في منتدى " فوروم صابان"، أطلق وزير الخراب نفتالي بينت تهديدًا للعالم من فرض المقاطعة على إسرائيل، إذ قال: " إذا توقفت عن استعمال المنتجات الإسرائيلية، فلن تستيقظ في الصباح، لأن الشريحة الإسرائيلية في هاتفك الخليوي لن تعمل. ولن تصل إلى العمل لأنه لن يكون بحوزتك " ويز" ( waze)، وقد تصاب بنوبة قلبية، لأن جهاز " الستانت" المركّب في قلبك، وتنتجه إسرائيل- لن يعمل. والخضار التي تأكلها ستكون حقيرة، لأنه لن تكون لديك منظومات ريّ تعمل بالتنقيط ( الرشيح)، وسيتم اقتحام حسابك المصرفي من قبل القراصنة".
يا سيد " بينيت"، أنا هو الذي يطور وينتج في القدس تلك الستانتات التي تهدد أنت بحرمان المرضى منها. ولعملك يا " بينيت"، في العالم كله، سيتم بنجاح استبدال الستانتات بأجهزة أخرى تنتجتها شركات أخرى.
أن سياسة اليمين المنفلتة الغاشمة قد أفسدت رائحتنا في دول العالم، حتى قبل تضييق خناق المقاطعة بحقنا، وأدت إلى فشلنا في الحيلولة دون خرق حقوق الابتكار في أوروبا، لأن الأجهزة القضائية منحازة ضدنا كإسرائيليين، فكل ما كان يُعتبر قبل عشر سنوات مؤشرًا ايجابيًا على العمق والعزيمة الإسرائيليين، أصبح مؤشرًا ايجابيًا على العمق والعزيمة الإسرائيليين، أصبح مؤشرًا سلبيًا على الطبيعة العدوانية والهمجية الإسرائيلية. تحولنا من دولة ناجحة ونموذج للتقليد في تجديداتنا- إلى دولة منبوذة بسبب نزعتنا القومية المتطرفة وعدوانيتنا:
عدوانيتنا تجاه جيراننا العرب، وتطرفنا القومي في التمييز بحق زملائنا المواطنين العرب في إسرائيل. الستانتات ستستبدل بستانتات أمريكية، والشرائح ستستبدل بأخرى كورية وصينية، وخارطة " ويز" ستُستبدل بأخرى من " مايكروسوفت".
أن تفوق الابتكار الإسرائيلي مهم لنا نحن الإسرائيليين بصفتنا كمصدرين للخارج، أكثر من صفتنا كمستهلكين. هذه هي طاقة الابتكارات الكفيلة بإتاحة رفع القدرة على التصدير بعشرات المليارات في السنة، وزيادة الميزانية بحيث تكفل حل إشكاليات غلاء المعيشة، ومشاكل الصحة والتعليم. وعلى مستوى الفرد بالنسبة للعائلات الكائنة في العشرية السفلى- فإن ما يُخصّص للرفاه سينعكس بآلاف عديدة من الشواقل في السنة. لكن الحاصل هو " السمّ بالدسم" ( أو من منظور بينيت: شظية في القفا): فمن أجل الاستفادة من هذه الطاقات، يجب أن تتوفر أسواق لن تتطور، بل هي آخذة بالانغلاق كرد فعل من دول العالم على استمرار الاحتلال والنزاع.
وتهديدات " بينيت" لا تقضّ مضاجع أمم وشعوب العالم، لكنها تثير لديّ، ولدى مصدّرين آخرين مثلي، القرف والغثيان الشديدين.
أن المنظومات الهجومية، كالصواريخ، والمنظومات الدفاعية، كالقبة الحديدة، تتميز بأنها كلما كانت أحدث وأدق، فإن الفارق بين تكلفة الدفاع وتكلفة الهجوم، يتزايد، فتكلفة اعتراض صاروخ أثناء حملة الجرف الصامد كانت أكبر من تكلفة الصاروخ نفسه بعشرين ضعفًا، وحتى أكثر.
وهذا الفارق لن سيرتفع. وتكلفة" إدارة الصراع" كما يسميها نتنياهو، ليست قابلة للتمويل طوال الوقت. والدول العربية، بما في ذلك الفلسطينيون، سيهزموننا في اقتصادات الحرب، حتى لو لم يكونوا قادرين على التكافؤ في دقة المنظومات التي نطوّرها.
أن المواطن العادي في إسرائيل، مدعوّ وهو يدلي بصوته في الانتخابات، إلى الخيار بين استمرار الاحتلال، مصحوبًا باستمرار تدهور الاقتصاد الوطني والفردي، وتعاظُم المقاطعة الدولية، وانهيار الاقتصاد في نهاية المطاف أو التنازلات القاسية في حال تنازلنا فقط بعد اكتمال دائرة الخناق من حولنا- وبين إنهاء الاحتلال المصحوب بالتخلي عن مناطق لم تكن مهمة وحيوية بالنسبة لنا عام 1948 أو عام 1976، وهي ليست كذلك اليوم أيضًا، وإنهاء المقاطعة الدولية مع إمكانيات حقيقية للتعاون الاقتصادي الإقليمي الذي سيجعل إسرائيل سوية مع دول المنطقة قوة اقتصادية عالمية تنافس الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.
لا قيمة للتصويت على تفضيلات تتعلق بغلاء المعيشة والاقتصاد- دون التصويت لحكومة تدفع باتجاه إنهاء الاحتلال واتفاقيات السلام، لأن هذه الأمور وحدها الكفيلة بحل المشاكل الاقتصادية. إن نهج " بينيت" منحاز لصالح (300) ألف مستوطن على حسابنا، وهم الذين سيدعمونه في صناديق الاقتراع، بينما نهج السلام وإنهاء الاحتلال يصيب في صالح ستة ملايين يهودي ومليون و (700) ألف عربي يعيشون داخل الخط الأخضر. هذه حكومتنا، وكشركاء يتوجب علينا أن ندعم بأصواتنا كل من يستطيع الدفع باتجاه هذا النهج، وكل من يجلب السلام ويحقق التعاون بيننا كمواطنين في الدولة، وبيننا وبين جيراننا في الشرق الأوسط المتخم بالحروب والصراعات.
ترجمة: غسان بصول، موقع بكرا
[email protected]
أضف تعليق