تحت هذا العنوان يكتب روغل الفر، في "هآرتس"، اننا سنتوجه بعد غد الثلاثاء، الى صناديق الاقتراع وسنشعر بأننا حمقى. ففي هذه الانتخابات لن يتم حل أي مشكلة من المشاكل الحارقة في اسرائيل. وبعد تشكيل الحكومة القادمة، ستتواصل عملية خلق الدولة الثنائية القومية غير القابلة للتحول، والتي لا تسمح بحياة اعتيادية واخلاقية. وسيتواصل قيام نظامين هنا، جنبا الى جنب. ديموقراطية لليهود، وقمع عسكري للفلسطينيين المحرومين من الحقوق الانسانية في الضفة الغربية. وستكون الحكومة القادمة، ايضا، حكومة سينتهي نفوذها بسرعة، وستكون قدراتها على الحكم ضئيلة.
الانتخابات في اسرائيل لم تعد وسيلة لتغيير الواقع، بل للتمهيد لانتخابات اخرى. كلما اقتربت الانتخابات من نهايتها، وبشكل خاص عندما تبين عدم فائدتها، جرت هنا حملة مكثفة وكبيرة اخرى. حملة تشجيع التصويت – المشاركة الجماهيرية الفاعلة. وتم بث ما لا يحصى من الدعاية من قبل جهات رسمية وقنوات التلفزيون التجارية التي دعت الإسرائيليين الى استغلال حقهم والتصويت. وتم عرض التصويت في هذه الانتخابات كخطوة ستتيح للمواطن الاسرائيلي التأثير على حاضره ومصيره. وتم تكريس ضغط ايديولوجي باهظ التكلفة وعدواني لتسويد صورة المتهربين من التصويت، ونعتهم بالشخصيات السيئة، وبأنهم المجموعة الحقيقية الخطيرة حقا، والمتذمرين والشاكين ولكنهم يرفضون التشمير عن سواعدهم. كما اتهموا بأنهم خارجون عن الطائفة، ويديرون ظهورهم للجميع، واعشاب ضارة ومتعفنة تضعف المجموع. وشوا بهم، طرقوا ابوابهم، وستزج بهم شرطة التذمر داخل زنزانة ولن تشاهدونهم مرة أخرى، كي لا تصيبكم عدواهم. ابقوا معنا.
واتضح ان المؤامرة الحقيقية والوحيدة تكمن في عدم الثقة بنجاعة الانتخابات – كآلية تسمح للمواطن بصياغة هوية الدولة، وكوسيلة لاستبدال السلطة بشكل حقيقي، ينعكس في الواقع نفسه. الخوف الكبير، وفي الحقيقة الوحيد، للمؤسسة السياسية – الاعلامية، وللمؤسسات الرسمية هو ان يستيقظ الجمهور ويفهم ان الانتخابات ليست الا لعبة وهمية. لعبة ماتريكس الاسرائيلية.
الأشرطة التمهيدية في التلفزيون تعد بأن البث في ليلة الانتخابات سيكون دراميا ومتوترا، احتفاليا ومثيرا. وقد تصورت يونيت ليفي اللحظة التي ستعرض فيها للجمهور مع مينا تسيماح، نتائج عينة التصويت ، بأنها ستكون كالقفز على الحبال. فهل هناك تجرية مطلقة وراديكالية اكثر من هذه؟ هل يمكن الشعور بأنك حي اكثر من القفز على الحبال؟ انها تقول في الواقع، ان الانتخابات هي الامر الحقيقي، البديل. وان الأدرينالين يضمن أصالتها. لكن الانتخابات هي عكس التزوير. لا تعتقدوا ان هذا مجرد عرض في التلفزيون. وهذا ليس تحديا وانما الوجود بكامل عظمته.
في تقرير علاقات عامة لقناة "كيشت" اكد داني كوشميرو ان النتيجة الجيدة بالنسبة له هي النتيجة المسببة للتوتر. من الواضح غياب الحسم. وما هو سيء للدولة يعتبر جيدا للقناة الثانية. ولكن بعد ان نشعر كالحمقى في الصناديق، سنشعر كالحمقى اثناء التنقل بين قنوات التلفزيون في الساعة العاشرة من مساء 17 آذار. من عينة انتخابية الى اخرى، من تحليل الى تعقيب. يمنع تفويت شيء.
صفير يفترض ان يدل على ان شيئا صاخبا يحدث، بينما نعرف جيدا انه لا يحدث شيئا في الواقع. وبعد انتهاء الصفير، سنشعر بالفراغ. هل يعتبر عدم التصويت خيارا؟ هل سيشكل ذلك احتجاجا يترك بصماته؟ لبالغ الأسف، ان ذلك يتيح لنا الحفاظ على كرامتنا الذاتية. سنعرف على الأقل، اننا لم نكن كدمى تحركها خيوط، حمقى لا يعرفون ظروف حياتهم الساخرة. ومن جانب آخر، تحولت الانتخابات الى طقس يشبه طقوس عيد الفصح. شيء يتحتم المشاركة فيه، حتى بدون فرح زائد، وبدون تصديق أي صلاة – ولكن من خلال الشعور ببعض الاكتفاء من التقليد، الاستمرارية، القبلية، عيد حرية سعيد.
[email protected]
أضف تعليق