يكتب عوزي برعام في "هآرتس" انه يعترف بأنه لم يفهم ابدا من هو افيغدور ليبرمان. هل هو رجل يمين في مشاعره ومؤيدا للاتفاق في نظرته المنطقية؟ هل هو المسيطر الوحيد في حزبه، او الأب الرحوم والمدلل، كما قالت لي عضو كنيست من كتلته؟ عندما يبقى الانسان الذي يتجول في الحلبة السياسية منذ سنوات طويلة، مجرد لغز – توجد مشكلة، له وللنظام.
ليبرمان لم يسهم بأي شيء حقيقي في أي من المناصب التي شغلها. وهو كعضو في الحكومة يتصرف كعضو في منظمة الفرسان. جلسات الحكومة ليست حلبته، فحلبته في الخارج، على صفحة الفيسبوك واللقاءات الصحفية. من عينه وزيرا لخارجية اسرائيل كان يعرف بأنه يدخل مهووسا بإشعال الحرائق الى منظومة حساسة، ليس هناك ما هو أسهل من اشعالها. وزير الخارجية بحكم منصبه، هو مرآة الدولة. هو الذي يحضر الى طاولة الحكومة مشاكلنا السياسية ومصاعبنا المتزايدة، ويطالب بدمجها في جدول الأولويات السياسي للحكومة.
لو كان ليبرمان وزير خارجية حقيقي، لكان قد هاجم نفتالي بينت واوري اريئيل بسبب نيتهم البناء بحجم واسع في الضفة، وكان سيحذر الحكومة من نية برلمانات في العالم الاعتراف بالدولة الفلسطينية قبل قيامها. لكن إسرائيل تفقد موقعا بعد موقع في ظل ولاية ليبرمان. المقاطعة ضدها بدأت تظهر وكأنها شبه شرعية. حتى الصين التي تتمتع بقوة كبيرة والتي يفاخر رئيس الحكومة بتوثيق العلاقات معها، بدأت تدير ظهرها لنا في كل قرار.
يبدو ان ليبرمان لا يعتبر نفسه وزيرا للخارجية، من مهامه وضع دولته في مكانة جيدة ومؤيدة في العالم. بل يبدو انه يفضل بأن يكون الناطق بلسان الشارع اليميني، ويعزف على كل وتر بدائي، كي يكسب دعمه. مضايقة الأقلية العربية تعتبر عنصرا رئيسيا لديه. لم يفهم أبدا بأن تعاملنا مع الأقلية العربية هو الاختبار الحقيقي للاعتراف بنا كدولة ديموقراطية شرعية.
لا ضير في مطالبته باخراج الجناح الشمالي للحركة الاسلامية عن القانون، فانا، ايضا، اعتبر الشيخ رائد صلاح عدوا مريرا. ولكن عندما يحتج النواب العرب على التمييز بحقهم، تأتي الكلمات الذهبية للمسؤول عن المكانة الدولية لإسرائيل: "ارحب بنية النواب العرب الانفصال عن الجهاز السياسي في إسرائيل. آمل أن ينفذوا تهديدهم". هذا يعني ان وزير خارجية حكومة إسرائيل يريد الكنيست بدون ممثلين للأقلية العربية.
من المؤكد أنه يحظى بالتصفيق على مدرجات "لافاميليا" في انحاء البلاد، ولكنه يتنكر بذلك لكل القيم الديموقراطية والاخلاقية التي تقوم عليها وثيقة الاستقلال. حين كان مناحيم بيغن رئيسا للحكومة عارض رفع نسبة الحسم لأن من شأن ذلك تقليل التمثيل العربي في الكنيست. وعندها، قال، سيعملون بطرق غير برلمانية. ولكن اين ليبرمان من ميراث بيغن؟ اين هو من المسؤولية عن وضع ومكانة الأقلية العربية؟
يفترض بوزير الخارجية ان يدافع على رؤوس الاشهاد عن ممثلي الجمهور العربي وابراز التسامح الاسرائيلي ازاء اراء الأقلية القومية. رئيس الدولة رؤوبين ريفلين يميز امراض المجتمع ويشير اليها بدون خوف. ليس مفاجئا ان ليبرمان ورفاقه لم يرغبوا به كرئيس. انهم يطمحون الى خنق كل صوت موزون يأتي من معسكر اليمين.
انا اعارض بينت واريئيل وزئيف اليكن. وكان سيسرني لو لم يكونوا في السلطة. ولكنني ارى فيهم منافسون يقودون نحو طريق خطيرة تلائم افكارهم. ولا يمكنني عدم شجب شخصية رسمية ووزير خارجية لا يفهم ما الذي يؤمن به. ما هي رؤيته التي توجهه. مسألة واحدة واضحة – المكان الذي يسعى اليه.
[email protected]
أضف تعليق