حسب تقديرات بعض المحللين الصهاينة، فإن منفذي العملية الفدائية في القدس استوحَوْها مما يفعله تنظيم الدولة الإسلامية أو «داعش»، ويسوقون جملة من القرائن، للتدليل على ما ذهبوا إليه: اختيار كنيس كمكان للعملية الفدائية، بالإضافة إلى استخدام البلطات والسكاكين والذبح، وهو يشبه استعمال تلك المستخدمة لقطع الرؤوس، كل ذلك يعزز التقديرات أن الفدائيين تأثرا من «دعاية الدولة الإسلامية»!!
المحلل السياسي الإسرائيلي رون بين يشاي قال أن التطوّرات الإقليمية في العراق وسوريا كانت جزءا من دائرة التأثير التي حرضت الفدائيين على أن يفعلوا فعلتهم صباح أمس. وكتب بن يشاي في موقع YNET: «خلاصة الأمر أن ما وقع هنا قد وقع بدافع ديني- إسلامي نتيجة التحريض في دائرتين: التحريض الإقليمي بوحي من أفلام داعش والتنظيمات المصنفة معه، والتحريض الفلسطيني والعربي، الذي يدور حول الادعاءات بأن إسرائيل تحاول الإضرار بالمسجد الأقصى».
وإلى هذا ذهب محلل موقع «هآرتس» عاموس هرئيل، حيث قال أن المزج بين قضية الأقصى وبين النموذج الذي تمثله داعش هو ما يميز العملية. وكتب هرئيل يقول: «مع نموذج محاكاة للمتطرفين المجرمين من داعش (الدولة الإسلامية)، ومع الحجة التي يقدمها الانشغال الإسرائيلي المتزايد في القدس، يأخذ البعد الديني بالتشكل في هذا النزاع المتصاعد في القدس». حسبما قال هرئيل، تشير هذه المميّزات إلى أن الانتفاضة التي تتصاعد في القدس سترتدي ثوبا دينيا.
ويورد أحد المواقع الإسرائيلية «دليلا» آخر على هذه الفرضية، بقوله أن ثمّة مميزات أخرى تشير إلى أن الانتفاضة الجديدة هي نوع من الحرب الدينية بين المسلمين واليهود. بالإضافة إلى الانشغال المكثف بالأقصى، اختيار الكنيس كميدان للعملية الإرهابية، وقتل يهود وقت تأديتهم الصلاة، يعتبر تصعيدا شديدا في هذا السياق. والآية القرآنية التي اختارتها حماس للاقتباس كرد على العملية الإرهابية -»فساءَ صباح المنذَرين»- تدل أيضا على الطابع الديني للانتفاضة الجديدة!
من الواضح أن اليهود لا يريدون أن يفهموا انهم هم من يذكي نار الثورة في نفوس الفلسطينيين، وهم الذين يرعون هذه النار، كلما خبت، خاصة وأن هناك حالة خذلان عربي ودولي لفلسطين، ربما لم يسبق له مثيل، والأمر غير متعلق لا بداعش ولا بغيرها، كل ما هنالك أن اليمين الإسرائيلي المجنون يصر على الضغط على العصب الحي لدى الفلسطينيين: الأقصى، فضلا عن عبثية التسويات السياسية، وتخاذل القيادات الفلسطينية، وتعمق الانقسام في الصف الوطني الفلسطيني، كل هذا يضمن على ما يبدو ليس قيام الانتفاضة الفلسطينية الثالثة، فهي قامت بالفعل، بل استمرارها وإمدادها بالمزيد من النيران!
تبقى مسألة اختيار «مكان» عبادة لقتل يهود «أثناء الصلاة» وهو أمر تفسره جرائم الاحتلال، بحرق مساجد، وقصفها، والاعتداء على مصليّ الأقصى، بل منعهم من الوصول إليه، كل هذه الإجراءات تمد ثورة القدس بنسغ الحياة، وما إلقاء المسؤولية على دعاية «داعش» إلا نوع من خلط الأوراق، فالطعن واستخدام الأسلحة البيضاء والدهس، وكل وسائل المقاومة الشعبية، كانت قبل داعش وستبقى بعدها!
[email protected]
أضف تعليق