدف إلى التشويش عليها أيضاً في قطاع غزة من أجل أحداث " كركعة في القطاع" كما وصفها أحد أفراد أجهزته في التحقيقات الأخيرة التي توصلت إليها الأجهزة الأمنية في القطاع والتي تثبت تورط ووقوف أبو مازن وراء الأحداث الأمنية التي جرت في القطاع وبالدليل القاطع.
استمرار أزمة موظفين قطاع غزة الذين تم تعينهم ما بعد 2007م، الذين يمارسون عملهم بشكل مستمر وبقائهم ملتزمون في خدمة أبناء شعبهم، يكافئون من رئيس السلطة بعبارة تحدث بها السيد عباس أثناء مقابلة صحفية حيث قال " لو في فلوس مش راح أدفع الهم ".
تخاذل السلطة في ملف إعمار غزة التي دومرت نتيجة العدوان الأخير وقيام السلطة بتحويل جزء من أموال الإعمار لدى خزينتها المنهوبة، ومشاركة السلطة في خلق مشكلة الكهرباء في غزة التي تعصف بالقطاع منذ سنوات.
إن كل ما سبق ذكره يدلِّل على أن المناخات التي حرص أبو مازن على صناعتها ليست مناخات مصالحة أو توافق بل مناخات لمزيد من التوتر والانقسام، حيث يريد من حماس أن تكون تحت أمرته فقط دون النظر إنها شريكة وبالتالي، فإن مسألة المصالحة بالنسبة لسيد عباس هي ضرورة لإعادة زمام السلطة في كل من الضفة وغزة إلى يد فتح وبما يتيح تفعيل كل الأدوات التي من شأنها تقليص إمكانيات حماس بل ولربما كسرها إن أمكن وإخضاعها للمنظومة القيمية التي تحكم مسار السلطة، كي لا يغدو بمقدورها لعب دور المتحكم في قرار السَّلم او الحرب داخل الساحة الفلسطينية.
[email protected]
أضف تعليق