ترفض الكاتبة رافيت هيخت، في مقالة تنشرها في "هآرتس" الرأي السائد والذي يقول ان الانتخابات التي تبدو في الافق تعتبر زائدة، وانها تحدث فقط على خلفية الاشمئزاز المتبادل والدم الفاسد بين القادة. وتكتب ان العلاقات الشخصية المتعكرة في الحكومة تحتل دائما مكانة الشرف في سقوط الحكومة، والحكومة الحالية، العرجاء التي تستصعب الوصول الى النهاية، شهدت في كثير من الأحيان، معارك صبيانية كتلك الشائعة بين أطفال المدارس الابتدائية، الذين يشتمون امهات بعضهم. وكمثال على ذلك قانون القومية مقابل ضريبة القيمة المضافة بنسبة صفر.

ولكن هذه ليست سوى مواد الغلاف، التي اقنع العالم السياسي، الساخر جدا، نفسه بأنها العالم الحقيقي. وهي ليست كذلك. ان الانتخابات التي تمضي إسرائيل نحوها تعتبر احدى اكثر الانتخابات المبررة. اذ يتحتم على إسرائيل ان تقرر أي دولة ستكون، ومواجهة انعكاس ذلك: دولة يهودية- قومية انفصالية، أو علمانية - ديمقراطية وليبرالية. إسرائيل ذات قانون القومية، التي تسقط المساواة وتقسم المواطنين الى درجة (أ) و (ب)، او دولة تعتبر حقوق الانسان والمواطن قيما جوهرية. دولة تحفر على صدرها التعليم الديني اليهودي، او دولة تحتم دراسة المواد الأساسية من خلال الرغبة في مواصلة تعزيز التكنولوجيا الفائقة والتعليم. دولة تواصل تنمية المستوطنات على طريق الضم وسلطة الأبرتهايد والعقوبات الدولية، او دولة تتطلع الى السلام.

ان الحياة هي عبارة عن حل وسط وكليشيهات أخرى تنطوي على بعض الحقيقة، ولكن هناك بعض القيم في الواقع، وليس في عالم الأسافين السياسية الذي ادخل نفسه في دوامة، تعتبر كالزيت والماء. لا يمكن أن تكون متطرفا وديمقراطيا. لا يمكن سن قوانين تمييز، والتنكيل بكل من هو ليس يهوديا والتحريض ضده وفي الوقت نفسه ادعاء الديمقراطية. فالديمقراطية هي حكم الأغلبية، ولكنها أيضا حماية حقوق الأقليات، ووزراء الحكومة الذين يحرضون ضد العرب لا يطبقون مبادئ الديمقراطية الأساسية.

لا يمكن ان تكون عنصريا وديمقراطيا. لا يمكن التثقيف من خلال أبواق الحكومة كلها على تفوق وتفرد العرق اليهودي، والى جانب ذلك الادعاء بأن الدولة توفر المساواة المدنية لغير اليهود. ومن افضل ما يعبر عن ذلك احتجاج الدروز والشركس على قانون القومية، الذي ينطوي على كل محفزات الدمار اليميني.

لا يمكن ان تتآمر على المحكمة وتكون ديموقراطيا. فالمحكمة، وعلى رأسها المحكمة العليا، تجسد مبدأ الفصل بين السلطات وحماية الحقوق المدنية والإنسانية من السلطتين التشريعية والتنفيذية. والحكومة التي تمارس لعبة "الامساك" مع المحكمة وتسن للمرة الثالثة قانونا بعد أن تم الغاءه مرتين - هي حكومة تقوض سيادة القانون.

لم تكن ضريبة القيمة المضافة بنسبة صفر، والتي تساوي تكلفتها تكاليف الحملة الانتخابية، ولا التآمر الذي ينسبه اليه بنيامين نتنياهو، هما ما حطم الوعاء بالذات في ايدي يئير لبيد، وحتى لو ضعفت قوته، فان لبيد سيبقى مع عدد نواب يتألف من رقمين، معظمهم من العلمانيين، والمعتدلين، الذين يدعمون بطريقة أو بأخرى العملية السياسية، حتى لو كان ذلك بدوافع براغماتية ومصلحة. جمهور لبيد لم يرسله ليعمل لدى اوريت ستروك وجمهور المستوطنين في الخليل، وانما من اجل حياة الرفاه التي يعتبر الاتفاق السياسي ضمانا لها.

يمكن للبيد محاولة المغازلة بواسطة تصريحات على غرار "القدس هي فكرة"، ولكن بالنسبة لناخبيه، الذين يمثلهم أناس امثال عوفر شيلح، ياعيل غيرمان ويعقوب بيري، من المهم العيش في دولة ديمقراطية ذات توجه غربي.

حتى لو ستكون نتائج الانتخابات شبيهة بنتائج الانتخابات السابقة، وحتى لو ستكون أكثر تطرفا - فانها ستشكل صورة حقيقية للدولة. إذا كان توجهها نحو اليهودية وليس الديمقراطية، فسيحصل الجمهور على حكومة ضيقة تضم محور نتنياهو- بينت والكين. ويتحتم على الكتلة الديمقراطية الامتناع عن مواصلة تزويد حكومة كهذه بشهادة الشرعية.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]