في التحقيق الذي نشرته صحيفة «هآرتس» حول قضية تزوير ملكية أكثر من 1600 دونم من أراضي بلدة كفر عقب، شمال القدس.. يظهر مدى الفعل الإجرامي لمجموعات استيطانية مدعومة من قمة الهرم السياسي الإسرائيلي مع أذرع فلسطينية خائنة وعميلة، تقتات على جيف المال.

«هآرتس» تقول: إن وزير الجيش في حينه شاؤول موفاز ووزير الجيش الحالي موشيه يعالون متورطان، أيضاً، في تسريب الأراضي الفلسطينية، وفي عمليات التزوير التي وقعت. وكل ذلك لأسباب سياسية وعقائدية.

وزراء الجيش الإسرائيلي وقادته العسكريون ليسوا المتورطين في هذه الجرائم فقط، بل قضاة ومحامون إسرائيليون، ومسؤولون في مكتب المستشار القانوني للحكومة الإسرائيلية.

ولكن، أيضاً، في كل عملية تزوير لا بد أن يكون هناك شخص خائن.. وظيفته القذرة هي المساعدة في جلب التواقيع على أوراق ومستندات البيع.. وذلك عن طريق التزوير والخداع.. فكم من مسنّ أو مسنّة فلسطينية أُجبر على التوقيع على أوراق لم يعرف مضمونها الحقيقي؟ وكم من فلسطيني أُجبر، أيضاً، على التوقيع على أوراق تحت مسمّيات التأمين الصحي أو التأمين الوطني وراتب الشيخوخة.. وكان الهدف من وراء ذلك الحصول على تواقيع باطلة بشكل إجرامي مشبوه من أجل تسريب الأراضي والممتلكات، وخاصة في القدس القديمة أو الأحياء المقدسية المجاورة.

منذ اليوم الأول للاحتلال الإسرائيلي بدأت الشبكات الاستيطانية وقادة الاحتلال ينظمون العملاء والخونة ليكونوا عرّابي التزوير.. وربما لو كان هناك فحص حقيقي لكثير من عمليات التسريب لتأكد مدى التزوير والفعل الإجرامي لهؤلاء الأشخاص.

ولكن رغم الفتاوى الدينية التي أطلقتها المؤسسة الدينية في فلسطين، وخاصة في القدس، ورغم التأكيد في معظم خطب الجمعة في المسجد الأقصى على حرمة البيع أو التسريب، وأن كل من يقوم بهذا الفعل هو خارج من الملّة وعقابه القتل. ورغم كل الفتاوى القانونية الأردنية منذ العام 67 وحتى قيام السلطة الوطنية الفلسطينية التي كان تجرّم تسريب الأراضي وتصف المسربين بالخونة.. إلاّ أن أحكاماً حقيقية لم تصدر بحق هؤلاء، حتى الأحكام الشعبية أي بمعنى التي يقودها المواطنون لم نسمع عن تنفيذ أي منها.

أدرك هؤلاء السماسرة الخونة منذ اليوم الأول أن ما يسمعونه مجرد بالونات تفجّر في الهواء.. وغثاء ليست له نتيجة، ولذلك تمادوا في فعلهم الإجرامي، بل على العكس، فإن كل مواطن شريف حاول التصدي لهؤلاء المجرمين كانوا يدبّرون له مكيدة، إما بالإيعاز إلى مشغّليهم من قيادات الاحتلال باعتقاله أو محاربته في لقمة العيش أو فبركة الفضائح بكل أشكالها وصولاً إلى حدّ القتل.

ولكن، أيضاً، مع دخول السلطة تواصلت عمليات التزوير والتسريب، وربما في بعض الأوقات بوتيرة أعلى مما كانت عليه في السابق، وأصبحت قضايا التزوير أكثر منهجية وأكثر قبولاً عند كثير من المسؤولين الإسرائيليين.. دون أن نرى فعلاً حقيقياً على الأرض يحدّ من هذه الممارسات الإجرامية.

كثير من العقارات وخاصة في القدس سرّبت بالتزوير والتحايل من قبل عملاء أعمت عيونهم الأموال القذرة.. كثير منهم أصبح معروفاً لدى الشارع الفلسطيني ولكن حتى اليوم لا يوجد رادع حقيقي لهم. ولهذا هم مستمرون في عملهم.. مستمرون في جرائمهم التي تطال أغلى ما يملكه المواطن الفلسطيني ألا وهو الأرض.

اليوم نحن بحاجة إلى رفع الصوت جماهيراً وقيادة والتأكيد على الفعل وتغيير هذه المعادلة التي سادت عقوداً طويلة.. يجب أن تكون في السلطة وعند الشعب يد ضاربة للنيل من كل هؤلاء.. ربما ليكونوا عبرة لهؤلاء المجرمين والخونة الذين ينتسبون عاراً وزوراً للشعب الفلسطيني الذي قدم عشرات آلاف الشهداء من أجل حماية هذه الأرض.. بل سقاها بالدماء.. فهل ستنتهج سياسة جديدة للكشف عن السماسرة المجرمين ومعاقبتهم؟!.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]