لست مرشحًا للكنيست، ولم ولن يكن هذا طموحي في يوم من الأيام، بل في الدورة الأخيرة طرحت فكرة المقاطعة في اجتماع المكتب السياسي. مع ذلك مقتنع، في الظرف الراهن، بضرورة التجنّد الكامل لدعم القائمة الواحدة. كل الظروف الراهنة؛ الحالة العربية الكارثية والحالة الفلسطينية العامة، تقتضي اقتناص كل فرصة سانحة لتوحيد الصف. لأن الاتجاه العام في الساحة العربية والفلسطينية هو الانقسام الكارثي الآخذ بالرسوخ. كما أننا كأقلية فلسطينية داخل الخط الأخضر نتعرض لحالة عداء غير مسبوقة بحجمها وحدتها في تاريخ العرب في الداخل.
لهذه المهمة رجال ونساء رغبوا ويرغبون بالوصول إلى هذا المنبر وأن يكونوا صوتًا لنا. دوافع الرغبة لديهم/لديهن تتفاوت بين واحد وآخر، بين واحدة وأخرى. هناك من يرى بعضوية الكنيست كفاح ومعارك (سياسية وأيدلوجية). وهناك من يرى فيها جاهًا وشهرة، ويستصغر التناقضات الكامنة في وجودنا هناك. ومن يستصغرها يفقد البوصلة. في واقعنا المعقد، وشديد التركيب يتوجب الوعي بهذه التناقضات بكامل ابعادها، حتى لا يفقد الحزب أو النائب العربي توازنه، وحتى لا تتحول الكنيست إلى متعة. الكنيست موقع صعب وزاخر بالعداء والكراهية للعرب وللوجود العربي. نقول ذلك لأن بعض النواب العرب طاب لهم المكان ويشعرون أنه بانتهاء عضويتهم في الكنيست ينتهي عالمهم. وكأنه لا يوجد مهام أكثر أهمية في أحزابهم، وفي المؤسسات الشعبية والوطنية.
كثير من الناس يخلطون بين الأمور، ويضعون الجميع أحزابًا، وأعضاء كنيست في تصنيف واحد وقد يكون بعضهم معذورًا. بعض الناس لا يرى أن هناك نوابًا وقادة خيّرون، يبذلون كل ما يستطيعون للنجاح بمهمتهم. ولا تتجاوز ذاتيتهم الحدود الطبيعية. لكل منا ذات، ونُحبّ أن نحافظ عليها، شرط أن لا تتضخم.
نواب حزب التجمع التزموا بالبوصلة. كان رائدهم عزمي بشارة الذي وضع المدماك الأول لعمل برلماني من نوع جديد. تصادم بشجاعة مع المؤسسة الصهيونية، ولاحقته الى أن اضطر لمغادرة الوطن. ترك إرثًا هامًا، وما زال يعطي الكثير في مجالات مختلفة.
هناك من يعتقد أن السياسة كلها وسخ والأفضل الابتعاد عنها. قد نلتمس عذرًا لهؤلاء، نعم هناك أسباب كثيرة للاعتقاد أن السياسة تلوثها المصالح الذاتية. أحيانًا الصالح يذهب بعروة الطالح. لكن لا مجتمع ولا شعب بدون سياسة. السياسة هي إدارة الشأن العام، وهي المشاركة الشعبية في اختيار من يقود هذه الإدارة ومن يمثل مصالح الناس والمواطن.
الكنيست هو برلمان دولة أنشأتها حركة استعمارية أوروبية، خامتها البشرية من الطوائف اليهودية الأوروبية. زعماؤها اختلقوا أرض إسرائيل وابتدعوا شعب إسرائيل. لكن، كفلسطينيين، فرضت علينا مواطنة هذه الدولة المعترف بها من كل دول العالم ليس بوسعنا التعامل مع واقع العلاقة الناجم عن وجود هذا الكيان بتبسيط واعتماد الشعارات الأصلية السهلة. نعم الأمر يحتاج إلى العودة إلى أصول الرواية، إلى منبع الجريمة لكن ليس على أساس مفردات مثل "تحرير فلسطين من البحر إلى النهر"، بل على أساس تفكيك النظام الكولونيالي الصهيوني الذي يبسط سيطرته على كل فلسطين، عبر نضال وطني تحرري مقرون بمضامين ديمقراطية على غرار نموذج جنوب أفريقيا التحرري. اتباع هذا النموذج يقود في نهاية المطاف إلى تحرير فلسطين، من مظاهر الكولونيالية والسيطرة العنصرية والعيش مع المجتمع اليهودي الإسرائيلي بعد نزع الطابع الاستعماري عنه.
نقاش قديم - جديد
خيار العمل البرلماني وشرعيته بالنسبة للمواطنين العرب كان دائمًا محل نقاش، منذ الخمسينات. وهذا أمر طبيعي في حالة واقع كولونيالي استيطاني هدفه منذ البدء إقامة دولة دائمة. نحن لسنا في حالة استعمارية مؤقتة، على الأقل ها ما تعلن عنه الحركة الصهيونية وقادتها. وقد تغيّرت المواقف من المشاركة في العمل البرلماني بين ظرف وآخر. "حركة الأرض" القومية ناهضت الانتخابات فتصادمت مع الحزب الشيوعي الإسرائيلي آنذاك. ولكن بعد مطاردتها وملاحقتها، قررت خوض انتخابات الكنيست ببرنامج وطني، للحفاظ على التواصل مع جمهورها، ولكن السلطة لم تمهلها فأخرجتها عن القانون.
بقي في ساحة عرب الداخل الحزب الشيوعي الإسرائيلي، الذي تنافس مع الأحزاب الصهيونية، أحزاب النظام الحاكم، وقوائمها العربية التابعة، على الأصوات العربية. في حالات معينة، تمكنت القوائم العربية للأحزاب الصهيونية، وعبر الوجهاء والمخاتير من رفع نسبة المشاركة فوق الثمانين بالمائة، معظمها راح لصالح الحزب الصهيوني الحاكم (المباي آنذاك). الخوف والجهل كان وراء هذا السلوك الانتخابي غير المسيّس.
أواخر الستينيات، ظهرت حركة أبناء البلد، كامتداد لحركة الأرض، ولكن بتوجهات وطنية فلسطينية، فضلاً عن القومية العربية. تبنت الدولة الواحدة ودعت الى مقاطعة الكنيست كوسيلة لحجب الشرعية عن الكيان الإسرائيلي وبرلمانه. واستمر نهج المقاطعة لسنوات طويلة، وأنا شخصيًا شاركت مع رفاقي آنذاك في الدعوة للمقاطعة، على مدار الثمانينيات وحتى أوائل التسعينيات، غير أن الواقع المتشكل والمتغيّر لصالح الصهيونية ودولة إسرائيل، فرض نقاشًا داخل الحركة حول جدوى استمرار المقاطعة. وكانت الحركة انشقت عام 1983 على خلفية الموقف من الكنيست.
غير أن الشق الذي واظب على المقاطعة، وأنا كنت أحد كوادره (نائب الأمين العام للحركة) ، احتوى في صفوفه مواقف مؤيدة للمشاركة للكنيست، غير أن الجميع التزم بموقف المقاطعة بشكل كامل وتعايش الطرفان بصورة رائعة.
في أوائل التسعينيات، ظهر هدف تحرير فلسطين أبعد مما كان بل بدا حلمًا بعيد المنال. فالاتحاد السوفييتي انهار، وما تبقى من النظام العربي الرسمي تفكك بعد دخول صدام حسين الى الكويت وما تبعه من عدوان أمريكي على العراق. ومنظمة التحرير الفلسطينية، وبالتحديد التيار المتنفذ فيها، وجد نفسه أمام الأزمة بكل أهوالها الناجمة عن هذه الانهيارات، فخضع لإملاءاتها ووقع على اتفاق أوسلو الذي نظرت اليه الأوساط الجذرية في الحركة الوطنية الفلسطينية باعتباره استسلامًا للمعسكر الإمبريالي الصهيوني. بموجب اتفاق أوسلو، أُخرج فلسطينيو الـ48 من الحلّ وتـُرك مصيرهم بيد إسرائيل. نحن في التيار الوطني لم نقبل بذلك، فقرّرنا أن لا تُترك المبادرة بيد إسرائيل، بل انتزاعها، وقمنا بإعادة تنظيم الحركة الوطنية تحت عنوان: التجمع الوطني الديمقراطي.
داخل الخط الأخضر، ظهرت حركة أبناء البلد كتنظيم وطني، كأكثر الأصوات السياسية الوطنية تضررًا من هذه الانهيارات السياسية والوطنية. كان صوت أبناء البلد الصوت الوحيد المعبّر عن ضمير واستراتيجية الحركة الوطنية الفلسطينية المتمثل بتحرير فلسطين. لم يكن بإمكانها، وهي الحركة الصغيرة وذات الإمكانيات المادية والتنظيمية المتواضعة، أن تمنع الانهيارات على الساحة الفلسطينية، فهناك تنظيمات أكبر منها وأقدم منها، مثل الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بقيادة المناضل جورج حبش، وجدناها تتكيف مع الواقع الجديد، ووجدناها لا تُمانع في أن تقوم حركة أبناء البلد المقربة من فكرها وخطها السياسي في أن تتكيف هي أيضًا مع الواقع الناشئ عن كل هذه التحولات داخل إسرائيل. وفي تلك الفترة العصيبة، فترة الانهيارات وأثناء فترة وجودي في القدس (عشر سنوات)، انخرطت شخصيًا مع شخصيات مقربة من الجبهة الشعبية في نقاش وحوار حول علاقة هذا الجزء من شعبنا مع الحركة الوطنية وحول كيفية أداء دوره الكفاحي. لم يكن لدى الجبهة تصور محدد لذلك، فترك الأمر لنا، نحن رفاق وقادة حركة ابناء البلد لنفكر بالأمر.
كان من متطلبات التكيف، المشاركة في إقامة تنظيم أو إطار سياسي جديد واسع يُشرع المشاركة في الكنيست الإسرائيلي، بناء على برنامج سياسي-فكري متصادمن مع جوهر منظومة القهر. كان الهدف، خاصة بعد دخول المشروع الوطني الفلسطيني بحلته الأصلية، في دهاليز المساومة، الحفاظ على التواصل مع الناس ومع الجماهير الوطنية التي لم تعد تدغدغها الشعارات الوطنية الكبيرة. أصبحت قطاعات الناس الواسعة تنشد إلى همومها اليومية أكثر من أي وقت مضى بعد أن ابتعد عنها الحلم الكبير. لم ننتبه في حركة أبناء البلد إلا متأخرًا، إلى التحولات الاقتصادية-الاجتماعية التي مرّ بها المجتمع الفلسطيني، وما ينجسم عنه من سلوك حياتي وسياسي تمثل في التوجه نحو المواطنة وما تشتمل عليه من حقوق مدنية. احتاج الأمر إلى رؤية جديدة، إلى معادلة مركبة وفاعلة مبتكرة وغير تقليدية، لا تستطيع أن تمنع الانهيار الشامل داخل الخط الأخضر فحسب، بل أن تُعيد بلورة الهوية الوطنية وربطها بمطلب المواطنة المتساوية، وهو مطلب كما رأينا لاحقًا، مطلب أشعل الصدام مجددًا مع بنية المشروع الصهيوني بوسائل ديمقراطية. وكان رأس حربته، الدكتور عزمي بشارة المرشح الأول للتجمع. والدكتور عزمي بشارة كان في نفس الوقت منخرط مع رفاق له في مشروع آخر، موازي، لمواجهة الوضع المستجدّ تحت عنوان حركة ميثاق المساواة التي لم يكلل لها النجاح. ولكن هذه المحاولة، والأسس الفكرية التي قامت عليها تحولت إلى جزء عضوي من مشروع التجمع.
هذه المعادلة بدأت حركة أبناء البلد ببحثها منذ أواخر عام 1990، وتجددت مع التعرف والتواصل مع الدكتور عزمي بشارة. ومع معرفته السياسية العميقة التي اكتسبها من دراسته الأكاديمية، خبرته التنظيمية التي اكتسبها من تجربته السابقة في الحزب الشيوعي الذي غادره أواسط الثمانينيات. وقد استمر النقاش والجدل الشديدين داخل حركة ابناء البلد لحوالي عام ونصف، حول الصيغة التي تستطيع التعايش معها، أي صيغة أن نكون في تنظيم جديد، يخوض الانتخابات للكنيست، وندعم مرشحين من خارج أبناء البلد، ولكن ألا يترشح أحد من الحركة للكنيست. وأنا شخصيًا، الذي كنت أحد الذين طرحوا هذه المعادلة، بقيت حتى اليوم ملتزمًا بهذا الموقف. مع أن مؤتمرًا للحركة جرى عشية الانتخابات للكنيست عام 1996، وبناءً على اقتراح وطلب من الرفيق رجا اغبارية، وبأغلبية 51% غيّر الموقف وأتاح الترشح، إلا أني بقيت ملتزمًا بهذا الموقف حتى اليوم. وفضلت، ولا زلت، أن أبقى منخرطًا في عملية التيار التنظيمي والكتابة الموجهة والمطلوبة في بلورة عقيدة الحزب والحركة الوطنية في الداخل.
لقد كانت حركة أبناء البلد مبادرًا وشريكًا كاملاً في تشكيل التجمع، وشاركت قيادتها وكوادرها بدون استثناء في الحملة الانتخابية، وأدلى الجميع بصوته. غير أن مشاكل تنظيمية، وليست فكرية أو سياسية على الإطلاق، أدت إلى خروج مجموعة كبيرة من الحركة منهم الأمين العام رجا اغبارية. أما القسم الأكبر من الحركة فبقي ونشط في بناء التجمع وفي معاركه السياسية والشعبية والانتخابية إلى أن اشتدّ عوده وتحوّل إلى قوة مركزية مؤثرة وفاعلة في الحياة السياسية. وتطور هذا الانسحاب الى قطيعة شبه كاملة مع التجمع، وانتشرت خلالها معلومات مخطوءة وناقصة عند الكثير من الناس والمهتمين في الحركة الوطنية. إلى أن جرى مؤخرًا اللقاء الهام الشهر الماضي مع المكتب السياسي للحركة في مكتب التجمع لفتح صفحة جديدة في تاريخ الحركة الوطنية. إن من شأن تقوية هذه العلاقة أن تزيد من قوة الحركة الوطنية الفلسطينية داخل الخط الأخضر. وقد يكون مطلوبًا من حركة أبناء البلد ترتيب صفوفها وتطوير أداءها وفكرها، لأن في ذلك إضافة لقوة الحركة الوطنية الفلسطينية داخل الخط الأخضر.
عودة النقاش حول الكنيست
في السنوات الأخيرة، وبعد اشتداد أزمة الحركة الوطنية الفلسطينية، وتغوّل المشروع الكولونيالي الصهيوني، وبعد تلاشي الفروقات في السياسات الإسرائيلية المتبعة على جانبي الخط الأخضر، وازدياد تهميش أعضاء الكنيست العرب، عاد النقاش حول جدوى المشاركة في انتخابات الكنيست. ومما عمق هذا النقاش، التراجع المستمرّ في نسبة المشاركة الشعبية في هذه الانتخابات. في الوقت ذاته لم يتمكن المواطنون العرب، وبالأساس أحزابهم وحركاتهم الوطنية، من تحضير البدائل أو الخيارات الإستراتيجية، والمقصود بناء مؤسساتهم الوطنية الجامعة المنتخبة، وفي مقدمتها لجنة المتابعة.. والتي يُحب أن يسميها البعض بالبرلمان العربي.
وازداد تشكيك قناعة الكثيرين بالكنيست، وأنا منهم، وبأنه لم يعد طائل من المشاركة في انتخاباتها بعد كل هذا العداء المستفحل المتجسد بسيل من القوانين العنصرية والممارسات والمخططات التدميرية، إلا إذا اعتمد العرب أحد خيارين؛ الأول المقاطعة (وفي الوقت ذاته الانغماس في بناء البديل). والثاني خوض الانتخابات في قائمة واحدة.
وبخصوص الخيار الأول لم يكن من الممكن إقناع الجميع وبشكل خاص الجبهة، بالمقاطعة، وأيضًا أوساط عربية ليست قليلة. وقلنا، طالما هذا الأمر غير وارد حاليًا، فلنجرب مرة أخرى خيار القائمة الواحدة. طرحنا هذا الأمر بقوة في الانتخابات السابقة عام 2012، وعندما كانت نسبة الحسم تسمح بسهولة لكل تنظيم على حدة بالنجاح. ولكن تبيّن في حينه أن الجبهة لم تكن قد نضجت لقبول هذا الخيار. وحذرنا نحن في التجمع آنذاك من أن نسبة الحسم سترتفع في المرة القادمة، وستضطر الأحزاب العربية إلى الوحدة، ولذلك من الأفضل أن نختار السير بهذا الخيار بمحض إرادتنا فنحظى باحترام الجمهور العربي، بدل أن تجبرنا إسرائيل على ذلك فيسخر منا هذا الجمهور. هذا ما قلته بالحرف الواحد لممثل الجبهة في لقاء ثلاثي عشية انتخابات 2012 للتداول بشأن القائمة الواحدة. منذ اليوم التالي للانتخابات الماضية ونحن ندعو الى قائمة واحدة.. بهدف ترسيخها في الذهن الشعبي.
ها هي الآن نسبة الحسم، تُجبرنا على ذلك كما توقعنا. فلم يعد أحد يستطيع إدارة الظهر للرغبة الشعبية. ونقول ربّ ضارة نافعة. كان هدف أحد أقطاب النظام الصهيوني العنصري، ليبرمان إضعاف العرب وإقصاءهم من الكنيست، وإذا به يوحّدهم. ولكن على ماذا نتوحّد، وماذا ينبغي أن يكون الهدف! هذا السؤال الهام ينبغي الانشغال بالإجابة عليه أثناء المعركة السياسية الراهنة، وأن يتواصل هذا الانشغال أيضًا بعد انتهاء الانتخابات. وحتى لا يُساء الفهم، لن تكون مشكلة حول الاتفاق على برنامج سياسي مشترك، وهو البرنامج الذي نعيش تحت سقفه في إطار لجنة المتابعة.
ملاحظات وجيهة..
مع ذلك لا بدّ من هذا الخيار
إزاء هذا الخيار، خيار القائمة الواحدة، الذي أصبح متاحًا للمرة الأولى، لأسباب موضوعية وذاتية كثيرة، لا بد من الوقوف خلفه بقوة. نعم هناك ملاحظات انتقادية كثيرة وغالبها وجيهًا. هناك من هذه الملاحظات ما يتصل بالمفاوضات حول تركيبة القائمة، وهناك ما يتصل بسلوك أجسام سياسية وتصرفات شخوص في هذه الأجسام. وهو سلوك ينم عن ضحالة سياسية وأخلاقية وذاتية مضخمة تتجاوز المعقول. لن يكون بالإمكان في هذه الفترة القصيرة المكرسة لتشكيل القائمة الموحدة، التغلب على إرث تراكم على مدار أكثر من عقدين من الزمن. هناك مثلاً من مكث في الكنيست ربع قرن ويحاول العودة هو نفسه وليس أحدًا آخر من حزبه. وهناك من بنى حركة صغيرة ولم يبرز منها سوى وجه واحد، يُجسّد شخصنة السياسة بأسوأ أشكالها. وغيرها من الجوانب السلبية للعمل السياسي.
أيضًا يغيب عن العديد من السياسيين العرب الاهتمام الجدي بتنظيم المجتمع العربي وتقوية أركانه وعلى رأسها لجنة المتابعة العليا لشؤون المواطنين العرب.
مع ذلك فإن فائدة القائمة، أو فوائدها، يتجاوز بكثير هذه الجوانب السلبية، والتي هي جزءٌ من طبيعة العمل السياسي في البلاد وفي العالم أيضًا.
وبالتالي يصبح مطلوبًا من الجميع التحلي بالصبر وتفادي المبالغة في الوصف السلبي لهذه المظاهر، والمساهمة في بث الأمل وتشجيع الناس للالتفاف الفعلي حول هذه القائمة، دون التنازل عن إسماع الملاحظات الوجيهة. بل من الواجب إسماعها، بحيث تكون مرتبطة بتصورات مستقبلية ما بعد الانتخابات. وإذا نجحنا في وضع هذا المدماك عبر مشاركة عربية واسعة؛ (القائمة الواحدة) تصبح الفرصة أقوى بكثير من الماضي للتخلص أو للتخفيف من رواسب الماضي والوضع الحالي، وتُصبح مهمة الغوص في النهر العميق والطويل، نهر البناء الداخلي وامتلاك وسائل الدفاع عن الذات والهوية والقضية أسهل.
باختصار، مطلوب أن نرى الصورة العامة، وألا نتوقف مطولاً أمام جزئياتها.
[email protected]
أضف تعليق
التعليقات
كفى يا عوض ؟؟؟ الجماهير العربية .. الشارع يقول وكل الاستطلاعات تعكس رغبة واضحة للجمهور العربي بان يقود النائب احمد الطيبي هذه القائمة التي يرغب الجمهور باقامتها .. أشار استطلاع للرأي في الشارع العربي .. ان قائمة عربية مشتركة قد تحصل على بين 12 الى 15 مقعدًا.. بينما اختار جمهور المستطلعين النائب أحمد الطيبي ليرأس القائمة بنسبة 45% في المكان الأول. وبحسب الإستطلاع فقد حلّ في المكان الثاني النائب جمال زحالقة بنسبة 10%، يليه محمد بركة بنسبة 5% ومسعود غنايم 3% وحنين زعبي 0% !!!!!!!!!!!