وصلتني من مجمع اللغة العربية بالبريد الألكتروني دعوة بصفتي "من الجمهور عامة"، والمهتمين بأمر اللغة العربية خاصة، إلى المشاركة في التوقيع على عريضة للتصدي لاقتراح قانون عنصريّ مجحف بحق الجماهير العربية، لإلغاء رسمية اللغة العربية في البلاد.
وهي عريضة نظمت "باسم المواطنين في البلاد"، تدعو إلى رفض القانون وإسقاطه، من أجل المحافظة على العدالةِ، والمساواة، والكرامة، والعيش المشترك والمنصف. ولأول مرة أجدني غير راغب بالتوقيع على عريضة كهذه، ولم أكلف نفسي حتى فتح ملف العريضة وقراءته، وأني أعتذر لمجمع اللغة العربية عن عدم ضم توقيعي الى قائمة الموقعين ولي تبريراتي اذا كان يهمكم قراءتها، لهذه الأسباب وغيرها أمتنع عن التوقيع:
أولا ليست هي المرة الأولى التي تقدم فيها مشاريع قوانين عنصرية وتسن قوانين عنصرية في الكنيست، ضدنا كأبناء قومية عربية لنا لغتنا وتاريخنا وجذورنا وحضارتنا الخاصة الموجودة منذ قرون، وقبل أن تولد الكنيست التي تريد وتسعى الى طمس كل تلك الحقائق والوقائع التاريخية.
ثانيا لم أفهم الفائدة من وراء توقيع عريضة كهذه، هل ان العريضة ستفشل مشروع القانون، لوكان كذلك لتم اسقاط كل المشاريع السابقة التي قامت حولها الصرخات الاحتجاجية، ودبجت فيها الرسائل المعارضة وألقيت الخطابات الرنانة من على منبر الكنيست وغيره ونظمت المظاهرات الشعبية "الجبارة" ضدها، لكن أي شيء من ذلك لم يجدِ، فلهذا لن يكون تأثير هذه العريضة أقوى من مثيلاتها.
ثالثا من أجل ماذا تريدوني أن أوقع، ونحن أبناء القومية العربية وأبناء اللغة العربية لا نحترم لغتنا ولانقدسها ولانحميها ولانحافظ عليها؟ بالله عليكم قولوا لي هل نقوم بذلك في حديثنا اليومي وحديث الصالونات والاجتماعات، حيث تسود لغة خليط من العربية والعبرية. فلا يكاد أحد منا يتم الجملة دون أن يستعمل عدة كلمات عبرية فيها، ان لم تكن جملا كاملة متكاملة بالعبرية، بينما العربية تتمزق وتبكي حالها. هل تعرفون أن الرسائل التي يتبادلها مدراء الأقسام في سلطاتنا المحلية والبلدية فيما بينهم وليس مع مسؤولين حكوميين، يتبادلونها باللغة العبرية الصرف. هل تدركون أن مئات المعلمين العرب لا يتقنون لغتهم حديثا وكتابة؟ هل تدرون أن شبابنا، شباب الانترنيت له لغته الخاصة التي يتبادل عبرها الرسائل في وسائل الاتصال الاجتماعي، ولا علاقة لها باللغة العربية؟
رابعا لأن هناك من مؤسسات وهيئات وشخصيات ينتظرون هذه المناسبة، وأي مناسبة أخرى كي يمهروا توقيعهم، وينشر اسمهم في وسائل الاعلام، ليثبتوا وجودهم الذي يقتصر على اصدار البيانات وتسجيل المواقف فحسب. وبالتالي لم تعد لهذه الوسيلة فاعلية تذكر وباتت مجرد رفع عتب أو ذريعة لعدم التقصير.
فهل سألتم المواطنين العرب الذين تطلقون العريضة باسمهم اذا كانوا هم يتقنون لغتهم ويحافظون عليها كبؤبؤ العين أم أنهم لا يأبهون لها ولمصيرها ووجودها؟
باحترام
(مواطن عربي غير موقع على العريضة من شفاعمرو في الجليل)
[email protected]
أضف تعليق