لم نعد في حاجة الى تنظير مطول، نناشد في ختامه، أحزاب جماهيرنا العربية الفلسطينية في الداخل (48) أن تنجز بسرعة قائمة موحدة تدخل بها انتخابات الكنيست 20 لكي تتفرغ جميع هذه الأحزاب، خلال المساحة الزمنية الضيقة المتبقية، لتحشيد الناخب العربي الفلسطيني، وتنبيهه الى مخاطر اللامبالاة والاستنكاف عن المشاركة في العملية الانتخابية تحت أية أعذار سياسية او أيديولوجية. ونقول بكل وضوح، إن أحزاباً وشخصيات، كنا نظنها ستكون إيجابية وسلسة على هذا الصعيد؛ بدت في الآونة الأخيرة، بخلاف ما كنا نظن.

ونحن، هنا، لا نذهب بعيداً في توقعاتنا للأسباب، ولا نتهم أحداً بشيء، وإنما نقول للقوى والأحزاب وللطيف العربي الفلسطيني بمسلميه ومسيحييه، إن العنصريين الصهيونيين، يستهدفون حياتكم ومستقبلكم جميعاً، ويدقون الأسافين بينكم، ولن يستثنوا منكم أحداً إن نجحوا في مخططهم. ولم يعد خافياً إن مخطط هؤلاء هو أن تتكسر أحزابكم آحاداً، وتعلمون إنهم لهذا السبب، زجوا بكل ثقلهم لتغيير نسبة الحسم من 2% الى 3.25% وكانوا يراهنون على عجزكم عن استبصار المشتركات بينكم، وعلى عدم قدرتكم على وضع خطوط عامة وملزمة للجميع، لمصلحة الجماهير العربية الراسخة والمستهدفة في وطن الآباء والأجداد. إن دخولكم المعترك بقائمة واحدة، هو الطريق الوحيد لاجتياز نسبة الحسم الأعلى، التي ربما لا يجتازها أي حزب منفرداً!

لا يختلف اثنان، على أن خلافات أقطاب الأحزاب العربية محض شخصية أو ذات علاقة بمصالح ضيقة. ولا يقل هذا سوءاً عن التذرع بالخلاف الأيديولوجي والدعوة الى مقاطعة الانتخابات. ففي وسعنا أن نحسب الربح والخسارة من خياري المشاركة والمقاطعة. ففي حال الثانية ستكون الكتلة الشعبية العربية قد اقصت نفسها بنفسها، عن محفل يتعاطي في شؤون حياتها ومصيرها. وإذا أفادت المقاطعة المتسربلة برأي ديني، اصحابها المفوهون، على صعيد الخطابة المزلزلة من فوق المنابر؛ فإنها ستفاقم اوضاع الكتلة العربية، وستؤذيها بحرمانها من تمثيل مستحق يساوي حجمها. وبمفردات السياسة، بات الموقف اليوم في إسرائيل، أن اليمين العنصري يتخبط في مشكلاته الداخلية، لكنه يرفع وتيرة التطرف ضد الفلسطينيين والعرب، وبات الجنون في العداء والدعوة الى الكراهية، من أهم عدة النصب وخشبة الخلاص من موج بحارهم الهائجة. اليوم، يوجد لدى العنصر العربي الفلسطيني الفرصة لأن يحظى بتمثيل قوي، يكون الرابع في ترتيب القوى في "الكنيست"من حيث عدد المقاعد، وهذا مفيد وليس صحيحاً الافتراض النظري بأن وجود تمثيل عربي فلسطيني في "الكنيست" سيكون بمثابة ورقة التوت التي تغطي عورة الديموقراطية. إن أمريكا هي شجرة التوت كلها، والمحتلون ليسوا في حاجة الى ورقة توت عربية، لكن العرب في أرض وطنهم مضطرون لحضور منتدى البت في قضايا حياتهم، بحجم نسبتهم من السكان.

لينظر قادة الأحزاب العربية في الداخل، الى ما حدث في الانتخابات المحلية، عندما فشلت الأحزاب في التفاهم على القائمة الواحدة التي تعمل برؤية تختلط فيها التنمية والحفاظ على الهوية الوطنية وثقافتها، بالسياسة التي يتوجب على حكومة إسرائيل ان تتبعها للوصول الى تسوية متوازنة. ولما فشلت الأحزاب، فازت العشائر والأسماء المستقلة، بل تداعت هذه النتائج لتصبح الأحزاب أبعد عن الناس وعن قواعدها الاجتماعية.

في المناسبة الانتخابية يوم 17 آذار المقبل؛ هناك جموح لدى العنصريين للمزيد من الاستقواء في "الكنيست" الجديدة، على الجماهير العربية والتصعيد معها والاستمرار في سياسات التخوين لها وكأن الدولة المارقة تستحق موالين من قومية المظلومين للدفاع عن سياساتها ضدهم وضد البئية الإقليمية وضد العالم!

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]