صلى عشرات الآلاف في الأقصى، في القدس، قبل يومين، بعد أنْ رفعت اسرائيل قيودَها عن أعمار المصلين، والمشهد سياسيا ودينيا يعني الكثير.

جاء قبل ذلك كيري الى الأردن، والواضح انه وصل لسببين: امتصاص غضبة اردنية ضد اسرائيل، وعدم مشاركة الاردن في نشاطات احتفالية بمناسبة وادي عربة. وصاية الملك على الأقصى، مسؤولية كبيرة جدا، وهي وصاية غير قابلة للتجزئة أو التهاون..

مس الأقصى؛ يعني انفجار انتفاضة فلسطينة، ويعني موجة غضب كبيرة شعبيا في الأردن، في توقيت لاتحتمل فيه المنطقة ايضا هكذا نتائج، خصوصا، في ظل عنوان اقليمي دولي يحارب داعش. هرول كيري الى الاردن في وساطة وإنْ لم تعلن جهارا لأجل تهدئة المشهد سياسيا، واسرائيل ذاتها تعرف ان الاردن، يمتلك اوراقا ليست سهلة.

وصاية الأقصى وإنْ كانت دينية، الا ان لها دلالاتٍ سياسيةٍ تصل حد تحليل التأثيرات على استقرار المنطقة .

هذا يفسر انصياع نتنياهو لما يريده الملك، في هذه الزاوية، وهذا يعني من جهة أخرى، أنّ الأردن المستقر هو القادر على حماية الأقصى، وخلخلة الداخل الأردني لاتفيد الا اسرائيل؛ لأن الخلخلة ونتائجها المحتملة ستجعل الأقصى بلا سوار حماية.

في قصة الأقصى، يترك العرب والمسلمون الأردن وحيدا، وفي ذات مرة، ، قال الملك: «إن حماية الاقصى بحاجة الى الاهتمام بالبشر في القدس، لان تدمير البنية الاجتماعية وتهجير الناس من القدس، سيؤدي الى تهويد المدينة، وتهجير المسلمين والمسيحيين ايضا، وسيأخذنا في النهاية الى تحويل الاقصى وقبة الصخرة الى مجرد اثار تاريخية، بلا بشر، وستتحول القدس الى متحف، وهذا اخطر مافي الموضوع».

والفكرة لامعة للغاية، لان الأقصى بحاجة الى الناس، وهؤلاء بحاجة الى دعم وتمكين، ويكفينا يوم الجمعة ان نرى عشرات الالاف صلوا في الأقصى، من كل الأعمار، فهذه هي رسالة عميقة، تقول: إن هؤلاء حراسه وروحه، الذين يمنعون هجره وتحويله فعليا الى مجرد متحف تاريخي مهجور، او محصور بالمسنين فقط، مثلما هي «الهاشمية الاردنية» هنا حارسته وروحه، سلماً وحرباً. اظهرت عمان في زيارة كيري توظيفا ذكيا للحظة الاقليمية؛ لان هذه اللحظة مرعبة لاطراف كثيرة، قلقة من داعش ومن وضع المنطقة، ولاتحتمل هذه الاطراف اي رد فعل بخصوص الاقصى، من جانب الاردن، وكان لزاما عليها ان تختار...إما رفع عينهم القادحة عن الاقصى وفك الشر عنه، وإما الحاق الاردن والضفة الغربية، بقائمة الأراضي المشتعلة من حول الاحتلال، وهذا امر لاينقص الاحتلال في هذا التوقيت بالذات.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]