وأخيراً، جاءت خطوة منع دخول بضائع 6 شركات إسرائيلية كبرى إلى السوق الفلسطينية، لتؤكد أن الفلسطينيين قادرون على الرد على القرصنة الإسرائيلية المتكررة على الأموال الفلسطينية... القرارات التي اتخذتها اللجنة الوطنية للرد على الاعتداءات الإسرائيلية المتمثلة بوقف المستحقات المالية هي بداية حقيقية لفعل على الأرض، وبشكل مختلف عن السابق.
خلال السنوات الأخيرة، كان الاتجاه الوطني يصب باتجاه مقاطعة المنتجات الإسرائيلية، وخاصة منتجات المستوطنات، على قاعدة بناء ثقافة المقاطعة وتشجيع المنتج المحلي.
ولكن هذه المقاطعة كانت تتراوح بين مدّ وجزر، ففي الأوقات التي تتصاعد فيها الاعتداءات الإسرائيلية كالحرب الأولى والثانية والثالثة على قطاع غزة، أو اجتياح الضفة الغربية في بداية الانتفاضة الثانية، أو بعض المناسبات الوطنية تهبّ رياح المقاطعة بشكل قوي، ونلاحظ خلوّ كثير من المتاجر الفلسطينية من البضائع الإسرائيلية، ويلتزم كثير من التجار بهذه المقاطعة، فيما لا يلتزم البعض بالمطلق على قاعدة أنه لا يريد أن تقل ربحيته، أي أن المصلحة المادية أهم عنده من أي مفاهيم وطنية أخرى.
ولكن رياح المقاطعة القوية لا تلبث أن تخبو شيئاً فشيئاً لتعود الأمور إلى سابق عهدها.
هذه المرّة، الأمر مختلف تماماً؛ لأن المقاطعة كانت أمراً اختيارياً سواء على صعيد المواطن أو التاجر أو المستورد أو الوكيل... لكن القرارات الجديدة أساسها المنع، بمعنى أنه لن يسمح لمنتجات هذه الشركات الكبرى بدخول السوق الفلسطينية من خلال إجراءات حكومية ووطنية وشعبية وإعلامية متكاملة، ومن يخالف ذلك سيقع تحت طائلة المحاسبة.
اللجنة الوطنية تضم في عضويتها قيادات وطنية من منظمة التحرير الفلسطينية والفصائل الوطنية والنقابات والاتحادات الشعبية والقطاع الخاص ورجال الأعمال، وهذه تركيبة شاملة لمفاصل المجتمع الفلسطيني. القرارات التي أعلنتها اللجنة الوطنية الأسبوع الماضي سيتم تفعيلها من خلال الضابطة الجمركية كذراع حكومية، ومن خلال اللجان الشعبية في المناطق المصنّفة (ج).
ولهذا نحن بحاجة اليوم إلى إسناد جماهيري وإعلامي من أجل إنجاح هذا الفصل في سجّل المقاومة الشعبية الفلسطينية، وفي سجّل القدرة الفلسطينية على الردّ.
بل أبعد من ذلك، فإن اتفاقية باريس الظالمة، سيتم طرحها على اجتماع المجلس المركزي لمنظمة التحرير في جلسته القريبة المقبلة. وستكون هناك قرارات حاسمة بهذا الاتجاه.
ومع توقع اللجنة أن تكون هناك ردود فعل إسرائيلية تجاه خطوة المنع الفلسطينية، فإن الردّ على أي تصعيد إسرائيلي سيكون جاهزاً.. ولا يمكن أن نقبل كفلسطينيين أن تصبح قضية تحرّرنا واستقلالنا مجرّد بند في الدعاية الانتخابية الإسرائيلية.
وأمام هذا الجهد العظيم والمتقدم، فإن أصحاب المصانع الفلسطينية بحاجة إلى إعادة النظر في كثير من المفاهيم، وخاصة جودة المنتج التي يجب أن تراقب بحزم، وثانياً استيعاب عمالة جديدة توازي على الأقل حجم المنتجات الإسرائيلية التي ستمنع من دخول السوق، والنظر بجدية في رواتب العاملين والموظفين في هذه المصانع على قاعدة أن الربحية ليست أمراً مطلقاً للمالكين، ولكن هي جهود وطنية متكاملة.. إضافة إلى زيادة مساهمة هذه المصانع في المسؤولية المجتمعية.. هل سنتمكن من إحداث التوازن بين المنع وتشجيع المنتج الفلسطيني بأركانه التي تحدثنا عنها... سنرى.
رد من «الأوقاف»
الأخ والصديق خميس عابدة وكيل مساعد وزارة الأوقاف عقّب على مقالة الأسبوع الماضي التي جاءت بعنوان «خطبة الجمعة والكساسبة، وتحذيرات حماس من الجنون» قائلاً: إن الغالبية المطلقة من المساجد التزمت موضوع خطبة الجمعة التي كانت عن الأمن المجتمعي وتطرّقت إلى جريمة إحراق الطيار الكساسبة، وإن تجاوزات بعض الأئمة ستتم متابعتها، وفي حال أي تجاوز ستكون هناك محاسبة.
ونحن نؤكد للأخ الشيخ خميس عابدة ثقتنا الكاملة في الرجال الذين يعملون لمصلحة الوطن والمواطن وبناء هذا المجتمع بعيداً عن أفكار التطرّف أو الإرهاب على قاعدة أن الدين الإسلامي هو دين المحبّة والسلام والوسطية.
[email protected]
أضف تعليق