تحت هذا العنوان يكتب البروفيسور كارتون بلوم، في "هآرتس" انه ترأس في مطلع التسعينيات لجنة الحكام لجائزة اسرائيل الأدبية. وكانت الحكومة في تلك الأيام هي حكومة يمينية ترأسها يتسحاق شمير، وكان زبولون هامر وزيرا للتعليم فيها. وقررت اللجنة التي ضمت خمسة أعضاء، بينهم استاذ الأدب العربي ساسون سوميخ، منح جائزة اسرائيل للنثر للأديب العربي – الاسرائيلي اميل حبيبي، وجائزة الشعر لأبوت يشورون. في حينه لم نسمع تحفظات، لا من السلطات ولا من الوزير هامر وموظفيه، ولا من جانب رئيس الحكومة. وتميزت الخطوة كلها بالفخر الجابوتنسكي للأناقة والاستقامة الأساسية، التي كانت تميز حركة حيروت في الماضي البعيد، تماما كالليبرالية والانفتاح التي ميزت حركة "همزراحي" و"بني عقيبا".
لقد اندلع الشغب خلال حفل توزيع الجوائز: فخارج القاعة انتظر انصار كهانا القضاة الذين اضطروا الى الدخول بحراسة رجال الأمن من الباب الخلفي. وداخل القاعة، عندما تسلم حبيبي الجائزة انفجر صراخ البروفيسور يوفال نئمان والنائب غيؤولا كوهين. ووصل الصراخ الى ذروته عندما قام البروفسور نئمان – الحاصل على جائزة إسرائيل - بالقاء شهادة جائزته على خشبة المسرح، باتجاه حبيبي. ووقف الجمهور، الذي كان يضم المتدينين ايضا، وردد هتافات تحقير ضد نئمان وكوهين دفعتهما الى الخارج. ولم يمنع الاحتجاج رئيس الحكومة من مصافحة يد اميل حبيبي، الذي اتهم في حينه بالتقاء قيادة منظمة التحرير الفلسطينية.
يمكن التكهن ان رئيس الحكومة شعر بنوع من عدم الارتياح خلال ذلك الموقف، لكنه حرص على الحفاظ على استقلالية لجنة الحكام وكرامة الجائزة، واحترام شروطها وفخامة الحدث. في ذلك الأسبوع، وقع الحائزون على جائزة اسرائيل على مختلف الاجيال على عريضة شجبت الاحتجاج الصاخب لنئمان وكوهين.
امام التدخل الفظ في الجائزة هذه الأيام، يبدو ذلك المشهد شبه خيالي. رئيس الحكومة اليميني ووزير التعليم الذي انتمى الى قيادة المعسكر الديني القومي، وعضو اللجنة المختص بالأدب العربي، يقفون معا ويسلمون الجائزة لعربي اسرائيلي وللشاعر ابوت يشورون، الذي اعتبر على مدار عشرات السنين، مقطوعا ومرفوضا بسبب ارتباطه بلغة المهجر.
كل الحديث العنصري الذي يمزق الصفوف حول "القبيلة البيضاء" التي تلعب بالجائزة وتنقلها من يد الى اخرى من منطلق "صديق يحضر صديق"، ليس فقط غير صحيح تاريخيا، وانما يعتبر مشوها. ما يهم تذكره في ظل هذا الحوار، هو ان الصهيونية ولدت من داخل الادب العبري. كما يقول الترمان في كتابه "احتفال الصيف" الذي يحتفي بالتعدد الثقافي الاسرائيلي.
ان الذين يقومون اليوم ضد مشروع جائزة إسرائيل الادبية، يهددون حرية التفكير والابداع ويتآمرون على اسس الصهيونية. وانا استغرب لماذا لم نسمع احتجاج اعضاء لجان تحكيم جوائز العلوم والمجتمع. من يتدخل اليوم في الشعر، سيتدخل غدا في المعادلة النسبية.
[email protected]
أضف تعليق