كتب تسفي برئيل في "هآرتس" انه لا يمكن عدم التأثر من براءة قاضي المحكمة العليا سليم جبران، الذي تساءل خلال النقاش حول قانون رفع نسبة الحسم، "كيف ستبدو اسرائيل في العالم عندما لا تكون قوائم عربية في الكنيست؟" من يهتم يا سيادة القاضي بصورة إسرائيل في العالم، عامة، وبغياب قوائم عربية عن الكنيست، خاصة؟ ألا يفهم سيادته ان حكومة إسرائيل برئاسة نتنياهو وجوقة العنصريين تؤمن بأن العرب يجب ان لا يكونوا بتاتا في الكنيست، سواء مع رفع نسبة الحسم او بدونها؟ ألم يسمع عن برامج افيغدور ليبرمان للتخلي عن وجود العرب في اسرائيل وارسالهم الى الضفة الغربية؟ وبشكل عام، ألم تقدم اسرائيل ما يكفي للأقلية العربية من خلال تلطفها بتعيين قاض عربي في المحكمة العليا؟
العرب، كما نعرف، هم كتلة واحدة موحدة ومبلورة. الديموقراطية الاسرائيلية المتنورة، التي سقطت في الفخ الذي نصبوه لها، سمحت لهم ليس فقط بإقامة احزاب والحصول على تمثيل في الكنيست، وانما سمحت لهم بوضع اقنعة على وجوههم تعكس اختلاف الآراء ووجهات النظر، والتي يستحق كل منها، ظاهريا، تمثيلا سياسيا واضحا. ونتيجة لذلك، بدأ الكثير من اليهود الايمان بوجود عرب متطرفين بشكل اكبر وبشكل أقل، عرب يطمحون الى العيش بسلام مع اسرائيل، وعرب يريدون السيطرة عليها، عرب أخيار وعرب أشرار.
هذا يكفي، الديموقراطية الاسرائيلية لا تستطيع غض نظرها بشكل اكبر. عليها الدفاع عن نفسها في مواجهة الخطر الذي يشكله 20% من مواطنيها، والخطوة الأولى تكمن في محاصرتهم داخل حظيرة سياسية واحدة. وربما سيفرض عليهم في المرة القادمة، التصويت فقط لحزبهم الموحد ويمنعون من التصويت لأحزاب يهودية صهيونية.
من حظنا انه جلست في التركيبة الواسعة لهيئة المحكمة العليا القاضية استر حيوت، ايضا، التي عرضت ادعاء حادا كالسكين. وحسب رأيها لا يوجد أي مبرر لرفع نسبة الحسم فقط لأن العرب لا يكلفون انفسهم الوصول الى صناديق الاقتراع. "لماذا لا يصوت العرب بنسبة أعلى من 50%؟ هل يمكن للجمهور الذي يختار التوجه السلبي في الانتخابات ان يدعي تعرضه للإقصاء؟"
لقد نسيت القاضية التساؤل فقط لماذا لا يشارك هؤلاء العرب بنسبة عالية في الانتخابات. والجواب على ذلك توفره عشرات الأبحاث، التي يوحدها العامل المشترك الذي يقول ان السبب هو استنتاج العرب بأنهم لن يتمكنوا من التأثير على السياسة او تحسين شروط حياتهم بواسطتها.
السبب الثاني، وغير المفصول عن الأول، هو الخيبة من طريقة عمل النواب العرب. أي ان اقصاء العرب البنيوي هو الذي جعلهم يبتعدون عن المعركة السياسية، وليس توجههم السلبي. والحقيقة انه خلال السنوات الأولى للدولة، قبل استيقاظ العرب، تراوحت نسبتهم في التصويت بين 90% في عام 1955 الى 82% في عام 1965. وفي سنوات السبعينيات انخفضت النسبة بشكل يتفق مع نمو مشاعر التغرب والاقصاء.
من المثير انه في عام 1999 منح العرب حوالي 95% من اصواتهم لايهود براك، الذي زرع الامل للحظة مع شعاره الكاذب "دولة للجميع". القاضية حيوت مخطئة، لأن نسبة الحسم المنخفضة فقط يمكنها ان تتيح ظهور قوائم عربية جديدة وشابة، تنافس النشطاء العرب القدامى، وبالتالي تحفز على التصويت. لكنه يبدو ان ليس هذا هو الهدف الذي تسعى اليه القاضية التي تفضل كما يبدو، كتلة عربية تفتقد الى التنوع، كي تعكس المفهوم اليهودي الموحد ازاء الاقلية العربية، سيما انه يصعب العثور على يهود يعرفون ما تعنيه الأحرف الأولى التي تقف وراء اسماء الأحزاب العربية باللغة العبرية ("بلد" – التجمع، "راعام – تاعل" – العربية الموحدة والحركة العربية للتغيير، او "حداش" – الجبهة). ويصعب على اليهود اكثر التمييز بين ايديولوجيات هذه الأحزاب. فلجميعهم يتم اعطاء اسم جماعي مريح "العرب".
نسبة حسم عالية او منخفضة لن تحسن او تسيء الى وضع العرب في اسرائيل، لكنه يمكن لها ان تشكل مقياسا لجودة الديموقراطية في إسرائيل. ويبدو ان القاضي جبران فقط يشعر بالقلق ازاء هذه المسالة الهامشية.
[email protected]
أضف تعليق