احتفل الجميع بعيد الحب الذي بات مع مرور السّنين مَبعثًا للتبذير غير المحدود، لاحقوا سطوع نجم الهدايا المحلّق في فضاء سخافاتهم، كي يدلّهم على بعض المحلاّت التجارية المتخصّصة بلوازم وهدايا عيد الحب، حتّى سلب تصميمها الأخّاذ عقول الكثيرين، فأخرجوا المال أو حتّى بطاقات الاعتماد من جيوبهم، ليدفعوا ثمنها، كي يقدّموها لزوجاتهم أو لحبيبتهم، "كعَربون" إخلاص لهنّ.
في عيد الحب يتخيّل البعض المرأة، أنها حاكمة بأمرها، تأمر خادمها... عفوًا زوجها بأن يشتري لها "كادو" بسيط، وكأنها طوال السنة محرومة من الهدايا في المناسبات العديدة! لكن لدى بعض الفتيات والسيّدات، عيد الحب يعزّز فيهن شهوة الأنا، بسبب جنية الأنوثة التي بداخلهن، فتجوع معِدة متطلّباتهن، فيطالبن أزواجهم بأن يتماشوا مع الرّومانسية الحديثة والمطوّرة!!
إن تكرار هذه الاحتفاليّة المستوردة سنويًّا، من أجل ترسيخ مفهومثقافة السّخافة، إذ تُفرَض على الرّجل وصاية نسائيّة، تُلزمه بتنفيذ المأموريّة الرّومانسيّة المصطنَعة،فنرى بعض الأزواج يغادرون منازلهم مُكرهين، ينتظرهم على أبواب القاعات وكلاء الفرح المادّي!فتَسمع وقْع أقدام مرحهمالمثقَل بالابتذال، تُحطّم أرض الضّجر التي انشقّت في هذه الليلة وابتلعت تفكير وتعب الزّوج بأعجوبة، لئلاّ تقول عنه زوجته أنه تقليدي ومتخلّف!رغم أنه غير مقتنع بملاحقة ظلال احتفاليّة غريبةعليه.
ما تبقّى من عيد الحب هو أفواه ما زالت تتحدّث عن تلك الليلة السّاحرة التي أمضاها بعضنا بعيدًا عن واقعنا الحقيقي الذي يفتقد للحب الحقيقي وهو محبّة الآخر... هكذا أدى الرّجل المسكين دور العاشق الذي تقمّصه قسرًا بمنتهى البراعة، إكرامًا لزوجة تُريد التّأكُد أنها ما زالت حبّه الوحيد والأزلي، ما زال رباط العلاقة الزّوجية قويًّا، وصلاحية الحب الذي يجمعهما، ما زال ساري المفعول.
الاحتفال المُبالَغ بهذه المناسبة، هو تجاهل أعمى للحب الخام الموجود في أعماق الوجدان، لأن طغيان التبذير الذي استفحل في نفوس البعض، جعل حب استطلاعهم يحتل كل شِبرٍ من المحلاّت التجاريّة...لذا أنصحبعض شبّان اليوم أنيفتحواحوانيتقلوبهمالمكدّسةبالمشاعر،لتقديسإله الوفاءوألاّيُلاحقواسنويًّا تجّارالحبالذينفتحوامتاجرهمالمكدّسةبالهدايا،تقديسًاللرّبحالسّريع، لكنّنا...لا نريد الاعتراف بوجود ثقافة السّخافة، رغمأنها طغت على عقول النّاس، تتحكّم بكل مجالات الحياة.
[email protected]
أضف تعليق