عرف العالم كله اسم «كوباني» إذْ لا توجد محطة فضائية ولا إذاعية، ولا صحيفة ورقية أو الكترونية إلّا وتذكر اسم «كوباني» في كل يوم، وفي كل لغات العالم، وربما يتم تكرار الاسم بضع مرات في اليوم حتى لا تخلو نشرة أخبار عن الحديث عن آخر تطورات الموقف فيها وحولها، ثم تدور التحليلات وتؤخذ الصور وتنظم الأشعار، إذ أصبحت عنواناً .لبكائية العصر، وغدت مرثية القرن الواحد والعشرين.
«كوباني» قرية تقع على الحدود السورية- التركية، مثلها مثل كثير من القرى والمدن التي تتعرض لمواجهات عسكرية بين المتقاتلين على مدار ثلاثة اعوام ونيف، وقد يتم احتلال بعضها في الليل، ويتم الانسحاب منها نهاراً، كما يتم تبادل الاحتلال والانسحاب بين الفرقاء المتشاكسين في كثير من المواقع الحدودية، وبعض المدن والقرى التي يتم وصفها بأنها استراتيجية، لكن حتى الآن لم أستطع أن اتوقف على خصوصية هذه البلدة، ولم أقف على السر الذي جعلها سبباً في اشعال حرب عالمية ثالثة، وأزعم أني أحد المتابعين للمشهد السياسي ومع ذلك لا أستطيع أن أتبين النتيجة الدقيقة لآخر تطورات الموقف، فهناك تحالف دولي يشن غارات جويه بشكل يومي، ورصد عالمي وأقمار صناعية، وتعاون وتنسيق أمني واسع، وزيارات ولقاءات على مستوى القمة والقاع بين مختلف الزعماء الكبار والصغار، ولم يتم حسم الموقف بعد، وليس هناك بوادر أو مؤشرات على اقتراب موعد الحسم.
في مقابل ذلك هناك معركة خفية تدور في أروقة القدس وعلى عتبات الأقصى، وتستعد المنطقة لإطلاق شرارة حرب دينية رهيبة حول أقدس مقدسات الامة التي تهم مليارات البشر، ومع ذلك فهناك تعتيم إعلامي محكم الاغلاق، فلا تكاد تسمع شيئاً عن هذا الانتهاك، الذي يمثل أخطر الانتهاكات في اخطر المناطق وأكثرها سخونة؛ ما يجعلنا نقف أمام حقيقة مذهلة، أننا نعيش أكذوبة عالمية كبرى، وأن شعوب العالم وعلى رأسها شعوب العالم العربي والإسلامي تقع ضحية لخديعة إعلامية وهمية، يقودها مقاولون إعلاميون ومافيات عالمية متخصصة وأمبراطوريات صحفية، تلعب بمئات الملايين والمليارات، من اجل التفنن في إلهاء الدهماء والبلهاء، وقطعان المتسولين على أبواب السحرة الذين ينتظرون الفتات، من خلال التنافس على المشاركة في هذه الملهاة المغرقة بالسخف والاستخفاف.
ماالذي سوف يتغير في العالم في حالة سقوط «كوباني» في أيدي مقاتلي داعش، أو بيد فصيل عربي أو كردي أو في أيدي عصابة من إحدى العصابات التي تعمل لحساب عاصمة عربية أو إقليمية أو عالمية، وماهو الأثر الذي سوف يطرأ على مستقبل المنطقة، وقد رأينا قبل ذلك استيلاء المقاتلين المتطرفين على البوكمال، أو أم قصير، أو درعا أو حلب، والموصل، بل لقد سقطت صنعاء في يد الحوثيين الزاحفين نحو الاستيلاء على معظم أجزاء اليمن، فلماذا هذه المبالغة وهذه الضجة على كوباني بالذات؟ أمر محيّر ويستعصي على الفهم.
المطلوب من العرب بعض اليقظة وقليل من الصحوة، وأن ينتبهوا قليلاً للعدو الأول الذي يتربص بهم كل مرصد، والذي كان سبباً في اشعال بذرة التطرف في المنطقة وهو الذي يغذي الفرقة، ويصب الزيت على نار التوتر، وينفخ في شرر الحرب الدينية في العال العربي والاسلامي، حيث قال رب العالمين فيهم : (كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ ) وهو أصدق القائلين، فهؤلاء على مر التاريخ والأزمان كانوا سبباً في اشعال الحروب، ويقفون خلف اشغال المنطقة العربية، بالتحالف مع كثير من الأطراف على المستوى العالمي والإقليمي، والعربي كذلك.
الحد الأدنى المقبول من أرباب الإعلام العربي في أقل تقدير أن لا يكون منساقاً في معركة الشيطان في منتهى الغفلة والبلاهة، وأن يشرع بالعمل على توجيه الرأي العام العربي والإسلامي والعالمي، نحو معركة القدس والأقصى والاحتلال والتهويد والاستيطان والتشريد واشعال المعارك الدينية والعنصرية، والتمرد على جميع قوانين الأرض والسماء.
[email protected]
أضف تعليق