دون الخوض في الدوافع، والأهداف التي دفعت الأحزاب، والقوائم العربية في الداخل الفلسطيني إلى الوحدة التي تعتبر بحد ذاتها خطوة مباركة، وجديرة بالدعم، والمساندة لأنها حققت مطلباً لطالما تطلع الية الكثير من أبناء شعبنا في الداخل الفلسطيني لا سيما وإن هذه الوحدة قد أثبتت مدى وعي، وقدرة الأحزاب، والقوائم العربية في الداخل على الترفع، والتعالي عن الفوارق الأيدولوجية، والمصالح الحزبية الضيقة التي لطالما وقفت عائقاً أمام تحقيق الوحدة ليس فقط بين الأحزاب، والقوائم العربية في الداخل الفلسطيني بل بين أحزاب، وقوائم، وجماعات، وحركات سياسية في الوطن العربي، والعالم الإسلامي ككل، وذلك بالرغم من أن الوحدة بحد ذاتها كانت على مر الأزمان، ولا زالت مطلب المواطنين، والشعوب التي تمثلها هذه الأحزاب وهذه القوائم.
ودون الخوض أيضاً في مشروعية خوض الانتخابات من عدمه، ودون التطرق إلى الانجازات، والحقوق التي حققها خوض الأحزاب، والقوائم العربية في الداخل، وجلوسها في الكنيست الإسرائيلي، ودون التعرض لمناكفة عضو الكنيست هذا، أو ذاك، ومحاسبته على تقصيره، يجب أن يكون تحقيق الوحدة دافعاً للمواطنين العرب في الداخل الفلسطيني للتعالي على مواقفهم من الانتخابات بشكل عام من جهة، وعلى انتقاداتهم لهذا الحزب، أو تلك القائمة، أو هذا العضو، أو ذاك من جهة أخرى، ليس دعماً لفكرة خوض الانتخابات، أو تأييدا لديموقراطية إسرائيل، بل دعماً للوحدة لأنها هي أقوى سلاح للرد على العنصرية التي تجتاح إسرائيل في الظرف الراهن.
زد على ذلك وبما إن الوحدة أمنية كل عربي، ومسلم ليس على المستوى المحلي لكل قطر عربي، ومسلم بمفرده بل على مستوى العالمين العربي، والاسلامي بأسرهما، فالكل يعلم أن نفوس العرب، والمسلمين جميعاً تتوق لتحيق هذه الوحدة التي هي غاية لكي يتحقق من خلالها عز العرب، والمسلمين ولا يختلف عاقلان في أن هذا العز لن يتحقق إلا في ظل الوحدة.
من هنا وبما أنه لا يمكن لأحد أن ينكر أن الوحدة كوحدة بحد ذاتها خير حتى لو لم ترق في هذه الحالة وحدة الاحزاب، والقوائم العربية في الداخل للبعض لهذا السبب، أو ذاك، ويرى أنها خطأ، أو حتى خطيئة تبقى خير من الفرقة والتشرذم ورحم الله من قال " الاجتماع على الرأي الخطأ خير من التفرق على الرأي الصواب" وتبقى أيضاً أقوى سلاحاً من التفرق، والتشرذم الذي لطالما أذاقا أمتنا العربية، والاسلامية الويلات، وخير دليل على ذلك ما يحدث في الوطن العربي والإسلامي اليوم من حروبات، ونزاعات لا طائل من ورائها الا تفتيت الأمة ونهب مقدراتها، ومواردها، وقتل روحها قبل جسدها.
وجب على عرب الداخل دعم وحدة الأحزاب، والقوائم العربية في الداخل التي تجلت في القائمة المشتركة لعلها تكون نواة، ومثالاً، ونموذجاً يحتذى به في الوطن العربي، والإسلامي وإن كان هذه الدعم من خلال المشاركة في الانتخابات القريبة لأنه لا مجال لدعم هذه الوحدة في الوقت الراهن إلا من خلال المشاركة في هذه الانتخابات.
ليس لهذا فحسب بل لأن جميع العرب في الداخل يعلمون، ويشعرون من خلال حياتهم اليومية أن مجرد وجودنا الفعلي، والحسي في هذه البلاد حتى دون أن نحرك ساكناً يغيظ العنصريين والمتطرفين اليهود وهم شريحة كبيرة في المجتمع الاسرائيلي فكم سيزيد غيظهم عند ما يجلس لهم عدد كبير من الاعضاء العرب في الكنيست ليقولوا لهم في كل جلسة، وجولة نحن هنا بفضل وحدة جماهيرنا العربية التي ادعى أجدادكم عدم وجودها حين قالوا فلسطين أرض بلا شعب لشعب بلا أرض.
لا شك أننا جميعاً نريد الحفاظ على بقائنا في هذه البلاد، وعلى دوام حضورنا في أذهان هؤلاء المتطرفين لنزيد في غيظهم والذي سيزداد أضعافاً وأضعاف عندما يعلمون أن وحدة جماهيرنا غاية وانتخاباتهم وديموقراطيتهم كانت مجرد وسيلة لتحقيق هذه الغاية.
[email protected]
أضف تعليق