تحت هذا العنوان يكتب رون شبيط، في "هآرتس" اننا اذا استيقظنا فجر الثامن عشر من آذار ووجدنا ان ميرتس تبخرت مع غبار الانتخابات، فمن المؤكد انه سيكون هناك من يرقص ويفرح لنهاية "اعداء اسرائيل" و"اليساريين الخونة". ولكن عندما تهدأ النغمة العاطفية قليلا، ويعلو صوت المنطق سنفهم أن شيئا ما قد اصيب بالضعف في حبلنا الشوكي العام. كيف سنفسر لأنفسنا، كمجموعة، اننا بعد ان ثرثرنا بلا نهاية حول السياسة والسياسيين، وبعد ان وصفناهم بالفاسدين واللصوص والمخادعين والانتهازيين، أدرنا ظهورنا للنموذج المختلف؟ لمن يتصرفون دون جبن، وبدون تزوير وبدون شائبة؟

أحيانا يسمون ذلك خطأ "السياسة الجديدة"، ولكن السياسة الأخرى تقوم منذ سنوات، تحت الصخرة. لقد فاز نواب ميرتس في الكنيست، المرة تلو الأخرى بلقب البرلمانيين المتميزين، النواب المجتهدين وفرسان جودة الحكم. نعم هذه ليست عناوين مثيرة، فقضايا فساد رجال السلطة تحقق ارباحا اكبر لباعة الصحف. ميرتس "متهمة" بأنها لم توفر فضائح صفراء او سوداء لوسائل الاعلام. وجوه اعضائها لم تدمغ بومضات عدسات الكاميرات على مسارات التحقيق في وحدة مكافحة الغش، في المحكمة العليا أو برامج التحقيق النازفة بالحصرية الاعلامية.

نعم ان ميرتس تعتبر حزبا مغايرا في المشهد. لديها ناخبيها الموالين، ولكنها ليست حزبا قطاعيا. وفي احيان كثيرة كانت تقاتل بكل قوة من اجل الجمهور الذي لا يصوت لها. وكثيرا ما يحدث، ان أولئك الذين تصارع من اجلهم يسخرون منها. صحيح ان هناك ثمنا سياسيا ثقيلا للطريق الأيديولوجي، وميرتس تدفع هذا الثمن المرة تلو الأخرى. لكن قيادتها لا ترفع اصبعا رطبة لفحص وجهة الريح، وانما تقف امام الرياح الغريبة، الساخرة والممزقة. انها تقف في جانب واحد من الخارطة، لا تراوغ، ولا تبتز، ولا تسعى الى الجلوس على كراسي جلد الظبية مقابل التخلي عن مبادئها.

ومع ذلك، هناك من يربطون بين انسحاق حزب اليسار وطريقه "المتطرف". يقدرونها في المسار الاجتماعي – الاقتصادي، لكنهم يغضبون عليها كثيرا في المجال السياسي – الامني. وهنا ايضا، يختلف الواقع عن الصورة. هل هي متطرفة؟ بماذا؟ في قيادة وجهة النظر التي تقول انه لا مفر من قيام دولة فلسطينية؟ وان اسرائيل تتحمل ايضا دورا في فشل المفاوضات؟ وانه في نهاية الامر ستؤدي مواصلة السيطرة على ملايين الفلسطينيين الى اقصاء الحلم الصهيوني، وستقود الى دولة ثنائية القومية؟ مع يد على القلب، ان هذه المواقف تحظى بتأييد غالبية الجمهور. هل ذكّرنا بخطاب بار ايلان؟ كل ما تبقى هو سيكولوجيا. اذا اسفر يوم الانتخابات عن غرق ميرتس في الاعماق، فسيكون فشلها هو فشلنا جميعا.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]