تعيش بوركينا فاسو أزمة سياسية عميقة وأعمال عنف كبيرة، إثر انقلاب عسكري على رئيس الدولة بليز كومباوري، الذي واجه أمس الخميس، احتجاجات شعبية رافضة لمحاولته تمرير تعديلات دستورية من خلال البرلمان، تمكنه من البقاء في السلطة لولاية إضافية.

تتطورت الأحداث في بوركينا فاسو "جمهورية فولتا العليا سابقا" سريعا، ففي يوم واحد، خرجت التظاهرات وأحرق المحتجون مبنى البرلمان وانحلت الحكومة، وصممت المعارضة على مطلب رحيل كومباوري، وأخيرا دخل الجيش على خط الأزمة ليحدد موقفه وينحاز لرغبة الشعب في الإطاحة بالرئيس، معلنا مرحلة انتقالية تعود للنظام الدستوري خلال 12 شهرا.

من هو كومباوري؟

ووفقا لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي)، ولد بليز كوباوري عام 1950 وتدرب كجندي في الكاميرون والمغرب، وخدم في عهد الرئيس توماس سانكارا في منصب وزير الدولة لرئاسة الجمهورية.

وفي بدايات حكمه، نزع سلاح الميليشيات المحلية. وعلى الرغم من ميوله اليسارية، شرع في برنامج الخصخصة وتدابير التقشف التي يرعاها صندوق النقد الدولي. كما رفض رسميا الاشتراكية قبل إعاده انتخابه رئيسا بالتزكية في عام 1991.

وفي أوائل عام 2011 واجه تحديا خطيرا لسلطته، عندما انضم جنود متمردون إلى محتجين كانوا يطالبون بزيادة الأجور، والعمل على ارتفاع مستويات المعيشة. واستطاع أن يقمع التمرد بنجاح، وقدم مئات الجنود للمحاكمة وأقال آخرين.

واستطاع كومباوري طوال فترة حكمه أن يمسك بالسلطة جيدا، حيث مارس دور السلطة التنفيذية من خلال تعينه لرئيس الوزراء، وأحكم السيطرة على الهيئات العسكرية والحكومية، كما أنه قدم نفسه مضامن للاستقرار السياسي والتقدم الاقتصادي.

مشواره السياسي


بليز كومباوري وصل إلى السلطة في انقلاب عام 1987 مطيحا برئيس البلاد الذي كان مقربا منه. وبعد ذلك، ظل ينجح في 4 انتخابات الرئاسية متتالية كان آخرها في نوفمبر/ تشرين الثاني 2010.

وتمهيدا للانتخابات الرئاسية المقبلة عمد بليز على التخطيط لتمديد فترة ولايته في منصبه إلى ما بعد عام 2015. وكان من المفترض أن تكون ولايته الحالية هي الأخيرة له. ولكن محاولته إقرار تعديلات دستورية من خلال البرلمان الذي درس مشروع قانون لإزالة الحد الدستوري، أدت إلى انفجار شعبي وخروج احتجاجات حاشدة في شوارع العاصمة.

كومباوري والربيع العربي

يوجد بعض اللقطات المثيرة في مشوار كومباوري، تذكرنا بعام الربيع العربي 2011 وربما تثبت أن للدكتاتورية "كتالوج". فعلى الرغم من بقاء كومباري في السلطة لأكثر من 27 عاما، بعد وصوله للحكم على حساب رئيسه الذي كان يعمل لديه، عمل على "التمديد" متشبها بالرئيس المصري الأسبق حسني مبارك.

وفي خطاب عبر التلفزيون عقب الاحتجاجات ودور الجيش وتعقد الأزمة، قال كومباوري: "لقد سمعت الرسالة وفهمتها"، ليذكرنا بخطاب الرئيس التونسي السابق بن على، الذي قال نفس العبارة في خطاب موجه للمحتجين في 14 يناير/ كانون الثاني 2011.

وعلى الرغم من ثورة الشعب ومطالبة المعارضة له بالرحيل، وإعلان الجيش دخول البلاد مرحلة انتقالية والعودة لنظام دستوري خلال عام، ما يعني ضمنيا سقوط نظام كومباري، وعد كومباوري بفترة انتقالية لكنه رفض الاستقالة، ما يذكرنا بموقف الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي الذي قال إنه سيقود الثورة، التي كانت تطالب برحيله.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]