تحت هذا العنوان يكتب استاذ القانون الجنائي في جامعة حيفا، عمانوئيل غروس، في "هآرتس"، أنه بعد انتهاء معارك "الجرف الصامد" صدر بيان عن عدد من الضباط الكبار (مجهولي الهوية) يدعون فيه ان النيابة العسكرية منعت تحقيق نجاح أكبر للجيش، بسبب القيود التي فرضتها عليهم والتي منعتهم من تنفيذ مهام معينة.

ويوضح الكاتب انه في حال تم اسماع مثل هذا الادعاء، فانه يدل على جهل بوظيفة الجهاز القانوني في الجيش الاسرائيلي. فالجيش هو مؤسسة تديرها الدولة، ومثل كل مؤسسات الدولة يخضع هو أيضا لسيادة القانون، أي أنه يمكنه العمل فقط حسب ما يسمح به القانون. وتسري على النزاع المسلح، كذلك الذي اداره الجيش في غزة القوانين الإنسانية وقوانين حقوق الإنسان الدولية. ويخضع الجيش لهذه القوانين لأنها جزء من قوانين الحرب. لقد طرحت مكافحة الإرهاب أمام إسرائيل، بل وبقية العالم، تحديا ليس بسيطا. فقد تم تصميم قوانين الحرب من خلال فهم الدول بأنه لكي تفوز في الحرب لا حاجة لتفعيل كل القوة وجميع أنواع الأسلحة.

قوانين الحرب تشكل إجماعا من قبل الدول على الحد من قوتها والتعامل بشكل انساني مع المدنيين. الآن لدينا واقع جديد، يلتزم فيه طرف واحد فقط في الحفاظ على قوانين الحرب، لأن الجانب الآخر - المنظمات الإرهابية - لا تعتبر نفسها ملتزمة بهذه القوانين، والدليل على ذلك: أنها لم تمتنع عن شن الهجمات الصاروخية على المراكز السكانية، وتستخدم مواطنيها كدرع بشري، من خلال الادراك بأن الجيش لن يرد النار على هذه الأماكن.

لقد أشار تقرير لجنة غولدستون، الذي بادر اليه مجلس حقوق الانسان الدولي بعد عملية "الرصاص المصبوب" الى خرق الجيش الاسرائيلي لقوانين الحرب من خلال اطلاق النار على اهداف مدنية. صحيح ان القانون الدولي لا يمنح حصانة للمواقع المدنية التي يستخدمها العدو لأغراض عسكرية، ولكنها تطلب بأن يتم اطلاق النار على مواقع كهذه بشكل مدروس، ومتناسب، والأخذ في الاعتبار إمكانية اصابة المدنيين.

وهنا بالذات، يأتي دور النيابة العسكرية، خاصة قسم القانون الدولي، لمساعدة الضباط على فهم أي الأهداف تعتبر شرعية من حيث قوانين الحرب. يفترض بالنيابة أن تشرح للضباط متى يعتبر اطلاق النيران على موقع للمدنيين، مسألة متناسبة، ومتى لا يعتبر كذلك.

صحيح ان المسؤولية النهائية عن اختيار الأهداف وادارة المعركة ملقاة على كاهل الضباط، ولكنهم لا يملكون المعلومات القضائية المطلوبة لاتخاذ القرار الصحيح، وهذا هو تماما دور النيابة العسكرية. من الواضح ان النيابة العسكرية "تكبح" عمل الجيش من خلال طرح تحفظات ومنع عمليات تخرق قوانين الحرب والقانون الدولي. وفي حال حافظت النيابة على دورها ولم تخضع لضغوط الضباط، سيكون الضباط هم اول من يستفيد من عمل النيابة العسكرية، لأن نصائح النيابة ستمنعهم مستقبلا من التورط بشبهات ارتكاب جرائم حرب. كما تستفيد دولة إسرائيل من عمل النيابة العسكرية، لأنها تتيح لها الحفاظ على صورتها كدولة قانون.

النائب العسكري العام هو المستشار القانوني للجيش، وهو المسؤول عن تطبيق القانون في الجيش. وبمساعدة ممثليه يتأكد من الحفاظ على القانون الداخلي والقانون الدولي. النيابة العسكرية هي الكلب الحارس للجيش لمنعه من خرق القانون. وهذه المهمة تدل على حصانة الدولة في الحرب غير المتماثلة التي تفرضها علينا تنظيمات الارهاب.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]