اختارت القائمة المشتركة لنفسها شعارا رئيسيا لحملتها هو "إرادة شعب" ، تجسيدا لحقيقة جلية ان الارادة الشعبية انتصرت وفرضت نفسها -ربما لأول مرة- فتجلت هذه الارادة على صورة تحالف سياسي في القائمة المشتركة.

كانت هنالك خيارات مريحة اخرى امام صانعي الوحدة (خيار القائمتين مثلا) ، حاولت اوساط متعددة بدوافع مختلفة تسويقه وتزيينه والترويج له، حُشد لذلك استطلاعات الرأي وحملات اعلامية منظمة وعقدت اجتماعات ، معلن وغير معلن عنها ، ولكن عبثا حاولوا وانتصرت الارادة الشعبية .

واليوم تهاجم القائمة المشتركة من زاوية انها تحقيق لمصالح حزبية وشخصية وليس استجابة لإرادة الشعب . على أي حال فان معالجة هذا الادعاء وتقييمه ليست في نوايا الاحزاب ودوافعها، وهل ابتغت بالوحدة وجه الله تعالى وتجردت من مصالحها (ندع الخلق للخالق) ولكن في النظر في دلالات الخطوة وتوابعها وأثرها حاضرا ومستقبلا على شعبنا الفلسطيني في الداخل.

ما حاولت القائمة المشتركة ان تعبر عنه في شعارها الرئيس ليس فقط ان "ارادة شعب" تقف خلف ولادة القائمة ، وانما اننا نحتاج الى "ارادة شعب" من أجل ان نُنجح التجربة الفريدة خدمة لحاضرنا ومستقبل أبنائنا وشعبنا الفلسطيني وربما أمتنا بأسرها ، نحن نقدم نموذجا وحدويا لشعب فلسطيني منقسم على نفسه ، ولأمة عربية تفتتت شعوبا وقبائل وطوائف ودويلات.

"ارادة شعب" قد تتجلى في حشد خمسمائة الف صوت للقائمة المشتركة ، وربما الاهم ان تتجلى "ارادة شعب" في اقتحام مجالات النضال ضد العنصرية والتمييز وسلب الحقوق والاحتلال والاعتداء على حياة الناس ومقدساتهم وكرامتهم ومعاشهم من قبل سلطة فاشية تتجمَّل بمظاهر الديمقراطية وحقوق الانسان وهي منه براء.

"ارادة شعب" وسيلتنا للتأثير والتغيير في مجتمع متخم بجراح العنف والجريمة المنظمة ، "ارادة شعب" قيمة تربوية وثقافية لشعب طالما أُريد له أن يقبل الخنوع والخضوع والاستسلام للتخلف والفشل والهزيمة.

"ارادة شعب" هي التي تصنع الشعوب والمجتمعات الانسانية وتنتصر لقضاياها وتمنع الارتكاس في احضان التمزق والتشرذم والطائفية والعنصرية والكراهية.

أي خيار آخر أمامنا غير أن تكون لنا "ارادة شعب" في قائمة مشتركة تعبر عنا وعن قضايانا وتشتبك مع من يسعى الى عزلنا وسلب حقوقنا وكسر ارادتنا ، هل نجحت قوى سياسية معتبرة بتقديم بديل او حل لواقع مركب ومعقد بغير الاطار العام والوسائل المتعارف عليها قانونا وعرفا. هل نجحت قوى سياسية بتشكيل قائمة بديلة جديرة تعبر حقا عن جماهير شعبية تمثل فسيفساء المجتمع العربي في الداخل وكفاءاته وخبراته وأطره السياسية والمجتمعية الفاعلة.

لا ادعي ان القائمة المشتركة فوق النقد والمراجعة والتصويب ، ولكن كل ذلك ينبغي ان يكون في اطار التمسك بمشروع الارادة الشعبية وتعزيز هذه الروح والاحتكام اليها، لا الفتّ في عضدها في وقت تواجه القائمة المشتركة أعتى دعاة الكراهية والفاشية والعنصرية وموقدي الحروب وهي تموضع نفسها كقوة سياسية ثالثة في الكنيست.

مطلوب من القائمة المشتركة ان تقدم جديدا وقبل موعد الانتخابات ، على مستوى الاداء السياسي والشعبي العام وان تنفتح على أوسع الشرائح والكفاءات العلمية والمهنية والسياسية التي تدعم مشروع القائمة المشتركة ، مستفيدة من هذه الطاقات في صياغة وتنفيذ برامجها ومبادراتها. كم ينبغي للقائمة المشتركة ان تحدد موقفا اكثر وضوحا وجدية من لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية بصورة تعهد لاستكمال بنائها وتقديم دعم مادي حقيقي وتوفير الكفاءات الضرورية لتطوير ادائها وتعزيز دورها.

ان من شأن هذه الاجراءات والمواقف ان تعزز الثقة بمشروع القائمة المشتركة ودورها المستقبلي ، وان تحدث التوازن المطلوب بين ميداني العمل البرلماني الرسمي في الكنيست والعمل الوحدوي الشعبي والمؤسسي من خلال لجنة المتابعة، ولكليهما نحتاج الى " ارادة شعب " مؤثرة ومتفاعلة مع الحدث ومستجيبة للتحديات.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]