قام وفد من بطريركية اللاتين ممثلا بالمطران وليم الشوملي / المطران المساعد في القدس وألام إينيس اليعقوب / الرئيسة العامه لرهبنة الوردية المقدسة والأب عماد الطوال / الوكيل العام للبطريركية اللاتينية والأب جورج أيوب / امين سر البطريركية بزيارة لغزه. وفي ظل الظروف والأحداث المؤلمة التي تتعرض لها المنطقة بشكل عام ومدينة غزة بشكل خاص هدفت الزيارة لبث روح الأمل حيث الألم اصبح السمة العامة لمن يعيشون هناك، الم الزمان والمكان والإنسان، الم الفقدان والخذلان وانتزاع الأمن والأمان الم اللاسلام وانتزاع السلام الداخلي والسلام العام الم الخوف اليومي ومن يقدر ان يحيا مع الخوف؟!
جاءت الزيارة بعد اعلان الهدنة لبث روح التضامن وتأكيد المشاركة الوجدانية والعملية مع أهلنا في غزه، زيارة تجاوزت كل الحدود لتأكيد الوحدة والشركة والمحبة والشعور الإنساني، وقد انطلق الوفد الزائر بروح تلتهب ألما مملوءة أملا للاطمئنان على اهلًا لمنطقه وزرع الطمأنينة في كنيستنا ومؤسساتها الروحية والتربوية وتعزيز روح الإيمان والثقة لدى المؤمنين ، فالكنيسة والمدارس والمراكز الانسانية ( كراهبات المحبة والكلمة المتجسده ومدارس البطريركية ورا هبات الوردية وكافة المؤسسات الروحية ) هي صمام أمان وخاصة في الظروف القاهرة التي تعتري مدينة غزه. وجدير بالذكر انه يوجد في غزه ٤٠٠ عائله تتكون من ١٣٥٠ شخص منهم ٤٠ عائلة كاثوليكية عدد أفرادها ١٣٦ شخص، ومدارسنا ( مدارس الجميع بدون استثناء) تحوي ١٥٠٠ طالبا وطالبة بينهم ١٨٠ مسيحيا.
وضمت ما ذكر من بيانات سابقة أكدت الإحصائيات اننا مدارس إنسانية بالدرجة الاولى هدفها بناء الانسان الصالح وتنشئة جيل ضمن رسالة تربوية إنسانية حدودها السماء لا تعرف آلت فرقه ولا الفرقة ولا التمييز وترعى الجميع كأبناء يعدون لمستقبل مجهول وإعدادهم مبني على أسس وأساليب تربوية ضمن روية ورسالة كشفية تمكنهم وترفع من سويتهم ليكونوا قادة بنائين ومنتجين.
وعلى حد قول الأب ماريو كاهن الرعيه ( نحن رسالة أمل بالرغم من الألم ولدينا الإيمان والشجاعة لنكون رسل المسيح في العالم ) ان هذا القول الرائع يؤكد ان كل ذرة الم وكل قطرة دم هي أشاره لامعه تزهو بالأمل كلمات مؤشر بان لا مكان لليأس والإحباط والتراجع طالما نحن أبناء النور والنهار طالما نحن أبناء رسالة سماوية واضحة طالما معلمنا واحد وهو مثال لتحمل الألم ومثال للحياة وغلبة الموت، بالشجاعة والإيمان والمحبة هي دافعتا للسير قدما متحدين ومتحديين الألم و منتصرين عليه، أسوة بالمعلم السيد المسيح، فطالما هناك غاية وهدف إنساني يخدم البشرية جمعاء ندركه نحن أبناء النور حيث يجهله أبناء الظلام سيبقى آلمنا مغموسا باملنا،،هذا لسان حال كل من يعيش في غزة الصمود.
وكما تعودنا دائماً ان نعمل ضمن الاخر فنحن لا نؤمن بالعزلة والتقوقع والفردية لذلك ترى دوما شركائنا في العمل والنتاج والعطاء والنعمة كثيرين، فأهلك يترأس لا تالو جهدا وتعمل على قدم وساق بمحبة تامة تقدم كل ما بوسعها لتحسين مستوى العيش للعائلات المتضررة وللمجتمع في غزة على العموم من حيث الملبس والمسكن والطعام والشراب والتدفئة وكل ما من شانه توفير المتطلبات الرئيسة للحياة اليومية للفرد والعائلة وكذلك البعثة البابوية وغيرها من المنظمات الانسانية وغير الحكومية التي تعزز الإيمان بالأعمال فتراها تهرع وتسرع لتقديم العون والمساعدة وإغاثة المحتاجين وتقديم الخدمات الطبية والعلاجية.
وخلال الزياره قام الوفد بالمرور من بيت لاهيا وبيت حانون والشجاعية بجانب الدير حيث شهدنا بآم أعيننا الدمار الشامل، والتقينا مع أفراد من المجتمع المحلي ومع مختار المنطقة وخان يونس ورفح واطلعنا على الواقع المؤلم حيث تم تدمير ٨٠ مسجدا وآرائنا ما أصاب الأديرة والمدارس من شظايا .
لكن وعلى الرغم من قساوة المشهد الذي شهده أهل المنطقة على نحو مباشر الا ان روح التضامن والوحدة كانت في أوجها ذلك عندما فتحت مدارسنا ابوابها على مصراعيها وكذلك مدارس الكنيسة الارثوذكسية واستقبلت ١٥٠٠ نازحا وقدمت لهم ما يلزم من الخدمات الطبية والرعاية النفسية والإنسانية والعلاج اللازم ( ويروى عن مطران الروم بان احدى السيدات وضعت وليدها في الدير) لقد كانت الأديره مأوى المسلمين في شهر رمضان حيث تكفلت جمعية الكاريتاس بتزويدهم بوجبة الإفطار بعد نهار صوم طويل وشاق وتوحدت القلوب وأزيلت الحواجز وتأكدت وحدتنا عندما رفع إخوتنا المسلمين صلواتهم من الأديره والكنائس، وهنا نستذكره الآية في الكتاب المقدس (المحبة قوية كالموت) بالمحبة والروح المسيحية طغت على الم الموت والدمار وكانت هي الملجأ الحين لأخوانا وقت الحاجة.
ولدى حديثنا مع اسقف الروم في غزه أكد ان أساس التعامل مبني على أسس ثلاثة أولها إنساني ثانيها كتابي (الانجيل) وثالها وطني. ففي الوقت الذي يقتل فيه الانسان في الوطن العربي أخيه الانسان باسم الدين فقد محى روح الدين وارتكز لروح الشر وأكد بان الدين لم يكن يوما اداة للقتل والتفرقه والفرقه اما الدين هو اداة خدمة وسلام وتسامح ففي حين هم يقتلون ويقتلون نحن نصلي معا ونفرح معا ونتألم معا ونأمل بغد أفضل معا ( مسلمين ومسيحين ).
وما لفت نظري اثناء تجوالنا في الشوارع هو الأطفال ،،،أطفال هايمون على رؤوسهم بلا هدف يبحثون عن الماء في الوقت الذي يفترض فيه جلوسهم على مقاعد الدراسة في مدارسهم،،،لكن للأسف مدارسهم مدمره،،وهذا المشهد المؤلم يثير التساؤل من كان لديه الحق بحرمان هؤلاء الأطفال من الداسة واللعب في ساحة المدرسة مع أبناء جيلهم ،،أطفال غزة في الشوارع يركبون الحمار لان لا وسيلة اخرى للتنقل لديهم ،،لا ماء ولا كهرباء ولا ديزل ولا غيرها من متطلبات الحياة اليومية الاساسية ،،أين حقوق الطفل؟! أين حقوق الانسان؟!
في ختام تاملي معكم خبرتي الاولى في غزة أودّ ان أعرب ان هذه الزياره هي قصيره بمادتها الزمنية لكنها تعطي دروسا حياتية لا تنسى،،فمن ينظر لتراب غزه وأطفال غزه ونساء غزه ورجال غزه يدرك بان كل بذرة الم هي شجرة أمل بأعينهم وكل قطرة دم هي للحياة ،فأهل غزة الصابرين الصامدون هم عنوان الحياه وهم مثال للإنجيل المقدس هم صورة المسيح باحتمال الألم والمشتقات هم نور العالم وملح الارض هم شهودا صادقين وجنود إيمان ووطن. وهذا ما قاله البابا في الحديث عنهم. وأخيرا وليس آخراً أقول ،،هنا غزه،،،اسمكم سبقكم للعالم بمحبتكم وتحمل كم وجهادكم هو إنجيل ورسائله صمودكم هو راية ترفرف في تاريخ المسيحية ، قدمتم حياتكم بصمت وضح يتم بالغالي والنفيس وبار واحكم بأمل صامت لحياة أفضل فالن أنتم رسل إيمان وآمل رسل المحبة الكاملة رسل الحياة التي لن يملؤها مع الألم الا الأمل ،،الم يحدوه الأمل نحو غد أفضل ،،،طوباكم
[email protected]
أضف تعليق