المسلسل السّوري الاجتماعي الكوميدي: اْلخِرْبة/، تاْليف الاستاذ ممدوح حمادة اخراج: فراس منير ابراهيم ، نضال سيجري واللّيث حجو، عُرِض اْكثر من مرّة ، آخرها على قناة :سورية دراما، وقد اْثار ردود فعل متباينة بين قادح ومادح ،مهاجم ومدافع، ساخر وجادّ ، مُستهزئ ومُثمّن عالياً، ومهما كُتِبَ و قيل عنه الكثير ،سيبقى عملاً دراميّاً هامّاً، يسلّط الاْضواء على الكثير من : عاداتنا ، تقاليدنا ،سلوكيّاتنا، عصبيّتنا العائليّة ، القَبَليّة وحتّى الطّائفيّة ، بلدة الخربة في جبل العرب ،هي قرية عربيّة إسلاميّة ،درزيّة ، ما ينطبق عليها ينطبق على كافّة قرانا ومدننا العربيّة ، هنا في الدّاخل كذلك ، بغضّ النّظر عن انتماءاتنا الطّائفيّة ، واذا كانت بلدة الخربة الاْثريّة بحجارتها البازلتيّة السّوداء وقلوب اْهلها البيضاء ،ومعالمها التّاريخية، تَمُتُّ الى ماض بعيد، فإنّ قرانا ومدننا هي الاْخرى ذات تاريخ حافل ، وتراث عربي زاخر ، في طول البلاد وعرضها معاً ، شو خيّرَكْ عَنّو يا خوه يا ابن عمّو ! فولة وانقسمت ،مع فروق وبعض المميّزات الخاصّة اْحياناً :كاللهجة ، اللباس وبعض التقاليد... .

البَطلان الرّئيسان زعيما عائلَتَي: بيت بو قعقور وبيت بومالحة ،هما الفنّانان الكبيران :دريد لحّام :بو نمر، بو شوارب عيرة ! ، ورشيد عسّاف /بونايف ،بو وَبْرَتَين تحت اْنفو!،كما يتّهم اْحدهما الآخر،دقن اْبو السّلطان بغيابو ،ما بيستر الواحد من الثّاني غير وجهو ! الى جانبيهما هناك مجموعة كبيرة من فنّاني/ات سورية الاّصالة والعراقة، الحضارة وضروب الفنّ المختلفة ،ناهيك عن المواقف العربيّة ، الحزبيّة ،الوطنيّة والقوميّة معاً. القضايا الاجتماعيّة التي يتناولها المسلسل هي عديدة ،كلّ حلقة تعالج عدة مواضيع ، وعلى سبيل المثال فقط :التّناحر والمنافسة العائلية على الزّعامة ،الغيرة من العائلة الاْخرى ومحاولة التّفوّق عليها ، اذا كان لدى بيت بومالحة طبيب اْسنان/فوزي، فمن الضروري اْن يكون لدى بيت بوقعقور طبيب اختصاصي: اْمراض قلبيّة ونسائيّة معا/د عاطف ، حتى لو كان بيطريّاً !،ومحاولة تزويجه من ابنة عمّه دون علمه، حتى لو تزوّج واْنجب من اْجنبيّة اْثناء دراسته في الخارج!،الزّواج الدّاخلي بين اْفراد العائلة ،محاربة الزّواج بين اّفراد العائلتين ، تعيين مختارين لكل عائلة مختار ، التّمسّك بالقشور والمظاهر الخارجيّة ، وبعض العادات والتّقاليد ، إحضار جاهة لطلب يد الفتاة ،محاولة كسر القيود والخروج عن الماْلوف، إطلالة على الحضارة الجديدة ،الانتماء الحزبي، تسلّط الحمو على الصّهر ،كاْنّه عبد له:اْبو نمر على توفيق/باسم ياخور/ ،وتسلّط الفنانة ضحى الدّبسي على زوجها توفيق المقموع المسحوق اْمام الزّوجة والحمو معاً، هيام تقول باْلم :العمل اللي بتعملو نفّجة/ضحى في زوجها توفيق ، العدوّ الاْجنبي ما بيعملو !،وحين يقول لها ابوها بو نمر :اْقنعتي زوجك توفيق ، تقول بحزم :بَقِنْعو بالصّرماعة ! وشو هاي الصّرماعة يا بنتي؟ هاي الاقناع بالصّرماي يا بَيّي ! لاْ يا بنتي ! خلّيها ضربة عالحافر وضربة عالمسمار ! ، وتسلّط بو نايف على صهره: جوهر ، محاربة الإمبرياليّة والاستعمار ،ولو شكلاً ! المشاركات التّافهة في الاحتفالات الشكليّة والمظاهر الخارجيّة / محمد خير الجرّاح /جوهر الملتزم حزبيّاً ، ولا يحلف إلاّ بعروبته، لا يُفَوّت فايتة ولا طبخة بايتة للحزب وفعّاليّاته ،وذلك على حساب بيته واْرضه التي كادت تبور ، يشارك حتى في تدشين المنافع، للتصفيق للرفيق :ْبو طارق ،والتقاط صورة توثيقيّة معه، حتَى عَجّتْ حيطان الدّار بهذه الصّور ،وحين يتقاعس الرفيق بو طارق عن تاْدية خدمة تافهة لجوهر ،ينقضّ هذا على الصّور ،يُصفّي الحساب العسير مع صاحبها ،ويرميها حيث يجب اْن تكون ،باسم ياخور /بو عاطف ،منافس جوهر ،لا يُدعى ولا يحضر الاحتفالات الحزبيّة ،بل يحاول اْن يُقنع الجميع بِتَمَلّكه من علامات الوقف في العربيّة :فْتاح قوس ،تلاث مية علامة تعجّب ، واْلف علامة استفهام ، إسّا سكّر القوس !، ثمّ التّثقيف الذاتي الشّكلي ،دور العنصر النّسائي ،نمط الحياة العشائري والقبلي ،وما به من سيّئات وحسنات ، فيّاض راعي العجّال الذي ينسجم ويتماهى مع بقراته في صوته :إي ي ي ي... ويرفس برجليه كما الاْبقار ،حين تدعو الضرورة لمحاربة بيت بومالحة، ولا يخشى في الدّنيا إلاّ بقرة مْعَلْمو لاْكرم ،فهي مدعومة حزبيّاً، لا تقف إلاّ وسط الشّارع ،تتحدّى الرّاعي و سائقي السّيّارات ، ما بْتِمْشي غير ع َ الكَرّوسة/ الشارع/ يخاطب زوجته: يعني اذا اْنا كنت حمار في جدول الضّرب ، ضروري كُون حمار في كل شي ! بلاها هاي كلمة يا مو وبابا ،خلّينا ع َ :يَمّا وْيابا ،محاولة الالتحاق بركب الحضارة ، تمرّد بعض الشّباب على الشّيخين الزّعيمين :خِتيار السّبات وخِتيار البستوني ، جميل بوقعقور الحزبي يحاول اْن يتمرّد :على كام جبهة بدنا نحارب :الإمبريالية ... وزميله ملحم بو مالحة كذلك يحاول كسر الطّوق ،الاْستاذ صيّاح يتجرّاْ على قول :لا ،اْمام عمّه بونمر ،وكذلك طارق بومالحة الذي يحاول خطبة فلوديا بوقعقور /الطّالبة الجامعيّة ، ثم تاْتيك : المجاملات ،حسن الضّيافة والمضافة ،السّلاح التّقليدي الفتّاك الذي يملكه الختياران ،هو البصق في وجه من يقوى على مخالفتهما الرّاْي، المبصوق عليهم يمسحون البصقة ،ويتابعون النّهج .....البعض ربط هذا المسلسل مع مسلسل : ضيعة ضايعة... ،قمّة الشّماتة بين العائلتين :حين ياْتي بونايف و صهره جوهر والبقيّة مع قطيع الحمير كي يفحصها البيطري د .عاطف بوقعقور ، لشفاء الغليل ! بو نمر مش عديم الجوابات ! إيْ خيي بونايف ،اهلا وسهلا فيكو ! إسّا بقول للدكتور عاطف يفحصكوا انتو كمان عالبيعة !ينكّس بو نايف راسو ويعود بِخُفّي حنين ، والمقلب ينقلب عليه!

حتى الحزب /البعث/يلعب دوره الرّجعي، رغم ما يضحّي به جيل الشباب لاْجل هذا الحزب ،فيتدخّل لإفشال خطوبة وَنَسَب بين الحمولتين ،نزولاّ عند رغبة ختيارَي السّبات والبستوني ، وتحت ذريعة وحجّة : رغبة الجماهير !

حين يرى الخِتياران :التّمرّد الشّبابي ،شقّ عصا الطاعة وانفلات زمام الاْمور من بين اْيديهما ،يلجاْ بو نايف بالتّنسيق مع بو نمر ،خفية ، الى حيلة جهنّمية ،فيعبث كلّ منهما بشاربيه/ شرفه /شرف العائلة جمعاء ، وكاْنّ الطّرف الآخر اعتدى مُلَثّماً على شواربه تحت جناح الظلام ، مما يُلحق العار والشّنار بالعائلة كلّها ! يبداْ الختياران باستقطاب الجماهير وتحريضها على الاْخذ بالثاْر من الفريق الآخر ،كي يستعيد كل من الختيارين اعتباره وتقديره عند ذويه :خوذ مجاريح ،مَطاريح ،تكسير اْطراف واْضرار، وتدفيع الثّمن للاْبرياء !حتى الحياديّون العقلاء يدفعون الثّمن : الدكتوران ،الاْستاذ ،الحزبيّان جميل وملحم ،حرب ضروس لا هوادة فيها ،تاْتي على الاْخضر واليابس ،زمام الاْمور يفلت من اْيدي الختيارين ،يلتقيان سرّاً للتنسيق ولفلفة الطّابق ، كلّ واحد مع عائلته ،ويتّفقان على قسمة الخربة الى خربتين منفصلتين ،خربة بوقعقور وخربة بومالحة،إلاّ اْن يقظة الشباب تُفشل مشروع الختيارَين،وتبقى خربة واحدة ،فقط لا غير ،كما كتب غطّاس على اللافتة .حين يشتدّ النزاع بين الختيارين ،تقول الفنّانة شكران مرتجي/عطرشان /لِعَمّها بو نايف ببساطة :عمّي ! حمارين ما بيرتبطوش مع بعض ع َ طوالة وحدة !تقصد بونايف وبونمر ،يقول لها بو نايف :سدّي حَلْقِكْ وْليه ،واضبطي لسانك ،وْحسّني اْلفاظك! في الحلقة الاْخيرة تحت عنوان :حين لا تنفع الدّبكة ،يفلت زمام الاْمور كلّيّاً من بين يدي الختيارين ،بعد ملعوبهما الدّامي للاحتراب بين العائلتين ،يستنفر جيل الشّباب المتمرّد كافّة قواه ،من العائلتين معاً ،يشقّون عصا الطّاعة العمياء ،يَتَحَدَون الختيارين ، يحتفلون معاً بِعُرْسَي طارق بومالحة وفلوديا بوقعقور، غطّاس بومالحة وندى بوقعقور ،دبكة مشتركة ،زغاريد ،زفّة ،اْفراح وليالي ملاح ،وَبِتَغْييب الختيارين عمداً، خلص تاريخهما وكازهما ،الختياران يحاولان تدارك الاْمر بخطى يائسة ،دون جدوى ، في محاولة اْخيرة يقرّران حضور الزّفّة ،حتّى لو مَسكا على الجحشة/آخر صفّ الدّبكة ،يصلان السّاحة الخاوية ،فاتهما القطار ،يبكيان معاً حظّهما العاثر ،يصابان بخيبة الاْمل !للاْهل هناك قاموس خاص لبعض المصطلحات :البخعة/الفشل،فَشَروا/بِئسوا،بْتِكْحشو/ تطرده،اْفينيش/لا اْقدر ،نَخّ /حنى راْسه، جوفيّة /اْهزوجة...،اسماء عربيّة تقليديّة :نُفّجِة ،عطرشان ، رحمة ،الشباب يشقّون الحصار اللغوي:فلوديا ،غطّاس وسمعان...وهي اسماء ماْلوفة عند الاْخوة المسيحيّين.

المشاهد الدّراميّة كثيرة ،مُضحكة ، مُبكية ،مفرحة ،مؤلمة ومتعددة ،ويبقى المسلسل عملاً دراميّاً جادّاً وهادفاً، رغم اْنّ بعض مشاهده تعود الى بعض العقود الماضية ،فنّانون/ات من الدّرجة الاْولى ،اْدّوا اْدوارهم ببراعة ونجاعة ،صوّروا واقعاً معيّناً، وصراع البقاء بين الاْجيال ،من لا يتجدّد سيبقى منعزلاً عن رغبة الجماهير ،انتقاد النّظام ، الحزب والتّناقضات اْمر جَلِيّ،واذا كُنّا بحاجة الى تجديد وتحديث،وهذا اْمر هامّ وضروري،لكن ليس كل تغيير يجلب الخير ،المنفعة والتّطوّر ،فاْحياناً نُخطئ الهدف، فيقترن هذا بالرّجعيّة ،التّخلّف والتّقهقر ،كما يحدث لدى بعض المتجدّدين المتزمّتين دينيّاً عندنا، وما يصحبهم من :عنصريّة ،إنطواء ،إنغلاق ،طائفيّة ،فوضويّة وحقد على الآخر المختلف موقفاً ومبداْ ! تحيّة تقدير ومحبّة لكافة المشاركين في هذا العمل ،على اْمل اللقاء في عمل آخر وقريباً ،إن شاء الله ! 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]