كلمتي ألتي ألقيتها في الذكرى الأربعين لرحيل ابن عمي كريم داهود ساحوري وذلك في يوم الجمعة 13 شباط 2015 في كنيسة يوحنا المعمدان الأرثوذكسية في حيفا

*كريم ... رحلتَ عنّا وجسدُك في الغُربة أما روحك فهي باقية*
لقد جاء في إنجيل يوحنا أنّ السيد المسيح قال" أنا هو القيامة والحياة، من آمن بي وإن مات سيحيا، وكلّ من كان حياَ وآمن بي فلن يموتَ الى الأبد". فالمسيحي يؤمن أنّ السيد المسيح أعطى مفهوماً جديداً عن الموت وعن الحياة بعده، فلم يبقَ الخلود رغبة الإنسان وحسب، بل هو أساساً مشيئة الله أيضاً. لم يكتفِ يسوع بأن أقام الموتى (ابنة يائيروس، وحيد أرملة نائين، ولعازر)، بل أراد الحياة لكل من يؤمن به: "من آمن بي وإن مات سيحيا".

أحبائي، أعزائي... ها هو اليوم الجمعة 13 من شهر شباط من العام 2015 أتينا واجتمعنا، بروح واحدةٍ، وبقلب دامعٍ، وبحسرةٍ وألمٍ، لنذكرَ ونتذكّرَ، عزيزَنا، أخينا، ابنَ عمنا، حبيبَنا، وفقيدَنا الغالي كريم داهود ساحوري. تجمّعنا في هذا المكان المقدس من كلّ حدبٍ وصوبٍ لنصلّي في كنيسة يوحنا المعمدان الأرثوذكسية في حيفا من أجل روح وراحةِ كريمِنا، وللمشاركة في قداس وجناز الأربعين راحة لنفس فقيدنا الذي رحل عنا بعيدا، بعيدا.. في الغُربةِ والمهجر بتاريخ 7 كانون ثاني من هذا العام في ولاية نيوجرسي الأمريكية. بعد صراع مريرٍ مع المرض ألذي ألمّ به، وأبى هذا المرض اللعين إلّا أن ينتصرعلى جسدِه الذي أنهكه، وأضعفه، فغلبه بعد علاجٍ وعراكٍ طويلٍ. فخطفه الموت وهو في قمةِ حياته وهو في ال 54 من عمره، وحرمه الحياة ألتي طالما أحبّها وأراد العيشَ كباقي البشر بكرامة في بيت دافيء الى جانب زوجته الغالية والمخلصة أمال، وابنه مارتين أطال الله بعمرهما. لقد غادر كريم الحياة حيث صادف أن عاصفة ضربت البلاد، البرد القارس، المطر الغزير. فعصف خبرُ موت كريم بالعائلة وبمحبيه، ووقع خبر وفاته كالصاعقة. ومما زاد الحزن والألم هو دفن جسد المرحوم، وإقامة مراسم الدفن في الغُربة. حيث لم تتمكن العائلة والأقارب، والأنسباء، من وداعه، ولمسِ جسده لآخر مرة، والبكاء على فراقه، ودفنه في مسقط رأسه، حيفا، الى جانب والديه المرحومين. ولكننا ودّعناه بالصلوات وبمشاركة مئات المعزّين وقامت العائلة بواجباتها الدينية والإجتماعية راحة لنفس المرحوم.

اذًا رحل عنا كريم حيث لا وجع ولا حزن، فليكن ذكره مؤبّد، فقد رحل عنا وجسده في أمريكا أما روحه باقية بيننا وحولنا. وذكراه، باقيةُ فينا وبيننا الى الأبد، حيث سنتذكّر روحَه الطيّبة، وابتسامته اللطيفة، وأخلاقه وانسانيته. لقد غادر كريمُنا الغالي حيفا قبل 14 عاما ليستقرّ مع زوجته الحَيفاوية ابنة عائلة ديبي وابنه في أمريكا باحثا عن أمل جديد، وتفاؤل في حياة أفضل بعيدا عن هذه المدينة ألتي عشقها، وأحبها، وقضى فيها أجمل أيام حياته، الطفولة، الشباب، الزواج، حيث العائلة والأحباء، والأقارب، والأصدقاء، والأنسباء.

يا كريم ابن عمنا الغالي... الأحباب، الأقارب، الأنسباء،الأصدقاء،يفتقدونك، أما أخواك: جريس الذي يعيش في الغُربة منذ سنين طويلة، ويوسف الباقي في حيفا يبكون غيابك، ويشتاقون الى رؤيتك.أما أخواتك عايدة، نجلاء، تريز، فيولا، وايفا يعتصرهم الحزن والحسرة على فراقك. فقد خسروا أحد أعضاء جسدهم، فألمهم واحد على فراق حبيب غالي، غادر الأرض للعيش في السماء فلك الرحمة ولكم من بعده طول بقاء.

فوداعا، وداعا... ابن عمي كريم، وداعا لا لقاء بعده، لقد فارقتنا الى الدار الآخرة مستعجلا للقاء الأحبّاء الذين سبقوك، من أهالي، واقارب. فسلّم على أهالينا وقل لهم أننا مشتاقون لرؤيتهم، مشتاقون لأيام ولّت ولن تعود، مشتاقون الى من ضحّى وبذل الغالي والرخيص من أجلنا، مشتاقون الى من أعطانا بدون مقابل، الى العطف والحنان، الى الحب والمحبة بلا حدود. قل لهم يا ابن عمي الغالي نحن لن ننساهم مهما طال الزمن ومهما طالت الأيام فهم في قلوبنا وعقولنا ذكرى وذكريات نحملها من جيل الى جيل.

وختاما.....

بإسمي وبإسم آل ساحوري، وآل ديبي، الأنسباء، والأقارب في البلاد والخارج أودّ أن أشكر كلّ من واسانا وشاركنا حزننا العميق على فقيدنا الغالي كريم، ولكلّ من قدّم واجب العزاء سواء في البيت أو في قاعة الكنيسة، ولكلّ من شاركنا صلواتنا في هذه الكنيسة المقدسة. أتمنى من الله أن يكون موت كريم خاتمة أحزاننا، فحن نؤمن أنّ الموت حق. فالسيد المسيح قال في انجيل يوحنا" أنا هو الطريق، والحق، والحياة"
فالوصول الى نعيم الله يتم بواسطة المسيح الذي يهب الحياة الأبدية لكل من يؤمن به.


الله يرحمه ويخلّي الموجودين، لا أراكم الله مكروها بعزيز
ابن عمك رزق ابراهيم ساحوري حيفا- 13.2.15
 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]