بودّي أن أتوجه إلى المواطنين العرب في إسرائيل انطلاقًا من الشراكة في المصير: فنحن شركاء في التطلعات والأماني، وفي المسؤولية الملقاة على عاتقنا بأن ننقل الحكم والسُلطة يوم الانتخابات من حكومة معسكر نتنياهو القومي المتسلط إلى حكومة هيرتسوغ السلامية الديمقراطية.
برأيي، أن اختيار تسمية " المعسكر الصهيوني" ليس مبهرًا- ليس لأنني لست صهيونيًا، بل لأن في هذه التسمية إقصاء لشركائي المحتملين، مواطني إسرائيل العرب.
ومع ذلك، فإنني أرى في هذا الاختيار- وأعرف أن هيرتسوغ وليفني تخبّطا قبل التصديق عليها- خطأ بحسن قصد ونيّة. فقد كان الاختيار مبنيًا على فرضية مفادها أن جمهور الناخبين الذي يتوجب تغيير أنماط تصويته، هو الجمهور اليهودي من المركز فيمينًا، لأن الصهيونية في نظره هي عنوان جذاب. وفي هذا الاختيار أيضًا فرضية مبيّتة مفادها أن تشابه المصالح بين المعسكر اليهودي العقلاني ومواطني إسرائيل العرب هو أمر بالغ الوضوح، إلى درجة أن عنوان اسم المعسكر لن يؤدي إلى الفصل بينهما.
إنني واثق من أن مواطني إسرائيل العرب يتحلون بما يكفي من الحكمة ليدركوا الشراكة في الأهداف مع المعسكر الصهوني- ليس لكونهم صهاينة، بل من منطلق تشابُه المصالح مع هذا المعسكر. وأنصح هيرتسوغ بأن يضمّ إلى حكومته وزراء ونواب وزراء من أوساط العرب في إسرائيل، لأن خبراتهم في ميادين كثيرة، كالتربية والتعليم ( البروفيسور فيصل عزايزة) والصحة ( د. بشارة بشارات) والداخلية والرفاه ( زهير بهلول) والعلوم ( البروفيسور حسام حايك) وغيرهم- كبيرة.
أن الصهيونية، حسبما تشكلت في أدمغة مؤسسيها، لا تقصي العرب عن حقوقهم ومكانتهم. فالصهيونية الحقيقية قد وضعت نصب عينيها هدف بناء بيت سياسي لليهود هنا، إلى جانب العرب وبالشراكة معهم. ولا يتعيّن على مواطني إسرائيل العرب الراغبين بالعيش بسلام ومساواة مع يهود إسرائيل- أن يكونوا صهاينة، لكن بمقدورهم التعاون مع الصهاينة العقلانيين.
في كتابه الذي يحمل عنوان " المؤسسون الخمسة للصهيونية" يستعرض " بن تسيون نتنياهو ( والد بينامين نتنياهو) الأفكار والنظريات الصهيونية الخاصة بهرتسل، بينسكر، نورداو، جابوتينسكي وزنغفيل. وهؤلاء الخمسة حاولوا إنشاء حراك يهودي يهدف إلى الاستقلال السياسي، واثنان منهم فقط، هرتسل وجابوتينسكي، توصّلا إلى الاستنتاج القائل بضرورة بناء مجتمع مشترك للعرب واليهود.
لقد صاغ جابوتينسكي الصهيونية في مقال عنوانه " على الجدار الحديدي"، إذ كتب يقول: " ليس من أجل اليهود فقط، بل من أجل جميع الشعوب، وعمادها مساواة بالحقوق لكافة الشعوب". ويتصور بطل هرتسل في رواية " الطنويلاند" إسرائيل سويةً مع رشيد بيه العربي، فيقول معه: " أنا وصديقي لا نفرّق بين بني البشر. نحن لا نسأل الإنسان عن العرق والديانة التي ينتمي إليهما. فهو يجب أن يكون إنسانًا، وهذا كل شيء من ناحيتنا". ولقد كانت غاية ممثلي الاستيطان العبري والحركة الصهيونية المتعددي المشارب والتيارات – من وثيقة الاستقلال: " مساواة تامة في الحقوق الاجتماعية والسياسية لكافة مواطنيها، دون تمييز في الدين أو العرق أو الجنس".
أنني أطلب من أولئك المواطنين العرب المستعدين للسعي لتغيير الحكم- أن يمنحوا أصواتهم لهيرتسوغ، أما أولئك المواطنون العرب الذين تبدو لهم هذه الطريق شاقة، فإنني أطلب منهم المشاركة في الانتخابات والتصويت للقائمة العربية الموحدة، من أجل ضمان كتلة مانعة. وبمقدور هذه القائمة أن تتعاون مع حكومة سلام، من داخلها أو من خارجها، لرفع نسبة الحسم التي ربّما تحول دون دخول أحزاب قومية متطرفة للكنيست. هذه ليست مصلحة صهيونية فحسب، بل هي مصلحة مشتركة لكافة مواطني إسرائيل العقلاء، العرب واليهود، الذين يرون في حياتنا المشتركة في دولتين لشعبين- بداية الحلّ.
[email protected]
أضف تعليق