بسم الله، والحمد لله، حمدًا يوازي نعمه ويدفع نقمه ويكافئ مزيده، وصلّ وسلم وبارك على سيدنا محمد ما ذكره الذاكرون وغفل عنه الغافلون.
تم وبشكل نهائي الاتفاق على موعد انتخابات الكنيست الـ 20، بتاريخ 2015- 3-17، بعد الخلاف السياسي بين كتل الائتلاف. ما يميز هذه الانتخابات هو الائتلاف بين الأحزاب الكبيرة المختلفة مثل: حزب "العمل" مع حزب "الحركة"، وغيرها من التحالفات الرامية إلى ضمان عدد كبير من المقاعد في الكنيست والفوز برئاسة الحكومة. هذه الفكرة مقترحة بين الأحزاب العربية ( الجبهة– التجمع- العربية الموحدة).
إن من شأن التحالف بين الأحزاب العربية زيادة مكانتها في البرلمان الإسرائيلي، ما يجعلها تساهم أكثر في تلبية مطالب السكان العرب في الدولة (لم نستعمل مصطلح الوسط العربي فهذا مصطلح جغرافي خاطئ سوف نتطرق له في مقال آخر). لقد ثبتت فرضية ازدياد قوة الأحزاب العربية من خلال الاستطلاع الأخير الذي أكد أن "نسبة التصويت لدى السكان العرب سترتفع بنسبة 12% مع توحيد الأحزاب العربية الثلاثة". وعليه فإن من المتوقع أن يحظى تحالف الأحزاب والقوائم العربية بدعم كبير من قبل المواطنين العرب، وبما أن جميع الأحزاب العربية متفقة فيما بينها على أن هدفها السياسي الأساسي هو تلبية مطالب واحتياجات المواطنين العرب فإن عملية التحالف هي مطلب إجماعي للمواطنين العرب في إسرائيل.
سنقف في هذا المقال على بعض الأحداث التاريخية السياسية التي تثبت مدى أهمية التحالف في أوساط مجموعة سكانية، أو أقلية، من أجل زيادة قوتها السياسية والوقوف على مطالبها عن كثب.
يشهد التاريخ السياسي العديد من الاختلافات السياسية لفئات سكانية، أو أقليات، تنتمي إلى نفس القومية أو العرقية. بقيت هذه الاختلافات السياسية جانباً وقادت الوحدة جميع الآراء المختلفة في نضال اجتماعي، أو فكري – سياسي – اقتصادي.
سوف نتطرق لحدثين تاريخيين ترجما وحدة صفوف المجتمع إلى رمز تاريخي هام:
1- الأول: وحدة الصف المصري في بداية القرن الـ 19 أمام الحكم الفرنسي عند احتلالها على يد نابليون بين السنوات 1798- 1801. فقد كان الشعب المصري في حينه يعاني من انشقاق كبير بين صفوفه، إذ كانت هنالك (طبقة الأشراف ورجال الدين والطبقة الوسطى المتمثلة بالمثقفين). سهّل هذا الانشقاق المهمة أمام نابليون لاحتلال مصر خلال وقت قصير. ولكن عند ائتلاف جميع هذه الفئات وراء القائد محمد علي استطاعت قهر وإجلاء الحكم الفرنسي وإغلاق أبواب مصر أمامه وفتح أبواب مصر الحديثة التي تحولت الى رمز الوحدة العربية حتى اليوم.
2-الثاني: بعد بداية الحكم البريطاني على فلسطين كان السكان العرب ينتمون إلى معسكرين سياسيين (المجالسين – والمعارضين) بقيادة عائلتين من مدينة القدس هما عائلتا الحسيني والنشاشيبي، وفي عام 1929 انشق هذان المعسكران إلى ستة أحزاب (الاستقلال – حزب الدفاع الوطني- الحزب العربي الفلسطيني- حزب الاصلاح- حزب الكتلة العربية- حزب المؤتمر الشبابي). نادت جميع هذه الأحزاب بمحاربة الاستعمار البريطاني لفلسطين وإنهائه – ولكن بسبب الانشقاقات في صفوفها تجاهلتها الحكومة البريطانية ومنعتها من كل تطور يذكر من حيث المجال الاقتصادي والمعماري والاجتماعي، فخلال العهد البريطاني شهدت البلاد فجوة كبيرة بين السكان اليهود والعرب لصالح اليهود.
هذا الركود الشامل كان الشرارة الأولى للثورة الفلسطينية ( 1936- 1939). ولكن من أجل الصمود والوقوف في وجه القوات البريطانية كان على الأحزاب العربية توحيد الصف، وهذا ما جرى عندما تم توحيد جميع الأحزاب تحت راية حزب واحد (اللجنة العربية العليا)، وبالرغم من نتائج الثورة، التي لم تحقق جميع الأهداف التي بسببها أشعلت، ألا أنه كانت هناك بعض الإيجابيات التي تبلورت جراء توحيد الأحزاب:
أ- ارتفعت مكانة الفلسطينيين أمام حكومة الاستعمار، فقد شاركوهم في العديد من القرارات، مثل "الكتاب الأبيض" سنة 1939، وقرار التقسيم عام 1947.
ب- رفع معنويات السكان العرب، ومشاركة عدد كبير من المواطنين في الثورة.
تطرقنا إلى حدثين من الأحداث التاريخية السياسية لنثبت مدى أهمية توحيد صفوف الأقلية، أو الفئة السياسية التي لها نفس المبدأ السياسي _ ولو أردنا أن نتطرق إلى أحداث أخرى لما كانت تكفينا موسوعة. الهدف الأسمى الذي يناشد به المقال هو إيصال فكرة مدى أهمية تحالف الأحزاب العربية في الانتخابات المقبلة.
في الختام: على أعضاء الكنيست العرب، من جميع الأحزاب والقوائم، العمل جاهدين من أجل توحيد جميع القوائم في قائمة واحدة. صحيح أن هناك اختلافا في الفكر والعقيدة، ولكن المبدأ السياسي واحد، لهذا من الممكن تحقيق التحالف الحزبي حول مبدأ سياسي واحد، بينما تبقى الأفكار المختلفة لكل حزب على حالها. في ظل رفع نسبة الحسم سوف يكون من الصعب على بعض الأحزاب العربية أن تحقق هذه النسبة، وعندها لن يكون الحزب هو وحده الخاسر، بل المجتمع العربي كله بعد فقدان القوة السياسية له في الكنيست.
الحمد لله الواحد الأحد
[email protected]
أضف تعليق