يشكِّل التعليم العالي بالنسبة للمجتمع العربي أداة الحراك المركزية وربما الوحيدة على المستويات الاجتماعية والاقتصادية وحتى السياسية. وبالمقابل لأهميته فأن الطلاب العرب يمرون قبل وخلال دخولهم لمؤسسات التعليم العالي بسلسلة من المعيقات والتي تبدأ من بداية تفكيرهم بإكمال دراستهم العليا، مرورا بقبولهم لمؤسسات التعليم العالي وانتهاء بتخرجهم واندماجهم في سوق العمل الذي يشكل أيضًا تحديًا أمامهم، وذلك من خلال البحث عن عمل يتلاءم مع التخصّص الذي تخرج منه الطالب العربي. تتفاعل هذه المعيقات مع بعضها البعض، بمعنى أنّ أحدها غير منفصل عن الآخر، فكل واحد يتأثر بالذي سبقه ويؤثر على الذي يليه، وتزداد الأمور تعقيدًا بالنسبة للطالب العربي في حالة التقاء كل هذه المعيقات دفعة واحدة.

إنّ هذه الصورة المركبة هامة في تحليل حالة الطلاب العرب، وهذا ما عكف عليه الباحثين العرب في مجال التعليم العالي منهم د. يوسف جبارين، ود. مهند مصطفى وآخرين.

في هذا التقرير التقينا بعددٍ من الطلاب العرب لنسمع منهم عن التحديات التي واجهتهم سابقًا، ولربما لا زالت، وذلك بالتزامن مع افتتاح السنة التعليمية 2014.

اللغة، التحضير، المستوى التعليمي ...

فاطمة عاصلة، طالبة جامعية في المراحل النهائية في تعليمها الاكاديمي بموضوع "علم النفس وخدمات بشرية"، وهي وهي ايضا عضو ومؤسسة مجموعة "رابطة الطلاب الاكاديميين في عرابة "، قالت لموقع "بكرا": واجهت في بداية الحياة الاكاديمية صعوبات كثيرة لا تختلف نسبيا عن حال العديد من الطلاب العرب الملتحقين بالجامعات والمؤسسات التعليمية العبرية في البلاد، وأميل لتحديد العائق الأول وهو كوني طالبة عربية في مؤسسة عبرية.

وأضافت: الانتقال من مرحلة تعليمية لأخرى، مع اختلاف للمنهاج، طريقة التعليم، اللغة المستعملة، لم يكن بالشي السهل ايضًا، وهو عائق إضافي. بدون مثابرة دائمة لم أكن لأمر هذه المرحلة بسلام، طبعا بالإضافة إلى دعم الاهل والأصدقاء.

وعن التغلب على الصعوبات قالت عاصلة: انه أمر طبيعي ان تكون هناك عوائق في بداية كل طريق جديد، وان يواجه الطالب العربي صعوبات معينة، فلا شك ان الاحداث السياسة في الاونة الاخيرة لها دور في التأثير على نفسية الطالب مما يواجهه من تحديات. وهنا يجب ان يثبت الطالب قدراته وشخصيته ويتقدم بثقة اكبر نحو تحقيق النجاح، وان يؤمن بانه قادر على التغلب على كل الصعاب التي تقف امامه وان يتذكر انه امام تحديد مصير وبناء مستقبل، وان يعي انه امام مسؤولية لها القسم الاكبر يقع على عاتقه .. وان يواجهها بحكمة اكبر وثقة اكبر .

تحضير الطالب مهم 

بدورها قالت حلا نعامنة، طالبة سنة 3 في جامعة حيفا في موضوع (العلاج الوظيفي): انه من الامر الطبيعي ان تكون هناك صعوبات امام الطالب العربي بالمراحل الاولى في طريقة للتعليم العالي، منها اختيار موضوع التعليم في ظل غياب المرشدين والموجهين المختصين للطلاب ما قبل المرحلة الاكاديمية، وايضا الضغط الذي يواجهه الطالب من الاهل حول اختيار الموضوع الملائم له ولقدراته ولميوله، وانتقاله من مرحلة كان فيها بحاجة لتوجيه شخصي والى رعاية خاصة الى مرحلة يجب عليه ان يقرر مصيره بنفسه .. وانتقاله الى عالم مختلف تماما عما كان عليه في المراحل السابقة في الثانوية .

وأضافت: ومن الصعوبات التي يمر بها الطالب العربي ايضا، التغير في اللغة وقلة التجربة في التعامل مع الامور المختلفة بالحياة ما بعد المرحلة الثانوية .. وعدم ادراكه لكل الامور المحيطة به، ومعرفة حقوقه كطالب عربي دون تجربة، على عكس الطالب اليهودي الذي يتمتع بكامل حقوقه دون الحاجة للتوجه واللجوء الي اطراف مساعدة .

وعن تجربتها الشخصية تحدثت حلا مع مراسلنا: كنت اطمح تعلم موضوع الطب في البلاد و وكما هو معروف ليس بالامر السهل امام الطالب العربي قبوله في هذا الموضوع، حيث واجهت اختبار كان صعبا جدا علي كوني عربية اولا ودون تجربة تخوّلني اجتياز الاختبار بنجاح، مما ادى بنهاية المطاف الي اختياري موضوع اقل مستوى واقل شروط .

وفي نفس السياق تابعت الحديث، قائلة: عدم انفتاح الطالب العربي وقلة تجاربه في الحياة وعدم توفير الفرص امامه ما قبل المرحلة الاكاديمية قد تؤدي بنهاية المطاف الى عدم التأقلم مع ابسط الامور بالحياة بشكل عام، وقد تشكل عبء عليه في التقدم الاسرع الى الامام.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]