المتابع لما يجري من تحركات للأحزاب والقوى الفاعلة على الساحة السياسية في وسطنا العربي لا يفوته انه ولأول مره منذ مشاركة الاحزاب العربية في الانتخابات للكنيست هنالك تحرك جدي من قبل هذه الاحزاب لخوض الانتخابات ضمن قائمة انتخابية واحدة.

لا يخفى على احد ان هذه المحاولات للأتحاد ضمن قائمة واحده تأتي كنتيجة مباشرة لرفع نسبة الحسم قبل عدة اشهر، الامر الذي وضع جميع القوائم العربيه الممثله في الكنتيست ضمن دائرة الخطر وامكانية ان تجد نفسها دون تمثيل في الكنيست المقبله، اذا فالوحدة بالنسبة لهذه القوائم ينطبق عليها القول "مجبر اخاك لا بطل".

فقضايا الوسط العربي وهمومه الكبيره التي يعيشها في هذه الدولة ومناداته على مدار السنة طويلة لم تفلح بما فلحت به نسبة الحسم.

لقد صدعتنا هذه الاحزاب وعلى مدار سنوات طويلة بضرورة التعددية وان الفجوة كبيرة جدا بين الاحزاب من الناحية الايديولوجية مما يمنع تكتلها ضمن قائمة واحده تحمل امال وهموم الجماهير العربية وتعمل على تحقيق حلمه في العيش بحريّة وكرامة فوق ارضه، وها هي تهرول اليوم نحو التكتل في قائمة واحدة ونرى ان جميع المعوقات الفكرية والايديولوجية واختلاف الطرح وضرورة وجود التعددية، كل هذه الادعاءات والتي كانت بمثابة ورقة التوت سرعان ما سقطت جميعها واصبحت الطريق سالكه امام قائمه حزبيه انتخابيه واحدة بعد رفع نسبة الحسم, وهنا نتسائل :"الم تكن قضايا الجماهير العربية ومعاناته المتواصله ونداءاته المتكرره للاتحاد ضمن قائمه عربيه واحده اولى ان يتم الاصغاء لها وعدم الانتظار الى ان تفرض عليهم نسبة الحسم هذه الوحده؟ .....

نعم ان الوسط العربي يطالب بقائمة عربية واحدة تمثله وتحمل همومه وتطرح قضاياه في كل محفل لكن هذه القائمه ولكي يكتب لها النجاح يجب ان تمثل جميع شرائح المجتمع دون استثناء او اقصاء لاي طرف, وعلى القائمين على مشروع القائمه المشتركه ان يصغوا جيدا لصوت الجماهير العربيه وان يتناغموا معها اذا كانوا يريدون لهذا المشروع ان يكتمل وان يحقق النجاح الذي نصبو اليه. اما اذا كان الهدف هو خوض الانتخابات المقبلة ضمن قائمة مشتركه تقتصر على الاحزاب الممثلة في الكنيست الحالية من اجل تفادي نسبة الحسم ثم تعود الامور لما كانت عليه من قبل. فهذا لن يحقق اية منفعة للجماهير العربية وعلى هذه الجماهير ان تنتقم لنفسها من الذين يحاولون الالتفاف على المطلب الجماهيري في سبيل تحقيق هدفهم المتمثل في الحصول على حصة الاسد من المقاعد المضمونه في القائمه المشتركه. ان مشروع قائمة واحدة تمثل الجماهير العربية في الدولة هو مشروع وطني يتحقق من خلال حصول هذه القائمه على اكبر تمثيل ممكن في الكنيست المقبله وهذا لن يحدث من خلال ائتلاف حزبي للقوائم الممثله في الكنيست الحاليه, بل يجب ان تكون هذه الاحزاب قاعده يتم البناء عليها لاكمال مشروع القائمه المشتركه، والا تقتصر هذه القائمه على هذه الاحزاب كفرض امر واقع على بقية القوى الفاعله، فحينها ستفتقر مثل هذه القائمه الى الطرح الوحدوي الذي من شأنه ان يشكل اساسا ومحفزا للجماهير العربيه من اجل الذهاب الى صناديق الاقتراع ورفع نسبة التصويت المتدنيه لدى الناخبين العرب. ان ما يرشح من معلومات بخصوص المفاوضات التي تجري بين ممثلي الاحزاب ومطالبة كل طرف بحصة الاسد من المقاعد المضمونه في القائمه المشتركه لن يحقق المطلب الجماهيري بوجود قائمة واحده وسيكون الناقمين على هذه القائمة اكثر من المؤيدين لها. لذلك فإن على القائمين على مشروع الوحده ان يعملوا من خلال قاعده ألايثار لا الاستئثار من اجل هذا المشروع الوطني. اما اذا بقيت هذه الاحزاب متمرسه في موقعها وبقي كل حزب يطالب بالمقاعد المضمونه وترك المقاعد الشرفيه في القائمه لبقية القوى الفاعله سيكون الفشل هو المصير المحتوم لمثل هذه القائمه, وبهذا تضيع فرصه حقيقية ومثالية لتحقيق مطلب الجماهير العربيه بتشكيل قائمه واحده، وضياع هذه الفرصه سيترك ابعاده ليس فقط على الانتخابات القادمة, بل سيتعداه لسنوات مقبله وسيحدث ازمه ثقة بين الاحزاب والجماهير وبين الاحزاب نفسها مما قد يؤدي في مرحلة معينه الى فقدان التمثيل النيابي العربي بشكل كلي في المستقبل، الامر الذي سيشكل خطرا وجوديا في ظل موجة التطرف والحقد التي تجتاح الدولة على المستوى المجتمعي والمستوى المؤوسساتي الرسمي.
 

أحببت الخبر ؟ شارك اصحابك
استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]