كتب مرزوق حلبي في "هآرتس" ان الانتخابات المبكرة هي ليست نتيجة لأزمة حكومية أو للحكم، وانما هي نتاج أزمة خيالية. ولهذه الأزمة - على عكس القول المعتاد - يوجد الكثير من الآباء. فالحكومات الإسرائيلية تتناسخ وتراوح مكانها - سواء على المستوى الاجتماعي والاقتصادي أو السياسي-الأمني. ففي هذين المجالين هناك تراجعا وتدهورا انعكس في سلسلة من الظواهر، بما في ذلك تنامي الفقر وتقلص الطبقة الوسطى.

لقد قال اليمين الاسرائيلي، على مختلف اطيافه، كلمته. فقد استغل سنوات حكمه لتعزيز اقتصاد السوق وسد كل باب امام انفراج الوضع السياسي – الأمني. كما قام بمحاولات لتقليص حرية التعبير والمس بشكل جوهري، بالديموقراطية – والتي وصلت اوجها في قانون القومية الذي يعكس كل نظرية اليمين. ولا شك انه اذا عاد الى السلطة فسيكمل العمل الذي بدأه.

ولذلك فان السؤال الأهم قبل الانتخابات هو ما الذي سيفعله المعسكران الآخران – الكتلة الليبرالية المعتدلة، بما في ذلك ما تبقى من اليسار، والفلسطينيين في إسرائيل. كيف سيستعدان للانتخابات، على افتراض انهما سيطرحان بديلا، او على الأقل، منع اليمين من العودة الى السلطة ومواصلة تدمير المنطقة الممتدة بين النهر والبحر.

اجراء فحص معمق للتغييرات التي حدثت هنا في العقدين الماضيين، يحتم على هاتين الكتلتين اجراء تغيير جذري. وسأبدأ، اولا، بالكتلة الفلسطينية. أولا، أقترح على القيادة العربية التعامل الجدي هذه المرة مع النساء العربيات، وتشجيع المشاركة الجماهيرية في الانتخابات. فنهج دمج القوى، حين يكون الهدف هو المشاركة في الائتلاف وفي الحكومة بعد الانتخابات مع الكتلة الليبرالية المعتدلة في المجتمع اليهودي - بدلا من الجلوس على المقاعد الخلفية - يمكن أن يؤدي إلى إضافة 18 عضو كنيست الى الكتلة الفلسطينية.

لقد اظهرت كافة استطلاعات الرأي السابقة، زيادة حادة في المشاركة السياسية للمواطنين العرب في حال اتحاد القوائم. وعلاوة على ذلك، فإن الكثيرين من المواطنين العرب يمتنعون عن التصويت، لأنهم يعرفون أن ممثليهم يكتفون بالجلوس في الكنيست ولا يطمحون للانضمام الى الحكومة.

هذا يعني انه يمكن "للصوت العربي" تغيير وجه السياسة فقط اذا سعى للانضمام الى السلطة، من خلال رفع نسبة التصويت من حوالي 60% الى حوالي 80%. ان الاستعداد للانتخابات من خلال تحقيق هذا التغيير الاستراتيجي، سيشكل بيان نوايا من قبل المجتمع العربي في إسرائيل، وترسيخ تفاهمات مبدئية مع الشركاء اليهود. وبالطبع يحتم ذلك، ايضا، اجراء تغيير استراتيجي ملموس في توجه الليبراليين المعتدلين الى الانتخابات، نحو المواطنين العرب والمسألة السياسية. سيتحتم عليهم الاعتراف بحقيقة ان التغيير سيتحقق من خلال المشاركة الاستراتيجية طويلة المدى مع العرب في إسرائيل، ليس باعتبارهم مستودعا للأصوات، او داعمين من الجانب، وانما شركاء علنيين لهم قيمتهم.

هدف اسقاط اليمين يحتم هذا التعاون الذي سيقوم على اسس الديموقراطية، خاصة المساواة وعدالة تقاسم الموارد، خلافا لسنوات الاقصاء والتمييز والقمع. وثمة عنصر آخر في هذه الشراكة هو وجود اتفاق، وليس مبادئ، في المسألة السياسية. في هذه المرحلة يكفي الاقرار بأن وجهة الشركاء هي المصالحة التاريخية بين الشعبين في المنطقة الواقعة بين البحر والنهر، وأن الخيار الاستراتيجي هو الحياة معا - على عكس التصور الشائع للفصل العنصري.

من شأن هذه المصالحة ان توفر الحلول للعديد من المسائل العالقة، التي تفشل كل محاولة لإقامة دولة متنورة وكل فرصة لتسوية الصراع. ويجب ان تتطرق هذه المشاركة، طبعا، الى المسائل الاقتصادية والاجتماعية، التي انعكست خلال موجة الاحتجاج في صيف 2011. إنشاء شراكة كاملة على أساس المواطنة المتساوية، وبرنامج عمل على المدى الطويل، قد يتبين أنه العمل الاستراتيجي الوحيد تقريبا، الذي يمكنه منع عودة اليمين إلى العرش وقيادة البلاد والمنطقة نحو مستقبل أفضل.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]