يطرح الجنرال (احتياط) موشيه العاد، في مقالة ينشرها في "هآرتس" ما يعتبره النقاط العشر التي افشلت اتفاق اوسلو، متجاهلا بشكل مطلق مسؤولية اسرائيل عن افشال الاتفاق، وموجها الاتهامات الى القيادة الفلسطينية التي يزعم انها تتهرب من التوصل الى اتفاق واقامة دولة.

ويكتب العاد، ان مدرسة القيادة على اسم كندي في جامعة "هارفارد" لم تعرف طوال سنوات ما يعنيه "الباب الموصود"، وشجعت الادارة الأمريكية، طوال سنوات، على السعي الى تحقيق اتفاق اسرائيلي – فلسطيني. وعندما تحقق اتفاق اوسلو، بشكل مفاجئ، فرك اساتذة القيادة وحل الصراعات اكف أياديهم فرحا وقالوا: "قلنا لكم، لا يوجد أي صراع غير قابل للحل".

في عام 1995، عدت الى اسرائيل، مزودا بوجبة من نظرية اساتذتي المحترمين، لتسلم جهاز التنسيق المشترك الذي حقق الجانب الأمني للاتفاق. وبعد سنة واحدة فقط، منذ بدء تطبيقه، تفجر الاتفاق بصخب عال في أعقاب قضية "نفق حائط المبكى". ومنذ ذلك الوقت مضت 18 سنة ولم يتم تحقيق أي اختراق. لماذا؟ يمكن الاجابة على ذلك بأربع كلمات: ياسر عرفات خدع اسرائيل. لكن هذا ليس سهلا الى هذا الحد. وسأحاول من خلال عشر نقاط شرح سبب الوصول الى باب موصود ولماذا، كما يبدو، لا يعتبر كل صراع قابلا للحل.

وهم الاتفاق: لقد عمل المبادرون الى الاتفاق وصياغة نصه من منطلق الاعتقاد بأنه تم تحقيق السلام ولم يتبق الا ترجمته في وثيقة قانونية ملزمة. وساد وهم "توفر الاتفاق" في الجانبين، ولكن في الوقت الذي عمل فيه الجانب الإسرائيلي على تخفيض سقف التوقعات، اوهم الجانب الفلسطيني جمهوره بأن "ثمار السلام" ستنعكس فورا على حياتهم اليومية. وعندما لم تتحقق الثمار، تمت ترجمة خيبة الأمل الى اعمال عنف.
عدم الاستعداد: لقد كشف الاتفاق الفجوات الكبيرة في مواقف الطرفين وعدم استعداهما لتقديم التنازلات التي تعتبر شرطا حتميا للتسوية الاقليمية. فالدولة اليهودية تعتبر شرطا حديديا في الجانب الاسرائيلي والتوقيع على تسوية تاريخية بشأن تقسيم البلاد تعتبر مسألة "محرمة" تقريبا في الجانب الفلسطيني.

غياب الشجاعة: الجمهور الذي يستل الادعاء القائل بانه "ما دام الحاج امين الحسيني، المفتي الكبير واول القادة الفلسطينيين، لم يوقع على تسوية، فانه لا توجد أي فرصة لقيام زعيم فلسطيني بالتوقيع على تسوية اليوم"، انما يشير بذلك الى ان قادته يعكسون رغباته. وهذا هو سبب مراوحة الفلسطينيين لأماكنهم وجر أرجلهم او الهرب، في كل مفصل يطلب منهم الحسم.

التلاعب السياسي: ان الأمر الذي أشغل عرفات، ومن ثم محمود عباس، هو كيف يبلغان العالم "موافقتهما" على حل الدولتين، وفي الوقت ذاته يمتنعان عن التوقيع على تقسيم البلاد. أي كيف يحافظان على رضا العالم الغربي، دون ان يثيرا العالم العربي.

دعم الغرب: في رفضهم المتعنت لكل تسوية، يعتمد قادة الفلسطينيين على دعم الدول الغربية المسيحية الطاهرة، خاصة الدول الاسكندنافية، التي أثار الفلسطينيون لديها وخز الضمير السياسي بسبب "النكبة"، والحاجة الى تصحيح الغبن القديم. ويأمل الفلسطينيون بأن تتشكل ذات يوم في اسرائيل كتلة حاسمة من داعمي "الاتفاق بكل ثمن" ولذلك من المناسب الانتظار.

التاريخ لم يخدع: من اعتقد انه يمكن عقد السلام بين الدولة التي تبنت القيم الغربية كالنظام السليم والشفافية والقانون والنظام، وبين كيان غير مستقل يتمتع بسلطة جزئية وثقافة تنظيمات العصابات ورمز سلوك ارهابي، يفهم ان الاتفاق بينهما هو مسألة غير ممكنة.

مع من نتحدث؟ المجتمع الفلسطيني مجزأً ومنقسماً بين سكان الجبل واللاجئين، بين سكان المدن والقرويين، بين سكان الضفة وسكان القطاع، بين مؤيدي الخط القومي (منظمة التحرير) ومؤيدي التزمت الاسلامي (حماس)، وفكرة ضمها تحت سيادة قائد واحد وراية واحدة وقانون واحد، بعيدة عن التحقق.

الصبر مفيد؟ المجتمع الفلسطيني في "المناطق" يدفعه الايمان بأن الصبر يحقق نتيجة. في مصطلحات الشرق الأوسط لا تعتبر 100 و200 عام فترة طويلة جدا. في صلب هذا الايمان يتواجد الأمل بأن اسرائيل لن تبقى، ولذلك لا يجب الاسراع.

الوضع الحالي يفيد القيادة: "عملية السلام" هي مسالة مربحة ومفيدة لعدد كبير من القادة الفلسطينيين. فهؤلاء يستمتعون بالثراء الكبير والامتيازات وثمار المحسوبية، ويسألون أنفسهم "هل سيتواصل التعامل المتسامح معنا كسلطة في طور الانشاء، بعد أن نقيم الدولة وتفشل؟" كما يبدو فان الابقاء على الوضع الراهن يحقق فائدة.

الفلسطينيون ضحايا او متعنتين ثابتين؟ يكرر الفلسطينيون الاعلان بأنهم لن يتنازلوا، ويقولون ان كل الدول العربية الشقيقة حظيت بالاستقلال (العراق، مصر، السعودية، الأردن، لبنان وسوريا)، وتم نسياننا نحن فقط. فمنا فقط يطلبون ان نتقاسم البلاد مع اليهود، وعلينا فقط كتبت حياة اللجوء. عانينا طوال اكثر من 60 سنة، ضحينا ولا نزال نضحي، فهل يكون ذلك كله عبثا؟ لن يتم السلام مع اليهود.

ويخلص العاد الى القول: في هارفارد، ايضا، باتوا يفهمون الآن ان هناك صراعات غير قابلة للحل. مثلا، بين افغانستان والغرب، بين الغرب وايران، بين العراق وسوريا وداعش، وبين القاعدة وبقية العالم. وعلى الرغم من ذلك، فان موقف الاكاديمية لم يتغير. من المناسب محاولة الفهم، فهذه أيضا نظرية اوباما وكيري. من المناسب المحاولة.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]