في لقائه مع فضائية صدى البلد المصرية ، وبعد لقائه مع الرئيس السيسي ، ومبادرته لوقف العدوان على قطاع غزة التي تنص على وقف اطلاق نار بدون زمن محدد ثم ادخال المعونات الانسانية ثم اعادة الاعمار ، تلك المبادرة التي تحتاج الكثير من التفصيل والفهم الدقيق لفحواها وللوهلة الاولى ربما تهمل جميع الشروط التي وضعتها المقاومة وتضعها في مهب الريح على طاولة المفاوضات وامام مراوغة الاحتلال قد تصبح القضية أي قضية غزة وحصارها ملصق بالحل النهائي والمفاوضات ثم المفاوضات التي لها الآن من العمر الزمني اكثر من عقدين ، قامت اسرائيل خلالها بالتوسع المطلق في الضفة الغربية ، في حين ان الموقف الفلسطيني بدأ مراوحا ً مكانه متمسكاً بالمفاوضات واضعا شروطا ً قزمية لاستمرارها مثل الدفعة الرابعة من الاسرى كشرط لاستمراريتها مع بقاء الحال كما هو بخصوص التنسيق الامني وغيره من التزامات السلطة نحو اسرائيل .
مفاجآت الرئيس عباس قد تثير الحزن لدى الشعب الفلسطيني لما يرافقها من تصريحات واطروحات يرى فيها الانسان الفلسطيني انها تضر بمصالحه الوطنية وهو على النقيض مع اطروحات المقاومة ومع التيارات المحافظة في حركة فتح.
السيد الرئيس عباس لا يخطو على السلم خطوة ثم خطوة ، بل يقفز ربما للدرجة الاخيرة في السلم ، فهناك في الساحة الفلسطينية ما يحتاج لترميم واصلاح والجمع لا الطرح ، والجمع هنا المقصود به ليس جمعا ً شكليا ً بل له عناصر ومستوجبات التي تعتمد عليها النتائج ، فمازال هناك شرخ واسع في داخل حركة فتح وهي اكبر حركة فلسطينية على المستوى الشعبي ، وهناك انقسامات وهناك اعداد لمؤتمر حركي لم يعقد لظروف موضوعية تم استثناء قادة كبار وكوادر من حركة فتح من قطاع غزة ومن مناطق اخرى ، اعتقد ان أي مفاجأة اذا صح التعبير عنها يجب ان تنطلق من وعاء وطني وليس وعاء شخصي للرئيس وللرئيس فقط ، ولا يمكن ان تختزل الايكونة الوطنية في شخص واحد هو المقرر ، واذا كان هناك مبادرة من الرئيس فيجب ان تطرح على الوعاء الوطني الشامل بكل فصائله ، هذا اذا لم نقل تفعيل مؤسسات منظمة التحرير ومجلسها الوطني وتصحيح صادق في داخل حركة فتح واللقاء على برنامج وطني مع فصائل المقاومة ، حيث ان هناك تفاوت كبير بين ما يطرحه عباس وما تطرحه المقاومة للأن ، وان كان هناك بعض الاتفاقيات التي يرى كل من الجانبين انها اتفاقيات مرحلية لسبب او لآخر .
نشط الرئيس عباس بعد اكثر من 7 ايام من العدوان على غزة ، ومازال وفي كل تصريحاته يعتبر نفسه وسيطا ً وليس طرفا ً في كل اطروحاته ودعواته لقطاع غزة ، حتى المبادرة المطروحة بعد لقاءه مع مشعل نصوصها وطرحها يقول ان عباس وسيطا ً وليس طرفا ً وليس رئيس لدولة تسمى فلسطين او رئيسا ً للسلطة او رئيسا ً لمنظمة التحرير.
الرئيس عباس ابدى استعداداته لزيارة قطاع غزة ، ففرق ان يزور عباس غزة وان يقيم فيها كرئيس لدولة فلسطين في هذا الجزء المحاصر فلماذا لم يأخذ ياسر عرفات نموذجا ً له في حصاره داخل المقاطعة ، وربما لو وجد الرئيس عباس في غزة وهي في معركتها وحصارها لكن التفعيل والمفعول الدولي والاقليمي اقوى ، ولكن يبدو ان الرئيس عباس يعمل على منهجيته الخاصة والخاصة فقط في كل اطروحاته ، فهو يقفز في مبادرته ويجسدها بمعونات انسانية ، ثم اعادة اعمار ، وهنا يسيل اللعاب لطبقة المستثمرين والمقاولين ، وتترك باقي القضايا في مهب الريح امام مراوغات العدو وفقداننا سخونة الموقف والمواجهة .
هذه المرة مفاجأة الرئيس عباس خلال الاسبوع القادم كما قال وسيعرضها على كيري ، اذا لماذا لم تعرض على الجمع الوطني ؟ ولماذا لم تعلن من غزة المحاصرة ؟ ولماذا لا يطلب اجتماع للملوك والرؤساء العرب وتعلن المبادرة ولأن العرب هم ايكونة من ايكونات الصراع وان اختلفت المواقف .
والسؤال المطروح ماهي مفاجأة الرئيس عباس واين تتجه ؟
لا اعتقد ان عباس سيستثمر ايجابيات صنعتها غزة والمقاومة ، بل هو كسلوك سيكولوجي اعتاد عليه انه ضد المقاومة وضد سفك الدماء هي تلك التي دخل فيها السادات كامب ديفيد ، يقول : انها مفاجأة ليست بصدد شن حرب على اسرائيل وهنا يؤكد التزاماته الكلية والجزئية بما تعهد فيها لاسرائيل ، ولا نعتقد ايضا ً انه سيستثمر الواقع لصالح الغاء اوسلو والتنسيق الامني والذهاب للجمعية العامة او الاعلان عن دولة فلسطين محتلة تسعى لاستقلالها .
اذا ماهي مفاجاة الرئيس عباس وماذا تكون ؟ هل سيرجع عباس للقرارات الدولية وقرار التقسيم ؟ لا اعتقد ذلك ، هل الرئيس عباس سيذهب الى اعلان الكفاح والنضال لدولة واحدة واسقاط المطلب الاسرائيلي بهوية الدولة ؟ لا اعتقد ذلك ، وفي ظل سقوط حل الدولتين ماذا يبقى من خيارات ؟ ، اعتقد ان خيارات عباس لن تخرج عن بلورة لاطروحات بلير وكيري ومشروع قديم جديد لكنفدرالية تعتمد على الحل الدبلوماسي للقضايا المستعصية في الصراع مثل اللاجئين والحدود وغيره وتطوير ما نصت عليه اوسلو من سلطة الحكم الذاتي وكما قلت ولان مشروع حل الدولتين انتهى بسيطرة اسرائيل على ما يسمى يهودا والسامرة .
اذا ً الرئيس يتجه بتطوير للحل الامني الاقتصادي المرتبط بالاردن واسرائيل بثلاثية الجغرافيا أي كنفدرالية بين سلطة الحكم الذاتي والاردن واسرائيل ، وهنا يتم تجاوز جميع القضايا على قاعدة الدبلوماسية الداخلية والحلول الامنية الداخلية ، هذا اقرب الى الصحة ولا اعتقد ان هذه المفاجاة ستروق لكيري عدو الشعب الفلسطيني وان كانت في محتويات توجهاتها اسقاط للمشروع الوطني الفلسطيني برمته الذي ينحدر من منحدر الى اخر ، فلو كان عباس يريد ان يطرق ابواب من الحلول الوطنية للقضية الفلسطينية لاسقط ان فكرة ان القضية الفلسطينية قضية امنية واقتصادية بالبعد الذاتي والاقليمي ولرجع الى حل وسطي اقرته الامم المتحدة مثل قرار التقسيم 181 وقرار 194 او كما يقول اليساريون بحل الدولة الواحدة التي تتيح للجميع ممارسة الضغوط السياسية والمدنية في الدولة وعلى اسس القانون والعدالة وبناء على التشكيل الديموغرافي على الارض الفلسطينية المحتلة .
اذا ً الى اين تتجه مفاجأة الرئيس عباس ؟!
[email protected]
أضف تعليق