قالت: تساقطت الأيام وتسربت من بين يدى وانا اعيش مع رجل لم اشعر يوما انه يحبنى وكنت اجد فى ابنائنا الراحة والملاذ..لكنه كان انسانا بخيلا فى كل شئ وانسحب الابناء من حياتنا بعد ان تزوجوا واصبح لكل واحد منهم حياته وابناؤه .. وهنا ازدادت مساحة الوحشة بيننا ووجدنا نفسينا فى صراع دائم فلا هو يحتمل عتابى ولا انا احتمل سخافاته.
والاخطر من ذلك انه ادمن اشياء كثيرة وكان اخطرها جهاز الايباد الذى يبدأ معه رحلاته الصباحية ولا ينتهى منها الا عند النوم .. هل تتصور انه يتناول الطعام وعينه على الايباد واحيانا يأخذه معه إلى السرير قبل ان ينام .. لقد جعل من الايباد زوجة غيرى وكما عانيت معه ونحن فى شبابنا من الاهمال واللامبالاة فهو الآن يعيش الحالة نفسها ولكن مع آلة صغيرة تستنزف وقته وعمره .. لم تكن له اهتمامات ثقافية او فكرية فهو رجل عملى لا اعتقد انه حفظ بيتا من الشعر أو استرجع ذكرياته مع اغنية حركت وجدانه .
والآن لا شئ يؤنسنى وسط هذه الغربة النفسية ماذا افعل مع هذا الفراغ الرهيب فى حياتى ان ابنائى لا يسألون عنى الا فى زيارات قصيرة اما بقية الايام فهى فراغ فى فراغ مع رجل اختار رفيقة غيرى تؤنسه ويقضى معها كل الاوقات .
لا شك انها لعنة التكنولوجيا التى تراجعت معها العلاقات الانسانية حيث اصبح الصمت هو سيد الاسرة أمام التليفزيون وتفاهاته وأمام الايباد وحكاياته وللأسف الشديد فإن هذه التكنولوجيا الحديثة انتزعت من الناس ابسط أساليب التواصل وهنا تفككت العلاقات الإنسانية فلم يعد الأب أبا وفقدت الأمومة كل مقوماتها ان الاب الحقيقى للابناء هو النت والام الحقيقية هى اليوتيوب والفيس بوك أن صداقات وعلاقات الأجيال الجديدة تقوم كلها على هذه المواقع ولكن أن ينفصل رجل يعيش خريف العمر عن كل ما حوله ويترك نفسه للايباد يتنقل ما بين مشاهد الجنس والجرائم والصور المشوهة فإن هذا ينتهى به عادة إلى فقدان الذاكرة وهو ما يسميه الأطباء الزهايمر.
* قلت إن رفيق رحلتك يحتاج إلى علاج نفسى ولن تفلح معه النصائح.
[email protected]
أضف تعليق