شهدت الأيام الماضية هجوماً إعلامياً أمريكياً منظماً ثحول مسألة الحرب على تنظيم الدولة الإسلامية. هجوم باتجاهين. الأول نحو الداخل الأمريكي لحشد تأييد الرأي العام والكونغرس، والثاني باتجاه العالم العربي والإسلامي للقول إنها حرب على الإرهاب والإسلام براء من التنظيم الإرهابي.
ومن هنا جاءت أهمية إشراك عدد من الدول العربية في الائتلاف الدولي ضد تنظيم الدولة الإسلامية لإبعاد أوجه التشابه مع الحرب الأمريكية على العراق في عام 2003.
وإذا كان المسؤولون الأمريكيون يقرون بأن الحرب الجديدة في العراق والتي يمكن أن تمتد ضد مقاتلي التنظيم في سوريا، ستكون صعبة وستتكلل بالنجاح، فإن بعض المراقبين يتساءل عن قدرة واشنطن على الانتصار على الإرهاب في العراق وسوريا. كما أن الأسئلة تطرح عن مدة هذه الحرب في ظل عجز واشنطن عن إقناع تركيا بالانضمام إلى الائتلاق الدولي. فامتناع أنقرة عن المشاركة في الحرب يشير إلى أبرز نقاط ضعف التحالف الجديد.
فكل المعطيات المعلنة حتى الآن تشير إلى أن الحرب الأمريكية على "الدولة الإسلامية" بغطاء عربي ودولي ستكون طويلة من دون الجزم بالقضاء على الدولة الإسلامية. فالضربات الجوية لن تكفي وحدها للقضاء على التنظيم الإرهابي وواشنطن بحاجة إلى وجود قوات على الأرض ترشد الطائرات الأمريكية والحليفة إلى الأهداف الواجب ضربها ومن ثم تقوم بتطهير المواقع المستهدفة لدحر مقاتلي الدولة الإسلامية والقضاء عليهم. وهذه العملية في غاية التعقيد عندما يتعلق الأمر بالمدن وإخراجهم منها خاصة في الموصل.
ويواجه الائتلاف الدولي ثغرات خطيرة في الاستراتيجية المبهمة غير واضحة المعالم وفي مقدمتها امتناع الدول العربية عن إرسال قوات إلى العراق واكتفاء معظمها بالدعم المالي واللوجستي. كما أن رفض تركيا المشاركة يحرم الائتلاف من إمكانية استخدام أراضيها كنقاط إسناد أرضي والاعتماد على البشمركة والجيش العراقي لن يكون كافياً لسد هذه الثغرة. فالمقاتلون الأكراد يحملون السلاح للدفاع عن كردستان العراق ويرفضون القتال خارج حدوده. والجيش العراقي أثبت فشله بعد سنوات من التدريب الأمريكي وبسبب سياسة رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي فإنه غير مرحب به في المناطق السنية التي تسيطر عليها الدولة الإسلامية.
وإذا كان قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2170 يشكل تغطية للائتلاف الدولي في العراق، فإن حديث الرئيس الأمريكي بارام أوباما عن ضرب التنظيم الإرهابي في سوريا يثير المعارضة داخل الائتلاف كما أنه أثار فوراً ردود فعل رافضة من قبل طهران وموسكو. وبالتالي فإنه توجيه الضربات لمقاتلي الدولة في سوريا يطرح مشكلة القانون الدولي إضافة إلى فعالية الضربات الجوية في سوريا.
فبعد ثلاث سنوات من المحاولات الفاشلة لم ينجح الغرب في الاعتماد على قوات سورية متمردة ويمكن الوثوق بها تلعب دور الإسناد المطلوب على الأرض. كل هذه العوامل تدعوا إلى الاعتقاد بأن الحرب ستكون طويلة وتحمل في طياتها مخاطر الانزلاق الأمريكي في الرمال العراقية. وحديث وزير الخارجية الأمريكي جون كيري يوم الأحد الماضي عن رغبة عدد من الدول بإرسال قوات على الأرض ليس من باب الصدفة ولكنه يعبر عن إمكانية لجوء الولايات المتحدة إلى إرسال قوات مع كل ما يعنيه ذلك من احتمال التورط أكثر فأكثر.
وواشنطن انسحبت من العراق بعد أن احتلته لسنوات طويلة من دون القضاء لا على المقاومة العراقية ولا على الإرهاب واستعانت بقوات الصحوات لتوجيه الضربات الجوية.
[email protected]
أضف تعليق