اشار تقرير مشترك لباحثين من جامعة حيفا ومن المعهد الوطني للإختبارات والتقييم الى ان إختبار السّيكومتري ألذي يخضع له الطلاب العرب لا يلائم الطالب العربي وهو غير منصف بحقهم .
وكان الباحثان قد قاما في الثلاث سنوات الاخيرة بدراسة علمية قياسيّة لمعرفة الأسباب التي تقف وراء وجود فجوة بين الطالب العربي واليهودي بحوالي 100 علامة في الإمتحان، وعلاقة هذه الفجوة مباشرةً مع عامل اللغة المستخدمة في الإختبارات.
وقاد هذه الدراسة بالإضافة إلى الباحث الجامعي البروفيسور رفيق إبراهيم، طاقم من الباحثين ومنهم البروفيسور زوهارأفيتار من جامعة حيفا وباحثون من المعهد الوطني للإختبارات والتقييم –מאל"ו- (الدكتور تسور كرليتس والدكتورة عنات بنسيمون).
وتضمّنت الدراسة قياس, وتحديد وتوصيف الاختلافات في طلاقة القراءة العاديّه, وطلاقة القراءة والفهم لنصوص مُركّبة لدى الناطقين بالعربيّة مقارنةً بناطقي العبريّة. وتركّزت الدراسة أيضاً على قياس بعض القدرات الذهنيّة في مجال التفكير الكمّي والمرونه الذهنيّة وذلك لتحييد تأثير مثل هذه القدرات على أداء كل من الفريقين.
وتظهر نتائج البحوث بوضوح أن ألاداء في قراءة النصوص العربيّة المركّبة كانت اقل كفاءة من النصوص العبريّة.ووفقا للباحثين، أصل هذه الاختلافات في ألاداء القرائي هي بفعاليّة وسرعة فك الرموز القرائيّة والسرعة في استرجاع المفردات من القاموس اللغوي عند ناطقي اللغة العربيّة.
حالة ازدواجية اللغة
من ناحيته، يقول البروفيسور إبراهيم أنه قد أثبت سابقاً في سلسة من الدراسات لنخبة من الباحثين الجامعيين منهم البروفيسور أسيد خطيب, والبروفيسورة اليانور صايغ- حداد, والبروفيسور سليم أبو ربيعة, والدكتور هيثم طه, والدكتور إبراهيم أسدي, والدكتورة ياسمين عواد والدكتورة حنان أسعد وغيرهم, أن الطالب العربي يعيش حالة ازدواجية اللغة، وهذه حالة لا تشبه أية حالة أخرى لدى الطلاب من جنسيّات أخرى.
وأضاف: أن البعد اللغوي بين اللغة المحكية والفصحى يشكل عامل معرقل بحيث أنه يؤثر سلباً دون شك على اكتساب القراءة باللغة الفصحى عند الصغار, ولكن هذا يؤثر في دوره أيضا على الاداء القرائي عند البالغين, كما اثبت في هذه الدراسة بالذات.
وفي هذا السّياق أردف البروفيسور إبراهيم قائلاً أنه في دراسة قبل عدة سنوات أثبت عن طريق استخدام تقنيّة محوسبة أن العلاقة بين اللغة العاميّة والفصحى تشبه العلاقة بين العبريّة واللغة العاميّة، وهذا يشكّل اثباتاً قاطعاً لأن معاملة الجهاز الذهنّي عند الطالب العربي للًغة الفصحى، لا يشابه معاملته للغة أولى. بالنسبة الى عوامل معرقلة أخرى فهناك فرضيّة مثبته أن صعوبة اكتساب القراءة هي نتيجة للتركيبة الشكليّة للخط . فعدد من الدراسات كشفت أن العلاقات بين الرموز الشكليّة للأحرف والأصوات في العربيّة معقدة لدرجة أنها تشكّل عاملاً ضاغطاً "من ناحية الحمولة الادراكيّة "، وتصعّب بذلك عملية القراءة مقارنةً بلغات أخرى مثل العبريّة والانجليزيّة. في هذا السّياق اثبتت دراسة مشتركة للبروفيسور رفيق إبراهيم والبروفيسور زوهارأفيتارأن هذه النتيجة تعود لعدم اشتراك القسم الأيمن من الدَماغ في المراحل الأولى من اكتساب وتعلم اللغة العربيّة، كما هو متواجد في اللغات الأخرى.
أقتراحات لتعديل السيكومتري
وبحسب البروفيسور إبراهيم, أذا كان يُعتبر إختبارالسّيكومتري وسيلة لرصد احتمالات نجاح الطالب العربي في دراسته في الجامعات والكُليات وتستخدمه هذه المؤسسات لفرز المرشحين للمواضيع الدراسية المختلفة، فيجب أن تستوفي به جميع الشروط المعياريّة للإختبارات ألمنصفة. لذا يجب على الجهات المختصّة, ومنهم المعهد الوطني للإختبارات والتقييم, ان تغيّر من اللغة المنصوصة بالإختبار ، لتوافق معرفة الطالب العربي بلغتة. وهذا يعود بالأساس أولاً للمضامين التي يمتحن فيها الطالب العربي في إختبارالسّيكومتري ، فهي مضامين مترجمة في كافة المواضيع ، ولغة الإختبار المستخدمة لم تبن أصلاً من اللغة العربيًة ، فعملياً طلابنا يمتحنون على نصوص مترجمة من العبريّة. فلهذا,السؤال الذي يطرح نفسه هو: هل يمكن ترجمة مادّة دون أن يدفع القارئ ثمن ؟ بالتأكيد لا ، فهناك ثمن لأن الترجمة لا يمكن ان تماثل القطعة التي بنيت في اللغة المترجم منها ، وعادة يزيد حجم القطعة بنسبة 16% عندما يتم ترجمتها من العبرية الى العربية ، وهذا يؤثّر على الوقت المطلوب للقراءة ولحل الأسئلة المتعلّقة، الأمر الذي يشكّل تأثيراً على العلامة. فالتباطؤ في القراءة يأتي على حساب فهم الطالب ما قرأ ، فاذا كانت القطعة كبيرة، فهذا سينعكس سلباً على كل الاداء من ناحية تحليل القطعة والاجابة على المسائل المتعلقة بفهم القطعة، وحتى في اسئلة الرياضيات هنالك تأثير، فالمنطق والترجمة لا يعكسان المبنى القواعدي في اللغة العربيّة ، لان المنطق يعتمد احياناً على فهم اجزاء الكلام وارتباطه في معنى الجملة ، واذا كانت الجمل مترجمة فهناك صعوبة اضافية ، والسؤال المطروح هل إذا ما أمتحن طالب عبري بالعبريّة أو أجنبي باللغة الانجليزيّة في قطعة مترجمة من الثقافة العربيّة ، فهل يكون أداؤه بنفس المستوى. هذا الأمر لم يفحص ابداً حتى اليوم حتى على مستوى إختبارات عالمية مثل "بيزا" (PIZA) وهي إختبارات لفحص التنوّر القرائي . فالطالب العربي يواجه عائقاً يحول دون ابراز جميع قدراته في التعامل مع قطع مترجمة, فهناك كثير من المثقفين العرب يقولون أن نصوص الاسئلة في إختبارالسّيكومتري غيرمفهومة ، فالبعيد عن إختبارالسّيكومتري وان قرأ نصوصه سيرى بهذه الجمل أحياناً طلاسم ، على عكس الواقع في أسئلة الإختبار باللغة العبريّة أو اللغةالانجليزيّة ، فأي مثقف عندهم يمكنه فهم الجمل والاسئلة بتلك اللغات دون معاناة.
ملخّص الدراسة
ويلخص البروفيسورإبراهيم أن النتائج التي توصلت إليها هذه الدراسة تتطلب بالتأكيد إعادة تعديل هيكل إختبارالسيّكومتري باللغة العربيّة إذا أردنا أن يستخدم كأداة موضوعيّة ومنصفة في فحص المهارات الكلاميّة والذهنيّة ألعامّة. فهنالك مجالان يجب التداخل بهما بشكل فوري:
أولاً, يجب نص الإختبارات على يد باحثين وأكاديميين عرب لضمان ملائمة المضامين لثقافة الطالب العربي.
ثانياً, يجب تخصيص وقت اضافي للإختبار, كما هو مثبت قياسيا وموصى به في الدراسة الاخيرة, فهذا بالتأكيد سيساعد كثيرا في الحصول على علامة تعكس حقيقياً قدرات الطالب .
[email protected]
أضف تعليق