أهي صدفة أن تبدو في الأفاق وفي وقت واحد، ملامح تحالفين دوليين ضد حركة المقاومة الإسلامية حماس، وضد تنظيم «الدولة الإسلامية» أو ما اصطلح على تسميته بـ «داعش»؟
اللافت في الأمر أن كلا الحركتين لا تلتقيان لا في الأجندة الحركية ولا في المسار الفكري، فلكل منهما أولوياتهما، بل سبق لـ «دولة العراق والشام الإسلامية»، أن توعدت حماس بالثبور وعظائم الأمور، وقالت «داعش»: إن المقاتلين يشكلون «سرية الشيخ أبو النور المقدسي»، ويتدربون في معسكرات «الدولة الإسلامية في العراق والشام»، ومعظمهم من أهالي غزة.
ووجه التنظيم رسالة مباشرة إلى حركة حماس مفادها أن المواجهة الحربية قادمة لا محالة معها، حينما أعلن أن اسم السرية الخاصة بالمقاتلين القادمين من غزة هو «أبو النور المقدسي».
وأبو النور هذا كان داعية وطبيبا يقيم في مدينة رفح جنوب قطاع غزة، وكوّن تنظيمًا سلفيًا اسمه «جند أنصار الله»، ودخل في صدامات دامية مع حركة حماس في 2009، انتهت بمقتله وعدد كبير من عناصر التنظيم، وثمة من يقول أن مؤيدي «أبو النور المقدسي»، واسمه الحقيقي «عبد اللطيف موسى»، لا زالوا يتواجدون في غزة، ويتحينون الفرصة لـ»الثأر» من الحركة التي «نكلت» بهم وقتلت زعيمهم، على ما يقولون في مواقع الإنترنت «الجهادية»!
ومع هذا، أصبح التنظيمان مستهدفين دوليا، فقبل يومين فقط، أعلن وزير الدفاع الأمريكي تشاك هيغل، أمام اجتماع لوزراء خارجية ودفاع من عشر دول أعضاء في حلف شمال الأطلنطي «ناتو»: عن تحالف «مجموعة من 10 دول ستشكل نواة تحالف، والذي سيكون ضروريا لمواجهة تحدي المتمردين» حسب وصفه، والدول العشرة التي تحدث عنها هيغل، والتي شاركت في الاجتماع الذي حضره أيضا وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، هي: الولايات المتحدة، بريطانيا، فرنسا، ألمانيا، كندا، أستراليا، تركيا، إيطاليا، بولندا، الدنمارك. ويضيف هيغل: «يمكن بعد ذلك توسيع هذا التحالف»، ما يشير إلى إمكان انضمام دول عربية وإيران بالطبع، وربما إسرائيل/ ولكن دونما إعلام وبشكل سري، على طريقة «المقاولات من الباطن»!
أما التحالف الدولي ضد حماس، فتكشف عنه مذكرة رفعتها وزارة الخارجية الصهيونية قبل أسبوعين الى وزراء المجلس الوزاري السياسي – الأمني «الكابنيت» وهي وثيقة سرية، كشفت عنها الصحف الإسرائلية بالأمس، وفيها اقتراح لمرابطة قوة دولية في غزة تعنى بالرقابة على عملية الإعمار ومنع إعادة تسلح حماس وباقي فصائل المقاومة، وحسب صحافة العدو، أعدت الوثيقة على خلفية توجهات من المانيا، بريطانيا، فرنسا ودول اوروبية اخرى في أثناء العدوان على غزة. وتضم أيضا قوات من الولايات المتحدة، كندا، استراليا، نيوزيلندا، وقوة من الأمم المتحدة وقوة من حلف الناتو، علما بأن وزارة الخارجية الصهيونية أوصت الكابنيت بخيار القوة الأوروبية، وحسب الوثيقة، على القوة أن تكون مسلحة وذات صلاحيات تنفيذ أعمال «تتيح لها مواجهة التحديات من جانب حماس وباقي منظمات المقاومة»، يعني في المحصلة، هي تحالف دولي من نوع آخر، لإجهاض المقاومة، واحتلال غزة!
حتى أشد المخالفين لتنظيم داعش، (أو لحماس وقليل ما هم) عليهم ان لا يفرحوا، وأن يراجعوا حساباتهم المؤيدة، لهذا التحالف أو ذاك، حتى ولو كنا لا نضع كلا التنظيمين في ميزان واحد، كما حاول نتيناهو أن يفعل أثناء العدوان على غزة، حينما قال أن «حماس هي داعش»!
بغض النظر عن موقفنا من داعش، او حماس، أليس لنا أن نسأل، لماذا يصاب العالم الغربي بمس من الجنون، حينما يشعر أن ثمة «قوة» ما تنهض في هذا الشرق، الذي لا يُراد له إلا ان يكون محض قطيع مستعدا لاستقبال سكاكينهم؟
[email protected]
أضف تعليق