تحدّث الجدّ اْمام الاْحفاد عن الكاتب الرّسّام الاْمريكي:سيلفر ستون ،كاتب قصّة الاْطفال : الشّجرة السّخيّة 1964 م ،وما قدّمته طيلة عمرها من :ثمار ،ظلال ،اْغصان ،فروع ... حتى ساقها الذي استخدمه الشّاب /الشّيخ كقارب للاِبحار به ؛ وبعد إيابه لم تبخل الشجرة ببقايا ساقها كمقعد له في شيخوخته ،تبادل الصّغار وجهات النّظر ،نظريّاً بلغة العيون فقط ،وقد اْوحت هذه بالكثير من علامات السّؤال ،الاستغراب والاْعجاب في نفوسهم ! قال اْحدهم بحماس :جدّي جدّي! لقد شاهدتُ في حديقتنا شجرة زيتون تُشبِه تلك الشجرة السّخيّة في بقايا ساقها على شكل مقعد ؟
-الجدّ :حسناً ، حسناً ،هيّا نذهب إليها ،فهي خير برهان على العطاء والسّخاء، الاْحفاد اقتربوا من بقايا ساق شجرة زيتون معمّرة ،اْشبه بمقعد ثابت ، قد تكون روميّة ،بيزنطيّة اْو إسلاميّة ، والله اْعلم !ساْلت إحداهنّ جدّها ببراءة ،مَن قطع /قصّ هذه الشجرة المباركة ؟
- الجدّ :اْنا فعلتُ ذلك مُجبراً !شو بيجبرك ع َ المُرّ ، اللي اْمَرّ منّو !
-اْجابوا جميعاً ،كجوقة إنشاد في عيد الميلاد : ولماذا يا جدّنا العزيز ؟
-هذه الشّجرة شابت ،عابتْ ،ذَوَتْ، جفّت وذبُلت ،نخر السّوس بها ! تداركتها متاْخّراً لئلاّ تتلاشى ، ولتخفيف الاْضرار ،قدر الإمكان !
-اْيّة اْضرار هذه التي تتحدّثُ عنها !
-قد يكون :المرض ،العدوى وغيرها !
-اْجابوا معاً : ولكنّها شجرة مباركة ،ورد ذكرها في الرسالات السماويّة الثلاث !
-اْنا اْعرف ذلك تماما ،وقد ورد ذكرها في العهدين : القديم والحديث 26 مرّة، وفي القرآن الكريم 7 مرّات ، منها :والتّين والزّيتون وطور سنين وهذا البلد الاْمين.../سورة التّين ، الله نور السموات والاْرض، مَثَلُ نوره....شجرة مباركة ،زيتونة لا شرقيّة ولا غربية ،يكاد زيتها يضيئ.../النّور / صدق الله العظيم !ومضى الجدّ قائلاً: كان لديّ إحساس باْنّ الجذور بقيت حيّةً ،وقد تستعيد عافيتها وتنمو من جديد ،في صراع البقاء، وفعلاً بعد سنة واحدة اْخذت بعض البراعم تنتش ، تحصحص ،تبرعم مخضرّة ، متحدّية، شذّبتُها ، رويتها بعناية فائقة ومكثّفة ، بعد سنوات قليلة نمت وكبرت ،هاكم ساقها سما وارتفع ،مكوّناً نواة لشجرة متجدّدة ، ع َ الشروش تنمو الشجريّة ،مين خلّف ما مات ،ما اْحلى البيت اللي بيطلع منّو بيت ! ربّتْ كَفّة ،تفرّعت اْغصانها واْثمرت ، وهذا رصيصها هذه السّنة ،قُدّام عينيكو يا حبايبي ،وانتو ساعدتوني في مشق الثّمر بلطف وعناية ثمّ مداعبة، لئلاّ تتكسّر اْغصانها ، ويعطيكوا اْلف عافية !اْنظروا السّاق القديم المنشور ،إنّه يتّسع للجلوس عليه معاً ،مقعد خشبي دائم لبعضكم ،والبقيّة يستظلّون بظلّ الشجيرة المتجدّدة .
قال اْحدهم :هات ما عندك يا جدّي من اْمثال شعبيّة عن الزّيت والزّيتون ،واحن في عزّ الموسم !
-على الرّحب والسّعة ،سجّلوا عندكم ،على اْجهزتكم الخليويّة الحديثة : تينة وزيتونة وغنمة لبونة ،تْسوكَرَتْ ثلثين المونة! كول خبز وزيت بتناطح الحيط ،خبز وْدُقّة ولا تنام حْزُقّة ،مثل الزيتون ما بيحلى إلاّ بالرّص ،اْيّام الزّيت اْصبحت اْمسيت ......
-قالت الصّغيرة :شو عندك اْمثال عن اْصناف الزّيتون ، يا جدّي ؟
-تِكْرَمي إنتي والجميع :الزيتون الصوري بيقول للمعصرة دوري/كثير الزّيت ،الذّكّري بيقول للمعصرة إكْري ،الجْلُطّي بيقول للمعصرة نُطّي/زيته قليل ،النّبالي إزرع ولا تبالي ،الملّيسي لقاطو بيشَيّبْ بَسْ زيتو طيّب ،الزيتونة تقول للفلاّح :ابعد اْختي عنّي وخوذ ثمرها منّي ....
-قالوا متسابقين :يا جدّي ! انتي بتذكّرنا بقصّة كسرى والفلاّح الشّيخ :غرسوا فاْكلنا ،ونغرس فياْكلون !
-قال الجدّ :كلّ الاْشجار سخيّة اذا اعتنينا بها ،مثل ما بدّنا منها ،بَدّها مِنّا ،رائعة الكاتب سلفرستون لها مثيلاتها في اْدبيّاتنا !
-الحفيدة :وما الفرق بين شجرتك وشجرة سلفرستون ؟ يا جدّي!
شجرتنا اْسخى ،اْكرم واْجود من شجرته ،تلك زالت واهتفت من الوجود، اْمّا شجرتنا فهي حيّة، معطاءة ،تتجدّد دائماً واْبداً ،السّاق المقطوع يصلح لاْن يكون مائدة مستديرة ،تضعون عليها ما تيسّر من زادكم :خبز صاج ،لَبَنِة ،جبنة بلديّة ،زعتر ،رصيص الزيتون ومكبوسه بالفيجن ،اْغصان الرّشاد، البصل الاْخضر، القُرّة المكابيس، وما بقي من حواضر البيت ، والتجربة خير برهان ،شوفوا بعينيكو، يا حبايبي !لا تقولوا فول حتّى يصير في العدول !
-الحفيد مُصحّحاً :لاْ ،لا تقولوا فول حتّى يصير في المكيول !
-قالت الجدّة :علشان شجرتنا سخيّة واْرضنا خصبة ،فقد سمحت للكثير من بقول /سْليقة / بلادنا بالنّمو تحتها وحولها، مثل :العلت/الهندبا/ ،القُرْصعنّة ، الشومر ،كفّ العروس ،الشّحّيمة ، المُقْرة ،الخردل و....
واْضافت الجدّة :دُمتم لنا سالمين جميعاً، الدّنيا برق ورعد، ا لحُكْم للقادم ، إنْ قوّست من عَشِيّة دوّر ع َ قُرنة دْفيّة !
-الحفيدة : إن قوّست من باكر إحمل عصاك وسافر !
-الحفيد :وانْ قوّست قِبْل وْشمال حِلّ الفدّان !
-حفيد :وان قوّست شرق وغرب نام ع َ الدّرب !
- والله اْسخى واْكرم بلا حدود !
حفيدة : ما فيه جود غير من الموجود ! الجميع : وهو كذلك ،قال الجدّ ،وتصبحون على خير وطن يا اْغلى اْحفاد في وطن الآباء والاْجداد
!
[email protected]
أضف تعليق