يرى الوزير الاسرائيلي سابقا، عوزي برعام، في مقالة ينشرها في "هآرتس" ان شعار " فقط لا لنتنياهو" الذي تلتف حوله الآن الكثير من القوى، يعتبر خاطئا ويضلل صورة النضال في المعركة الانتخابية القادمة، بالذات لأن نتنياهو أجهز، ايضا، على الاعتماد الذي منحه له انصار اليمين.
ويكتب برعام: "أسمع المحللين في التلفزيون يشرحون باصرار بأن نتنياهو لن يكون رئيس الحكومة القادم، لأن افيغدور ليبرمان وموشيه كحلون لن يدعماه. بالنسبة لكحلون فان صورته ليست واضحة بالنسبة لي، وهو يبدو كمنتوج لمكتب اعلامي يقرأ نصوصا يفترض أنها قابلة للاستيعاب. انه "يميل الى اليمين" ولكنه "على استعداد لإعادة اراضي". وكما يبدو فان من يقومون بتفعيله يعتمدون على الافتراض بأن الكثير من الشعب سيقعون في اغواء دعم بشرى جديدة، علمتنا تجارب الماضي ما هي نهايتها.
اما اسقاط نتنياهو كي يتم انتخاب ليبرمان مكانه، فهذه فكرة لم استطع استيعابها. يقولون انه براغماتي، وانه لا يحمل ذرة ايديولوجية حقيقية، وان صهيونيته تسمح له بكل تحول. حسب رأيي ان ليبرمان هو ابرز غير المؤهلين دائما في السياسة الاسرائيلية، من درعي وحتى لبيد.– ليبرمان غير مؤهل دائم للقيادة حتى من ناحية عامة وشخصية. لكنه في المقابل مؤهلا دائما للتخمين.
اما نفتالي بينت، الشاب الوسيم في اليمين المؤمن، فهو زعيم يلتزم بالأفكار وله أتباعه الذين يدعمون طريقه ولا يتمسكون به بالضرورة. فليس مثل المستوطنين من يرد على كل تزييف، وليس مثلهم من يتخلى عمن يخيب آمالهم، ونقل ولائهم الى جهة يمينية اخرى. بينت يمثل إسرائيل مختلفة. أكثر تدينا. إمبريالية أكثر وخطيرة اكثر من اسرائيل نتنياهو. ما الذي يعنيه، إذن، شعار "فقط لا لنتنياهو" بما يتعلق بهؤلاء السياسيين الثلاثة – هل يعني لا لنتنياهو فقط اما بالنسبة لهم، فيعني نعم؟ لا أعتقد ذلك.
ان الميل العاطفي القوي نحو اليمين يرجع الى مشاعر الخوف والانتماء، واحتقار العرب والأجانب، وكراهية المعارض "محب العرب"، وعدم الاستعداد للاستماع إلى الحجج العقلانية ضد اليمين والمخاطر الوجودية التي تسبها سلطة اليمين لإسرائيل. مع ذلك، في الوسط، بين المعسكرين، هناك الكثير من الذين يساورهم الشكك ازاء المعسكرين. يتحتم على المعسكر الذي يقف الى يسار نتنياهو استخلاص الامكانيات الكامنة فيه خلال المعركة الانتخابية القادمة. فهذه الإمكانيات يمكن أن تضمن السلطة ايضا، ولكن إذا تمسكنا بالسيناريو الأكثر معقولا – فإنها قد تفسح المجال لليقظة على طريق الوصول الى السلطة أو الشراكة المشرفة فيها.
يتحتم على يتسحاق هرتسوغ وتسيبي ليفني ويئير لبيد، بالإضافة الى شاؤول موفاز، توحيد صفوفهم. وليس المقصود توحيد الأحزاب، وانما تشكيل كتلة موحدة عشية الانتخابات. فهذه الكتلة ستغرس الأمن في نفوس مؤيديها، وستعرض بديلا يجذب اليه جماهير واسعة. ويمكنه زيادة نسبة التصويت في المعسكر الذي سلم الكثير منه بالهزيمة. اما ميرتس فلديها جمهور المصوتين الذي يدعم رايتها وبرنامجها.
ينبغي التأكيد على أن اليمين الذي يريد العودة إلى السلطة هو يمين آخر. طموح ويثق بنفسه. الليكود الذي يمثله زئيف الكين وياريف ليفين أثبت رغبته بالإساءة الى النظام القانوني واغراقنا بقوانين التمييز التي ستجعل إسرائيل تفقد قاعدتها الأخلاقية ومكانتها الدولية. الصراع هذه المرة سيجري أمام وجهة نظر أصبحت تمثل الكثيرين، لكنها لا تزال هشة.
علينا ألا ننكر بأننا نمضي نحو معركة انتخابية في وضع لا توجد فيه كتل متساوية، كما في الماضي، وبالتالي فإن المعركة هي أكثر صعوبة، غرائزية ومعقدة. امام العنصرية المتفشية التي تريد فرض الترهيب حتى على طلاب المدارس اليهود والعرب، وتسبب العار لكل مشجعي الرياضة والثقافة – يجب طرح صورة مختلفة لإسرائيل، عادلة وتبث الأمل. هذا كله لا يلائم شعار "فقط لا لنتنياهو". فنتنياهو يبدو كما لو كان مشكلة الأمس، والنضال هو حول مشاكل الغد.
[email protected]
أضف تعليق