يكتب حاييم ليفنسون، انه من الضروري أن يكون المرء شديد السذاجة حتى يصدق بأن مالك الأرض المسجلة في الأراضي الفلسطينية، والذي ادار صراعا طويلا في المحكمة العليا لإخراج المستوطنين الذين غزوا ارضه، سيوافق قبل إخلاء الأرض على بيعها للمستوطنين.

على الرغم من ضآلة احتمال حدوث ذلك، فقد تكررت هذا السيناريو العجيب أربع مرات خلال العامين ونصف العام الماضية. فقبل لحظة من موعد تطبيق الحكم، يركض المستوطنون - بدعم كامل من مكتب النائب العام للدولة - إلى المحكمة العليا، ويدعون ان شركة "الوطن"، بادارة زئيف حفير (زامبيش) وبملكية جمعية "أمناه"، نجحت بتحويل الأراضي الى اسمها. في حالة "جفعات أساف" نجحت اللعبة بمنع تنفيذ الإخلاء. وفي "ميغرون" و"عمونا" – نجحت بتأجيله.

التحقيق الذي تجريه وحدة لاهب 433 والذي نشر عنه اليوم (الاثنين) وكشف الاشتباه بقيام ثلاثة مواطنين من سكان القدس بشراء اراض في المناطق الفلسطينية في الضفة الغربية بواسطة وثائق مزورة، يؤكد ما كان واضحا للجميع. فمن النادر جدا قيام الفلسطينيين ببيع الأراضي للمستوطنين، تماما كما ان المستوطنين لن يبيعوا أبدا الأرض للفلسطينيين. عندما تتواجد قطعة مصيرية كهذه، فان فرص بيعها في السوق المفتوحة تقارب الصفر.

في هذه الأثناء يتركز تحقيق الشرطة على المحامين الذين وقعوا على التوكيلات المتعلقة بالصفقات، والذين منع نشر تفاصيلهم الشخصية. احدهم يهودي والثاني من القدس الشرقية. ويعرف هذان بسبب صفقات الأرضي المشكوك فيها. لقد حددت المحكمة في السابق عدم موثوقية المحامي المقيم في القدس الشرقية. ورغم ذلك، فان مسجل كتاب العدل في وزارة القضاء لم يسحب رخصته.

المحامون هم طرف الجليد فقط. على الرغم من كون الصفقات تطرح علامات استفهام، فقد قال زئيف حفير، الامين العام لجمعية "امناه" ومدير شركة "الوطن" لصحيفة "هآرتس"، ان "الشركة لم تزور ولم تضلل، وكل فعالياتها تمت باستقامة وحسب القانون". لقد تم بناء الصفقات بشكل يسمح لحفير بالادعاء بأنه ضحية في حال اكتشاف التزوير، وانه استثمر افضل امواله في شراء الأرض، وفي نهاية الامر وقع ضحية. ولذلك سيدعي ان حق الفلسطينيين بالحصول على الأرض لا يقل عن حقه بالاستمتاع منها.

يمكن للتحقيق الجدي من قبل الشرطة محاولة تجنيد أحد المحامين كشاهد دولة، كي يكشف من طلب منه التزوير، ومن كان يعرف ومن الذي ارسل. هذه هي الطريقة الوحيدة لاختراق حركة "أمناه"، التي امتنعت الشرطة عن لمسها، رغم نشاطها.

الاعتقالات أيضا تثير تساؤلات بشأن قسم الالتماسات في النيابة العامة للدولة. فخلال السنوات الأربع الأخيرة، تحولت مديرة القسم، أوسنات مندل، الى بساط للمستوطنين، وعلى الرغم من فشلها مرارا وتكرارا في المحكمة - لم تحاول وقف انتهاك القوانين.

رغم ان علامات الاستفهام واضحة وراسخة، ورغم النتائج الاولية لتحقيقات الشرطة التي تؤكد الوقائع، انضمت الدولة الى طلبات المستوطنين بتأجيل والغاء اخلاء الأراضي بسبب الصفقات. حتى عندما تم اكتشاف التزوير، اختبأت الدولة وراء العبارة الغامضة "نحن نفحص الموضوع". في نيابة جدية كان يتوقع اولا فحص الصفقات، وبعد ذلك التعامل معها كحقيقية. ولكن لو كانت النيابة جدية لما كنا قد وصلنا الى هنا منذ البداية.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]