اذا كان مخطط تقسيم الشرق الاوسط الذي يسمى بمخطط سايكس-بيكو قد هدف اساساً في الثلث الاول من القرن العشرين الى تفتيت العالم العربي على ارض الواقع، فقد جاء برنامج اراب آيدول الى ترسيخ هذا المخطط في الذهن والقلب معا.
سايكس-بيكو الذي لا اعترف به بتاتا عكان قد هدف الى تفكيك الامبراطورية العربية الاسلامية بتوجيه فرنسي-بريطاني وبمباركة ومشاركة من يسمى بالشريف حسين الذي وقع في فخ مطامعه واصبح اضحوكة بيد الانكليز ومحتالي بلاد الغال وها نحن نشهد في العامين الاخيرين اعادة التاريخ لنفسه بواسطة ترسيخ الحالة القُطرية والعمل وفق برنامج مخطط على طمس كل ما يتعلق بالبعد العربي والتقارب المحتمل بين ابناء الامة والدين الواحد وبتوجيه اوروبي- امريكي-اسرائيلي وكل هذا بتنفيذ خليجي يقف على رأسه الاماراتيين وآل سعود الذين يستغلون نفوذهم الاقتصادي ومواردهم المالية الضخمة لشراء ذمم دول وزعمائها كملك الاردن وعرص مصر السيسي.
لقد رأينا سابقا ظواهر ذاك التعصب البغيض والغير مبرر من قبل مواطني تلك الاقطار العربية كل لدولته فعلى سبيل المثال كان الاردن قد اطلق شعارا غريبا فحواه ''الاردن اولا'' وهو شعار يعزز الروح الانفصالية وتفوح منه رائحة كريهة من الكبر والتعجرف. وكذلك شعارات مصرية كارفع رأسك فوق انت مصري وغيرها. وهذا يظهر جليًا بوتيرة تضامن الشارع العربي المخزية مع القضية الفلسطينية وحرب غزة الاخيرة على سبيل المثال او ما يحدث من مجازر في سوريا او العراق او اليمن حيث يظهر تواضع رد الفعل العربي وكأن الامر يحدث في دولة وثنية اجنبية.
كل هذا يضاف الى مخطط انفصالي آخر يهدف لتفتيت وحدة المصير والقرار العربي وهو تأسيس مجلس التعاون الخليجي وغيره من التحركات ذات الصبغة الانفصالية..
وكأن هذا لا يكفي فقد جاء اراب آيدول لترسيخ الروح الانقسامية هذه وتعزيز تعصب كل قطر لذاته، وان كنا امة عربية واحدة ذات رسالة خالدة من المحيط الهادر الى الخليج الثائر كما يدعي بعض الثوريين والقوميين الجدد اذاً لماذا يتعصب المصري للمتسابق المصري في هذا البرنامج وكذلك السوري واللبناني والعراقي والمغربي.هذا التنافس قد يصل احيانا حتى حالة من الكراهية والبغضاء. اما عن الفلسطيني حدث بلا حرج فقد خرجت حتى الرئاسة العباسية التي تفرغت من مهامها لتدعم المتسابق الفلسطيني بشتى الوسائل وكأنها قد انهت حل جل مشاكل الشعب الفلسطيني وانتزعت حقوقه من الاسرائيليين وكأنه لم يبقى امامها من مهمات مصيرية سوى الفوز بمسابقة هذا البرنامج.
وعلينا ان لا ننسى بان الامارات التي تستميت لاجهاض الربيع العربي ووأد كل فكر او تحرك تحرر عربي، تعمل من خلال هذه البرامج الهابطة على صرف الانظار عن مشكلتنا وقضايانا الحقيقية والواقعية، وتقود المواطن العربي للانسجام مع واقع لا يلائم حلمه وتطلعاته وتشغله ببرامج مهمتها غسل الدماغ وحصر تفكير المواطن العربي ببرامج ترفيهية تصرف عليها ملايين الدولارات تكفي لجعل العالم العربي في مقدمة مجموعة الدول المتصدرة العالم اقتصادياً ..
وان كان سايكس -بيكو قد شتت الامة العربية الى دويلات من الموز فان سايكس-يسكو الجديد الذي جاءنا في العقد الثاني من القرن الواحد وعشرين والمسمى الاراب آيدول جاء لتقسيم هذه الامة الى محميات وانعش التعصب القبلي والنعرات القبلية البغيضة.
[email protected]
أضف تعليق