يكتب المحلل العسكري في "يديعوت احرونوت" اليكس فيشمان، ان هناك من قرر القاء عود ثقاب داخل برميل بارود، وينتظر الان رؤية ما اذا سينفجر ام لا. هذه هي تجربة كيماوية خطيرة عشية الامتحان النهائي: الانتخابات الاسرائيلية. فقد اغتالت مروحية وصواريخ مجموعة من نشطاء الارهاب اللبناني والايراني في مرتفعات الجولان، ويسود الآن التأهب: هل سيرد حزب الله ام سيتجاوز ذلك؟
هناك عدة شركاء لهوس الاحراق هذا. فحزب الله، ويمكن الافتراض بمساعدة مباشرة من ايران وبتوجيه منها، كان ينوي تنفيذ سلسلة من العمليات ضد إسرائيل في مرتفعات الجولان، كي يجدد ميزان الردع امام الهجمات المنسوبة لسلاح الجو الاسرائيلي. اما الايرانيين والسوريين فقد استنتجوا انه لم يتم ردع إسرائيل على الجبهة السورية وانها تعمل بدون قيود، ولذلك يجب اعادتها الى التلم بواسطة حزب الله، او بكلمات اكثر دقة، بواسطة جبهته في الجولان، حيث سيطر تنظيمه هناك بقيادة جهاد مغنية، على مواقع في عدة قرى، بعضها درزية.
لو تم تنفيذ العمليات المخططة لما كان بمقدور إسرائيل تجاوزها، خاصة عشية الانتخابات. وكما يبدو فان الصاروخين، امس، استبقا ذلك. قد تكون هذه العملية انتهت بالنجاح، ولكن المريض – الوضع في الشمال – يزداد تدهورا.
واذا افترضنا ان التقارير السورية واللبنانية صحيحة، فان الجبهة الشمالية وصلت الآن الى نقطة الغليان، ربما الاكثر تفجرا منذ اندلاع الحرب الاهلية السورية. بعد اربعة أيام فقط من اللقاء الصفيق الذي منحه الامين العام لحزب الله لشبكة الميادين اللبنانية، والذي هدد من خلاله إسرائيل بسلاحه الجديد، احتلال اجزاء من الجليل ورد جبهة المقاومة على الهجمات في سوريا، ترفع اسرائيل في وجهه الاصبع الوسطى: ها قد قتلنا عددا من قادتك في سوريا، فأرنا الآن ما الذي يمكنك عمله.
إسرائيل الرسمية تصمت، على أمل ان يفضل الجانب الثاني ابتلاع الحبة المريرة. لقد نجحت هذه اللعبة جيدا مع السوريين. بعد تفجير قوافل الاسلحة المعدة لحزب الله، ولكنها تنجح بشكل اقل مع تنظيم نصرالله. والدليل على ذلك مهاجمة حزب الله في آذار 2014 لدوريات الجيش في الجولان ومزارع شبعا، ردا على اصابة بعض قادته. وبأعجوبة فقط انتهت تلك العمليات بدون قتلى.
ما حدث امس، يبدو وكأنه يستمد من تدريب للجيش على سيناريو يصف تصعيدا على الجبهة الشمالية، وهكذا يمكن ان يظهر مثل هذا الحدث: اسرائيل تنفذ عملية اغتيال ضد مسؤولين في حزب الله، بينهم شخصية رمزية – كابن مغنية، وعندها تبدأ لعبة الحرب: حزب الله يرد بإطلاق النار على الجولان، وتنفيذ عمليات ضد الجيش الاسرائيلي على حدود لبنان او سوريا، او الأسوأ من ذلك، اطلاق صواريخ على اسرائيل. وعندها يمكن للجيش ان يرد بصرامة او بشكل رمزي يلمح بأنه يريد انهاء جولة التصعيد. لكنه يمكن للسيناريو ان يتدهور، ويصل الطرفان الى القتال خلافا لمصلحتيهما في الحفاظ على الوضع الراهن.
من الواضح للجانبين ان المواجهة ستحدث، والسؤال هو متى؟ هذا العام، او بعد ان تتضح الصورة في سوريا. هذا السيناريو الذي بدأ الفصل الاول منه يحدث امام ناظرينا، يثبت التشابه بين جبهة الجولان وجبهة غزة. تماما كما في غزة، يحدث هنا الآن: في الجانب الثاني لا وجود لجيش نظامي، ولا للأمم المتحدة، وليس هناك من يتم تقديم شكوى اليه، وكما في غزة يوجد في الجولان سياج حدودي وكتيبة واسعة مع معدات لجمع المعلومات والمراقبة. كما ان طرق الحرب في الشمال تشبه غزة: اغتيالات مركزة. لقد اغتالوا جهاد مغنية بواسطة منظومة سلاح موقعة ببصمات يد علنية: مروحية عسكرية او وسيلة طيران اخرى.
ورغم ذلك هناك فارق دراماتيكي بين غزة والجولان، وهو يكمن في قوة المواجهة. فالقوة التي راكمها حزب الله هي التي تحقق هذا الفارق. من قرر تنفيذ الهجوم امس، من الواضح انه تكهن بأن مصلحة حزب الله الذي امتدت اذرعه الى كل الجبهات، هي الرد بشكل معتدل. ربما يكون محقا ام لا. فالاستخبارات لا تعتبر معلومات دقيقة.
[email protected]
أضف تعليق