تشكيل لجنة تحقيق للنظر في الكاريكاتير الخاص بالكاريكاتوري محمد سباعنه أعاد من جديد قضية النظر في حرية التعبير والإبداع أو محاولة الإبداع في المواجهة الدائرة مع صحفيين وكاريكاتوريين في مسألة الاساءة إلى النبي محمد. والرسم، الذي تم تشكيل اللجنة بأمر رئاسي، وهو أولا: محاولة للمواجهة من نفس جنس الفن الذي قامت به مجلة شارلي ايبدو وغيرها وهو يهدف بها تجنب العنف وجريمة القتل والحرق التي انتهجها متطرفون في هذا الصراع. وثانيا: محاولة " الرسم الكاريكاتوري الذي قدمه سباعنه" لم تخرج عن الصورة التي قدمها المسلمون التقليديين للنبي محمد في افلامهم المتمثلة بنورٍ يضيع المكان الذي يجلس فيه، أو في وجه من يحاول الحديث معه.

أعاد الرسم ذكريات حضور "فلم الرسالة" الذي عرض في بداية الثمانينات عندها كنا صغارا، في قاعات السينما، حينها تساءل الجميع بحيرة عن كيفية تحرك سيف علي ابن ابي طالب أثناء المبارزة ليقتل احد الكفار دون رؤية جسد له، وحينها لم نرَ احدا من الخلفاء الراشدين، لكن في العام الماضي تم تجسيد شخصية عمر بن الخطاب في مسلسل، وقبلها عرض مسلسل لسيدنا يوسف تم تجسيد شخصه وشخص سيدنا ابراهيم وأبناءه الانبياء.

أتفقُ مع الكثير للتخوفات من مسألة تجسيد الشخصية حتى لا يأخذ رمزا. وبالتأكيد هذا المقال لا يتسع لنقاش فقهي وهو بالأصل غير مخصص لذلك بل هو مخصص لإعمال العقل في تصرفات البشر، والنظر في مخاطرٍ كامنة في قرارٍ أو عملٍ قد تعود بالسلب على أية محاولة ابداع أو ابداع يمكن أن يقوم بها شخص للخروج من شرنقة العنف أو النزوع نحو التطرف في الرد أو التصدي لإساءة من طرف ما للرموز الدينية أو الوطنية.

التخوف الاهم في هذا المقال هو منح أو فرض سلطة تقرير للمؤسسة الدينية في مسألة الرسم أو العلاقات الإنسانية هذا التخوف نابع من تصرفات كتلك التي ذهبت لفصل زوج عن زوجته قبل عدة سنوات بسبب الانتماء للطائفة الاحمدية. كما حصل ايضا في مسألة نصر حامد ابو زيد في مصر في سنوات التسعينيات بتكفيره وتطليق زوجته. وكذلك التخوف على سلامة شخص سباعنه من أي شخص يخرج لقتله لأنه يمتلك فتواى داعشية، وهي كثر، ليتولى حكم الله في خارج عن الملّة، وهم بالتأكيد لا ينظرون لرأي المؤسسة الدينية الرسمية، سواء أقرت اللجنة عدم الاساءة أو الاساءة في رسمه.

شخصيا لا اخاف على سباعنه إذا تم وقفه عن العمل وان كان تعسفا، فلن تتقطع به السبل لسبب بسيط لأنه فنان رائع ومبدع له القدرة ليس فقط على العيش بل على العمل في اماكن متعددة. لكن الخوف من هجرة المبدعين من فنانين وكتاب وغيرهم، ومنع الابداع والمبادرة والابتكار، والخوف الاكبر أَن نزرعَ زمناً للخوف.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]