ترى الكاتبة كارولاينا لاندسمان في مقالة نشرتها في صحيفة "هآرتس" انه كان يتحتم على المعني باستبدال نتنياهو في السلطة، القول بأن نتنياهو كان محقا عندما هاجم اليسار وقال له: "بالنسبة لكم، لديكم صيغة بسيطة: اذا لم انفذ الإخلاء (المستوطنات) فأنا لم اعمل". وفوق هذا، يجب القول انه اذا كان هناك أي حق لإيجاد بديل لنتنياهو فانه يرتبط باستيعاب هذه الحقيقة: "لم تقم بإخلاء (المستوطنات) يعني انك لم تعمل.

وتضيف الكاتبة: "لكنه بدل رفض المعنى السلبي الذي الصقه نتنياهو بإمكانية إخلاء المناطق (الفلسطينية) تعامل معه زعيم المعارضة، يتسحاق هرتسوغ، كحقيقة، وأثبت فقط بأن نتنياهو ارتكب خطيئة "الإخلاء"، حيث قال له: "لقد قمت باخلاء الخليل والتصويت لصالح فك الارتباط". بل قام بعد ذلك بمنح معنى مجازي للإخلاء، بدلا من المعنى السياسي حيث قال: "لقد قمت بإخلاء سكان المساكن الشعبية من منازلهم. أخليت ثلاجاتهم وجيوبهم ومحافظهم."

لقد وقع هرتسوغ بكل بساطة ضحية للتلاعب الأخلاقي الذي يمارسه اليمين من خلال الكلمات. وعلى سبيل المثال، مصطلح "مجرمو اوسلو" الذي اطلقه اليمين. فبدلا من ربط هذا المفهوم بيغئال عمير، وباروخ غولدشتاين ومن أرسلهم، وبالإرهابيين الفلسطينيين، تم ربطه بيتسحاق رابين وشمعون بيرس.

ليس من قبيل المصادفة أن الحكومة تتهاوى في وقت كان يجري فيه النقاش حول قانون القومية. فما هو المقصود بقانون القومية إن لم يكن محاولة للاعتراف الذاتي بإسرائيل كدولة يهودية، بعد رفض عباس الاعتراف بها على هذا النحو، ذلك الرفض الذي اتخذ منه نتنياهو ذريعة لتفجير المفاوضات. نتنياهو يظهر الآن وكأنه يقول لنفسه: انهم ليسوا مستعدين للاعتراف بنا كدولة يهودية؟ لا حاجة الى ذلك! نحن سنعترف بأنفسنا.

لقد جرب نتنياهو على الإسرائيليين الخدعة التي جربها مع الفلسطينيين، وحصل على نفس النتيجة. ذلك أن التفاف نتنياهو لا يساعد المشكلة الرئيسية لإسرائيل: طالما لم تنهي إسرائيل السيطرة بالقوة على الفلسطينيين ولا تعترف بالدولة الفلسطينية إلى جوارها، فإنها ستظل حبيسة في حلقة مفرغة من العنف مع جيرانها ومع نفسها. هذه الحلقة التي تكلفها ثمن فقدان هويتها.

يمكن للجمهور أن يسمع قريبا، مختلف التوقعات بشأن توزيع المقاعد بين الأحزاب، وإمكانية التحالف في كتلة سياسية تستبدل نتنياهو. لكن الحقيقة البسيطة هي، ان التركيب المستدام الوحيد سيكون ذلك الذي يضم من يفهمون بأن مصير البلاد يرتبط بمصير الفلسطينيين، وان المجتمعين سيتحرران معا او يبقيان مستعبدين الى الأبد.

معركة الانتخابات الوحيدة المبررة هي تلك التي ستسفر عن تحالف يلتزم بحل النزاع وترسيم الحدود الواضحة بين البلدين. واذا لم يحدث ذلك فسنواصل التدحرج بين جولة عنف وجولة انتخابات، وهلم جرا. الشعار الذي يجب ان يطرحه البديل لنتنياهو يجب ان يكون "لم تُخل - لم تعمل"، ويجب ان يشكل، ايضا، الاختبار: من لا يقول هذه الكلمات، فانه يعاني من ذات المرض الذي تحاول اسرائيل التعافي منه.

يجب الدفاع عن الديمقراطية بالعمل: بإنهاء الاحتلال واحترام شرعية القوة السياسية لأصوات العرب. ولذلك يجب محاربة غسيل الدماغ الذي يتعرض له الإسرائيليون منذ الطفولة، في تعاملهم غير المتساوي مع الصوت العربي. لقد قال رئيس "يوجد مستقبل"، بعد الانتخابات الأخيرة، انه لن يقيم كتلة حاسمة مع "زعبيز" (نسبة الى حنين الزعبي). ان عنصرية يئير لبيد، التي تعكس عنصرية الناخبين والديمقراطية الاسرائيلية، هي التي جرت البلاد الى المكانة المتدهورة التي تتواجد فيها.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]