رويدا رويدا برفقة الزميلة خلود مصالحة سارت بنا السيارة مرتفعة إلى أقصى جبل الطور الذي تقع دبورية في السفح الغربي له، في منتصف الطريق تتوقف السيارة وننزل منها للإطلاع على هواة الطيران الذين يقومون بالطيران بالطرق البدائية، فهم يطرون من أعلى جبل الطور فوق دبورية وصولا إلى سهل مرج بن عامر، وفي أعلى الجبل تتربع كنيسة تطل على مدينة الناصرة بارتفاع 200 متر، تعتلي 4 مساجد تعلو سوف جبل الطور وسط بيوت دبورية.
تحكي اللوحات والكتابات التي تتضمنها جنبات الكنيسة قصص تراثية ودينية للتعايش الإسلامي المسيحي، وبينها أن المسيح قف من جبل القفزة أو الوثبة وسط مدينة الناصر إلى جبل الطور في دبورية المطلة على الناصرة.
وفي أعلى جبل الطور تتحرش الغيوم بأعلى الكنيسة الوادعة، ويداعب الهواء الزائرين هناك، حيث يحضر السياح من مختلف مناطق العالم لمشاهدة المكان الذي حضر إليه المسيح عليه السلام. فيما يحفظ سكان المنطقة قصص من التعايش الإسلامي المسيحي، وكيف استغل المواطنون الفلسطينيون هناك حصانة الأماكن الدينية المسيحية وكيف احتمى السكان هناك حتى انتهت حرب العام 1948، وبعد ذلك عادوا إلى قراهم وحافظوا على وجوهم فيها.
انحدرنا بعد جولة في جبل الطور باتجاه بلدة دبورية، طلاب المدارس يخرجون من مدارسهم استعدادا للعودة إلى المنزل، يبسمون ويمرحون، ترى وجوههم مليئة بالأمل وحب الحياة، يبتسمون للزائرين القادمين لقريتهم وهم يدركون تماما أنا لسنا من أهل القرية فهم يعرفون بعضهم بعضا.
يحسن أهلها استقبال ضيوفهم فيها، حيث تناولنا طعام الغداء مع عائلة الزميلة خلود مصالحة وتحدثنا كثيرا عن تحديات وصعوبات الحياة والعلاقة بين الفلسطينيين من أبناء الضفة الغربية والداخل الفلسطيني.
شاهدت إصرارا على العمل والصمود في وجه أم أحمد تلك الحاجة التي قضت جل عمرها في دبورية ونجحت في تربية أبنائها ليكونوا من أفضل أبناء دبورية إنهم أحمد وخولة وخلود، وهي تواصل عاملها اليوم ولكن بطريقة أخرى فهي تفضل قضاء جل وقتها في المسجد الأقصى المبارك والصلاة هناك لحمايته من محاولات استهدافه المتكررة.
سريعا غادرنا دبورية وسارت بنا السيارة على الجهة الشمالية لمرج بن عامر مغادرين تلك السهول الخضراء التي لا يضاهيها في الجمال مكان في العالم، باتجاه مدينة الناصرة متوجهين للعمل هناك، وكان في استقبالنا مديرة موقع بكرا الأستاذة غادة الزعبي التي كانت منهمكة في العمل والترتيب لمقابلات إعلامية تمهيدا لانتخابات الكنيست وهي على الأبواب، وكان طاقم موقع بكرا يعملون كخلية نحل سويا من أجل الخروج بأفضل تغطية إعلامية تليق بعرف الداخل وبناصرة البشارة، كنت أنا أقلهم علما بتفاصيل الانتخابات الإسرائيلية، لكنني حاولت متابعة ما يقومون به، للمرة الأولى أرى كيف يعمل زملائي الذين اقتصرت علاقتي معهم على الاتصالات الهاتفية واللقاء بهم عند قدومهم لزيارة مدينة رام الله.
وفي ساعات المساء اصطحبنا الزميلان وائل عواد وبكر زعبي في زيارة لمدينة حيفا تلك المدينة الفلسطينية الجميلة، ولعل الحي الألماني والحدائق البهائية كانت من أجمل ما رأيت في تلك الزيارة، فهو حي مضاء بشكل جميل، تعلوه حدائق البهائيين التي لا يمكن وصفها سوى أنها قطعة من الجنة.
ودعني صديقاي وغادرت إلى الحافلة في المحطة المركزية بعد أن حضعنا لتفتيش دقيق، ولحسن حظي جلس بالقرب مني الشاب جونثان منصور القادم من ألمانيا حيث ييسكن هناك مع عائلته، في زيارة إلى حي أم الجمال في مدينة حيفا مسقط رأس عائلته، وتحدثنا كثير عن نضال المسيحيين ومساعيهم للحفاظ على الوجود العربي في حيفا، وتحدثنا عن كثير من القصص أبرزها تحويل كنيسة حي أم الجمال إلى سكن للعائلات عبر تقسيمها من الداخل من أجل الحفاظ على الوجود الفلسطيني هناك ابنان سقوط حيفا في العام 1947، ساعتين حتى وصولنا إلى المحطة المركزية في مدينة القدس وهي رمز للتميز العنصري وسارعت لمغادرتها عائدا إلى منزلي في بيت إكسا شمال غرب القدس المحتلة.
[email protected]
أضف تعليق