ينشر ايتان اوركيبي، استاذ علم الاجتماع والأنثروبولوجيا في جامعة اريئيل، مقالة في صحيفة "هآرتس" يدعو فيها اليمين المعتدل والليبرالي الى دعم القائمة المشتركة، ويكتب انه يجب على اليمين المعتدل والليبرالي بالذات، اعتبار تشكيل القائمة المشتركة خطوة مباركة. فلأول مرة تتوحد الاقلية غير اليهودية في إسرائيل، بدعم من جهات يهودية، في قوة سياسية موحدة وفاعلة. ومنذ الآن ستستبدل قوة سياسية ذات تمثيل برلماني حاسم، نموذج الأحزاب الصغيرة الهشة وعديمة الوزن، والتي كان الغرض الرئيسي منها اثبات وجود رمزي للمعارضة السياسية والهوية العدائية.
أولئك الذين يعتبرون وجود حزب عربي واسع، لا يمكن تجاهل وزنه البرلماني، بمثابة كابوس لليمين الإسرائيلي – يرتكبون خطأ كبيرا. في نواح كثيرة، يحقق صعود القائمة المشتركة أحد أكثر السيناريوهات الإيجابية لليمين المعتدل: إلى جانب التحدي التقليدي للقيم الأساسية للصهيونية، ستحتم القوة السياسية على قادة القائمة التوجه الى التفكير العملي، الفعال، الذي سيعرقل الحاجة للتعبير عن الحماس الأيديولوجي، ويحتم تحمل المسؤولية التنفيذية.
هذه بشرى سارة لجميع الذين يعتقدون أن الطريق إلى المساواة وتحسين العلاقات بين اليهود والعرب في إسرائيل لا تعتمد على لفتات رمزية كالاعتراف المؤسسي بصدمات الماضي، احتواء الرواية الفلسطينية في الكتب المدرسية أو التعاطف الثقافي مع المحرومين. وتكمن الطريق الرئيسية في خلق قنوات الحراك الاجتماعي، وزيادة القدرة على المساومة السياسية للأقلية الفلسطينية في إسرائيل، وإقامة علاقة مبنية على القوة الانتخابية، وليس فقط على شكل المصالحة والتسامح في المهرجانات السينمائية.
في المنظور اليميني، لا يعكس الموقف المطروح هنا سخرية مكيافيلية، ولا يخفي خدعة للاستقطاب. القائمة المشتركة لم تتزحزح ولو لمسافة متر واحد عن المواقف التقليدية للأحزاب التي تضمها، وليس هناك أي فائدة من الأمل بأن تترافق المسؤوليات البرلمانية بالاستعداد للانحناء أمام الهيمنة الأيديولوجية المسيطرة. يجب التخلي عن كل طلب يقضي بتخلي ممثلي العرب عن معارضتهم الأساسية للقومية اليهودية والصهيونية مقابل أي "تحسين" في أوضاعهم.
كلما كان من شأن التعصب والتطرف الديني لدى اجزاء من القائمة، التسبب بالارتداع، وكلما كان من شأن الموقف الأساسي المعادي للصهيونية تهديد البعض، ينبغي التركيز على الجوهري في المقام الأول بدلا من الهامشي: حاليا ليس مطروحا على جدول الأعمال أي نقاش من شأنه إحداث إصلاحات في هوية إسرائيل. صحيح أن خطاب المعارضة ينص على أن طريق التعايش الدائم والحقيقي بين العرب واليهود يمر عبر إلغاء طابع إسرائيل كدولة يهودية، والقضاء على "امتيازات" الأغلبية اليهودية. ولكن هذا الافتراض لا يمكنه أن يحرر الممثلين السياسيين للأقلية غير اليهودية من تحمل المسؤولية عن الوضع والسعي إلى تحسينه بالفعل. وهذا الادراك ترسخ في نهاية المطاف. هذه هي الرسالة التي تروج لها القائمة المشتركة الآن، والتهرب منها يعتبر تجاهلا للتحول التاريخي.
دعونا نقول: إذا كانت الأقلية الفلسطينية في إسرائيل بمختلف اتجاهاتها وأطيافها، على استعداد لوضع البعد التعريفي جانبا، للحظة، وإنشاء البنية التحتية العملية للتعايش، فانه سيكون على المركز السياسي في إسرائيل، واليمين المعتدل، الالتزام الأخلاقي بوضع "النضال ضد معاداة الصهيونية" جانبا، للحظة، والاستجابة للنداء . الطموح المعادي للصهيونية يعتبر علما أحمر بالنسبة للكثيرين في اليمين، ولكنه لا يتحتم استخدامه كجدار خرساني في مجال العمل السياسي. حتى لو كان البعض يرون في تصويت اليهود للقائمة المشتركة لفتة أبوية تظهر حسن النوايا تجاه العرب، فإن ذلك ينطوي على خطوة عملية لتخفيف احد التوترات الأكثر دموية في المجتمع الإسرائيلي.
لقد مد رئيس القائمة أيمن عودة في مناسبات لا تحصى يده، على أمل أن تجد صدى إيجابيا لهذا التحرك الثوري في مركز النظام السياسي الإسرائيلي. من المهم بالنسبة لي أن يعرف هو وناخبيه، أنه يوجد في قلب الإجماع الصهيوني القومي من يرى، من دون التخلي عن تماهيه مع مبادئ المعسكر القومي، في نجاح القائمة المشتركة مصلحة إسرائيلية عاجلة. لهذا السبب، أنا لا أنوي ترك اليد الممدودة لأيمن من دون رد.
[email protected]
أضف تعليق