دون سابق معرفة ، إتّصلتْ هاتفيّاً سيدة يهوديّة ،طالبة زيارة بيتيّة لي ،والاستماع الى محاضرة عامّة ،عن الدّروز، بِلُغَتِها، هي و رفيقاتها الخمس حضرن معاّ في الموعد المحدّد ،كُنّ قد تعرّفن على بعضهن البعض سابقاً، بواسطة الشبكة العنكبوتيّة ،قدّمت الأولى نفسها ...من بلدة ...،وقبل أن تُقدّم بقيّة رفيقاتها ،تفرّستُ في وجهها ، من باب حُبّ الاستطلاع فقط ،سحنة عربيّة ،ملامح شرقيّة ،قدود عراقيّة ، لهجة عبريّة مُصطنعة، تتعثّر الكلمات في حلقها ،يصعب التعبير عندها بالعبريّة ،كأنّ بوصلة ما ضاعت منها ،فَضَلّت الطريق ،وبشكل تلقائي قلت لها :أظنّ أنّكِ من أصل عراقي !صُعِقت السّيّدة وذُهلتْ ! جبل ملح وْزاح عن ظهرها ،انفرجت أساريرها ! تنفّست الصّعداء ،وبدل أن تقول :يوريكا ! يوريكا ! قالت :فُرِجت !من أخبرك ذلك ؟قلت لها من باب المداعبة : العصفورة !مكتوب على جبينك وبالعربيّة :أنّككِ عراقيّة الأصول ،دون أن تتردّد ،مسحت جبينها وقالت :أنا أنظر دائماً الى المرآة ،كبقيّة النّساء ،ولم ألاحظ ذلك أبداً ،قلت لها :هذه هي مشكلتك الخاصّة ،لم تقتنع بتعليلي ،وقدّمت رفيقاتها الأربع تباعاً ،وبالحَدَس فقط ، قلت :يبدو أّنّكنّ كلّكنّ عراقيّات،انا من روش هعين،قلتُ إنّها رأس العين ،قالت هناك منابع نهر اليركون! قلتُ إنّه نهر العوجا ...قالت قرب مفرق كيسم ...إنّه مفرق كفر قاسم ،رغم أنف وزارة المواصلات وجحودها المُفتعَل ،وقالت الثّالثة أنا من شمال تل أبيب ،قلت هذه بلدة الشّيخ مونس ،وبعض مبانيها الجميلة ما زالت قائمة ،رغم أن الجامعة ابتلعت أغلبيّتها ... ! ازداد استغرابهن أكثر وأكثر ،لأنّهن فعلاّ من أصول عراقيّة ،كما صرّحْنَ، صعُبَ عليهنّ ازدراد وهضم الاسماء العربيّة للمواقع ،تحّدّثت معهن بالعربيّة فإذا هنّ يبتسمن ببشاشة ولطافة :ما كنّا نتوقّع الحديث بالعربيّة التي نفهمها اكثر ممّا ننطقها ،ملامح الغبطة والاطمئنان بدتْ على وجوههن معاً، طلبن المزيد من الحديث بالعربيّة المبسّطة ،لعلّهن تستعدن ما رواه لهن ذويهن عن الذّكريات الحلوة في بلاد الرافدين، سردتُ على مسامعهنّ بعض الأمثال العراقيّة : بغداد ستّ البلاد ،البصرة خلّتْ بقليبي حسرة ،وأغنية فريد الاْطرش بساط الرّيح ،على بغداد ... بلاد خيرات بلاد امجاد....،وإذا بهنّ يواصلن الشّدو بإتقان :يا دجلة أنا عطشان ،من نبعك الفتّان ما اقدر أرتوي...زاد استغرابهن ،وطلبن المزيد من الفنون العراقيّة الدّارجة ،عرّجتُ على المطرب ناظم الغزالي :عيّرتني بالشّيب وهو وقار ،ليتها عيّرتني بما هو عار ...تدفّقت السّعادة والبِشر من وجوههن، قالت إحداهنّ :أتينا لنقتات غذاءً فكريّاً عن الدّروز ،فإذا بك تغذّينا روحيّاً وفكريّاً ،قلتُ الدّروزعرب أقحاح شاء من شاء ، وَأبى من أبى ، رغم أنف ايهود يعري وبقيّة غربان الشّؤم الحكومي ،والطّائفي في بعض أوساطنا المصهورة في البوتقة والقوميّة المُهَجّنة محلّيّاً ،لِأغراض شيطانيّة لا تَمتّ الى الواقع بأيّة صلة ! استغربْنَ جميعاً هذا القول غير مقتنعات ،يبدو أنّ طَبْع الّلَبَن ما بغَيّرو غير الكفن !الحنين لم يبرحهن لبلاد الرّافدين أبداً، أردْنَ اختباري ،قالت إحداهن : أتعرف سامي ميخائيل ؟قلت :اسمه العربي الأدبي سمير مارد، كما تجلّى في كتاباته العربيّة ،في صحف الحزب الشّيوعي الاسرائيلي، إنّه كاتب معروف بأدبيّاته ورواياته التي تعالج التّعايش العربي العبري ،وَعَيّنات من وادي النّسناس ،وَدَرَج سامي ميخائيل ،وفكتوريا ... واهدائه لي بعض مؤلّفاته ،ومواقفه الإنسانيّة ،لأنّه تجمعنا صداقة طويلة ،وقد استضفته في بيتي مراراً! تبادلن وجهات النّظر فيما بينهن ،حَمْلَقْنَ، تَوَجّسْنَ، تردّدْنَ، حلّقْن مع خيالهن الشّرقي في الأفق، تعمّدْتُ قطع حديثي ،ليواصلْنَ استعادة الافكار والاعتبار المُصادَر عمداً ،من قِبَل السّلطة ،صمتٌ وهدوءٌ حقيقي خيّم على الجو ،شعرتُ أنّهنّ هبطْنَ من عليائهنّ الى أرض الواقع المرّ الذي نعيشه جميعاً، ظَنَنَّ أنّهنّ أمام مواطن عراقي حقّاً، اعتقدنَ للحظات أنّني عُدْتُ لِتَوّي من بلاد الرشيد وألف ليلة وليلة ،حدّثتهنّ عن الكاتب المحامي الدّكتور الرّاحل سليم شعشوع ،وكتاباته بالعربيّة ،هو وقرينته الأصيلة الشّاعرة جاكلين شعشوع ،وعن بروفسور ساسون سوميخ ،ونظيره شموئيل موريه، والشّاعر روني سوميك ... ،والكاتبة شلوميت كوهن أسيف ،وقد ترجمتُ لها بعض أعمالها الأدبيّة الى العربيّة ،وغيرهم الكثير من روّاد الأدب العربي الذين قدموا من بلاد الرافدَين ....قالت إحداهن كثيراً ما سمعت من أهلي عن الشّاعر معروف الرّصافي ،والشّاعرة نازك الملائكة ،والعلاقات الحميمة مع الجيران العرب هناك ،حدّثتهن عن السّيد عادي إلدار ،رئيس بلديّة كرميئيل المُقامة على أرض قرى الشّاغور ، واعتزازه بما رواه له أبوه عن بلاد الرّافدين ،حتى حدث الطّوفان والتفجيرات المفتعلة بالاحياء اليهودية هناك، بُعَيْدَ قيام الدّولة هنا ،8/4/1950 ،14/1/1951 ،14/3/1951 ،10/5/1951 ،5/6/1951 . بعد انتهاء عملية التّهجير التي أطلقوا عليها اسم :عزرا ونحميا/هما من قادة اليهود في العراق بعد خراب الهيكل / .


في كانون الثّاني 1952 ،أُعْدِمَ في بغداد يهوديّان :يوسف بصري وشالوم صالح بتهمة التّجسّس .

جهات أمن اسرائيليّة كانت شريكة في تنظيم الهجرة ! وذلك لِدَبّ الذّعر ،الهلع ،القلق والخوف في نفوس اليهود، وحملهم على الهجرة السّريعة الى اسرائيل ،ضيفاتي لم يسمعن عن كتاب: ريح شرقيّة/رواح كديم/للسّيّد شلومو هليل العراقي ،روى به كشاهد عيان ، ما شاف كلّ حاجة/تعامى/ ،بلغة المصريّين ،كيف تمّ تهويل وتخويف يهود بلاد الرافدين من قبل الجواسيس اليهود هناك ،وبالتّواطؤ مع الحكومة العراقيّة آنذاك ،العدس بترابو وْكل شي بحسابو !سقط الجرحى، وتمّ تهريب اليهود الى إيران ،بالتّنسيق مع الشّاه المخلوع محمد رضا بهلوي ،والدّور الكبير الذي لعبه مردخاي بن فورات في هذه الصّفقة ،ثم تنظيم قطار جوّي من هناك الى مطار الّلدّ! البروفسور يهودا شنهاب استفاض في الحديث عن الموضوع عام 2006 وتحدّث عن : التّاريخ المكبوت لليهود الشّرقيّين ،وما يكتنف ذلك من تعتيم على الحقيقة ...ازداد استغرابهن ،وهنّ يشككْن بصحّة أقوالي ،تناولت الكتاب من مكتبتي وعرضته أمامهنّ، اندهشْنَ أكثر وأكثر، دخلنا موقع جوجل ،فإذا به يروي وبالعبريّة قضيّة التّهجير بالتّفصيل المُمِلَ! وتشاء الصّدف أن يستضيف رئيس الدّولة الحالي مجموعة من قادمي الدّول العربيّة ،كلّهم تحدّثوا عن التّهجير القسري والإجحاف ،الاضطهاد والظّلم هناك! ولم ينبس أحد ببنت شفة عن المؤامرات والتّنسيق الرّسمي ودور اسرائيل في هذه الحملات التي استقطبت عشرات الآلاف، عرضت عليهن كتاب الكاهن الرّاحل عوباديا يوسف، يشير به الى التّسامح الذي لقيه اليهود في البلدان العربيّة قبل قيام الدّولة والنّكبة ،استغراب آخر واستهجان ،الى جانب التّشكيك ،ولكن الكلمة الموثّقة خير برهان ! أكّدْتُ لهنّ ما تعرّض له يهود البلدان العربيّة من شطف دماغ مُمنهج، ومحاولة انتزاع اللغة والثّقافة العربيّة هنا ،بعد الرّش بمحلول :دي دي تي ،ورغم ذلك ظلّ البعض مُتمسّكين بالقِيّم والحضارة العربيّة .
**ومع نهاية موسم مشق الزّيتون ،الأصح البْعارة ،لأن الموسم كان شحيحاً ،جمعتُ الأغصان وحرقتها ،وإذا بشاب يهودي ،بَصْلَتو محروقة ، يوقف سيّارته قربي سائلاً: لماذا توقد النّار؟ -الارض ارضي والزّيتون ملكي !حتّى لو كنتَ ممّن يدّعون حماية الطّبيعة وهم لصوصها !قال لا ! اخشى أن تمتدّ الحرائق الى الحرش ،ويحدث ما لا تُحمد عقباه، عرّفني على نفسه قائلاً : اْنا اسمي صهيون من طبريّة ،قلت له هناك مثل يقول : طبريّة حجارها سود وسكّانها قرود ! مَسَحَها بذقنه ،مع ضحكة صفراويّة مُفتعلة ، وعاد إلى اسمه ليؤكّد لي : اْنا صهيون ، وجاء في التّوراة :من صهيون سَيَشِعّ النّور !ترجمتُ له اقتباسه الى الانجليزيّة ،قال ،اْنا لا اّجيدها !قلت له جادّاً :اليوم يجب اْن تقول من صهيون سَتَشِعّ النّار بدل النّور ،وانظر حولك الحرائق البشريّة في البلاد، عدا عن العنصريّة والحقد المُتَفَشّيين ، وَقَوْنَنَة ذلك وشرعنته في البرلمان ،وكفاكم حرائق مُدَبّرة مُفتعلة في هذه الدّيار ،وكُنْ على ثقة أنّ ما أفعله لا يمَسّ أي أحد بسوء! وَتَمّ النُّقل بالزّعرور يا مغرور ! عاد الى سيّارته سريعاً ،شمّع الخيط وْفَرَكْ !وْلَهونْ وَصّلْنا الجَمّال !

הסכם להעלאת יהודי עיראק (מאי 1950)

מתוך: עיתון ידיעות אחרונות.12.03.1951.

תיגבור העליה מעיראק (מרץ 1951)

© מתוך: עיתון מעריב. 16.03.1950.

*ويأتيكَ مُغَرّد عربي قُحٌ ليصدح متغنّياً بأ مجاد اسرائيل : .....دولة هي مصدر للتقليد والمحاكاة والتّعَلّم ،لجميع العرب المحيطين بها ،بما فيهم الفلسطينيين في الداخل والخارج ....،متناسياً الجرائم بحق الأطفال والنّساء ،التّهجير القسري ،النّكبة ، العنصريّة....ولسان حال رئيس الحكومة الحالي يقول :يا رايحْ كَثِّر من القبايح ،وْخوذْ عنّي جِيْتَك غارات جوّيّة على غزّة ، سورية ولبنان ... ،وَلْيَكُن الطّوفان من بعدي ،ونقول له :درب تْصُدّ ما تْرُدّ ،روحة بلا رجعة !،تتبعه تغريدة للمُحلّل السياسي أمنون أبرموفيتش ،يديعوت أحرونوت 8/12/2014 فيقول :وزير الدّفاع بوجي يعلون دخل التّاريخ من مقولته :يجب انتعال الأحذية طويلة السّاق في مركز الحكومة لِأنّها تَعِجّ بالأفاعي ،وعرف بوجي أخيراً أن أفاعي صديقة وأليفة هناك ،أمّا الأفاعي السّامة والقاتلة فهي في حزبه ،في بيته السّياسي ،أوكار الأفاعي القاتلة في بيت رئيس الحكومة !.أيّهما نُصدّق العربي أم الخواجا ؟خلّيها عليكو !

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]