تحت هذا العنوان يكتب امير اورن في "هآرتس"، ان قول العالم بأن إسرائيل تملك سلاحا نوويا، ومفاخرة إسرائيل بأن جيشها هو اقوى جيش في الشرق الاوسط، وان سلاح الجو هو افضل سلاح في العالم، وسواء كان ذلك اسطورة ام واقعا، فان هذا كله لا يؤثر مباشرة على عملية الجرف الصامد ضد حماس في غزة. فما يحدد هناك هي الضربة القوية التي تختارها إسرائيل او تضطر الى تفعيلها، بهذا المقياس او ذاك من النجاعة. وهذا صحيح في المسائل الكبيرة المتعلقة بسياسة استخدام القوة وبالبنود العينية للصدام الحربي.

ليس مهما عدد المدرعات التي تملكها الكتائب العسكرية وعدد مخازن الطوارئ، بل المهم انه في لحظة مصيرية تم ارسال مدرعة قابلة للاصابة لمواجهة خطر تحقق. ان جهاز الشاباك هو الشريك الهادئ للآلية العسكرية الهادرة. وهو يملك قدرات مثبتة على اكتشاف الأشجار وضعفا مثيرا للقلق في اكتشاف الغابات. لقد جمع ملفات مثيرة حول محرري صفقة شليط، استعدادا لخطوات اعادتهم الى السجن، ولكنه كان اقل اثارة في تمييز سلسلة الردود التي سبقت اعتقالهم والتي تواصلت بعد ذلك.

ان من سيحقق في أسباب الخلل الوظيفي للجهاز الرسمي في إسرائيل على مختلف أذرعه، خلال السنوات التي سبقت الجرف الصامد، لن يتمكن هذه المرة من تجاهل فحص مساهمة الشاباك في الفشل. لقد كان الجهاز قويا جدا ازاء الداخل، في الصراع على السيطرة والصلاحيات وحدود قطاعه، ولكنه كان ضعيفا جدا تجاه الخارج، مقابل اهدافه. ان وظيفة الشاباك هي الاحباط، وسبب وجوده يكمن في توفير الأمن الفاعل، وهو الموجه للاستخبارات. لكن هذا الهدف الأساسي تشوش مع مرور الوقت وتحول الشاباك الى ضابط مخابرات للاحتلال.

انه يتحمل المسؤولية الأولى عن التحذير مما يحدث على الساحة الفلسطينية، على مختلف قطاعاتها - الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية. ومن ناحية امنية، وليست ديموغرافية فقط، لا تعتبر هذه المناطق كيانات منفصلة. ففيها وفي خارج البلاد تعمل ضد إسرائيل ذات المنظمات وذات القيادة ونفس الجمهور المستهدف.

وعلى الرغم من أن الشاباك لا ينفرد برصد الأحداث في الساحة الفلسطينية – حيث تشاركه ذلك شعبة الاستخبارات العسكرية وقيادة المنطقة الوسطى ومنسق العمليات في المناطق وقيادة المنطقة الجنوبية، والموساد، والشرطة – ولكنه يتمتع بالأولوية. وطالما كان على الشاباك الكشف المسبق عن التنظيمات والعمليات المخططة، والتحذير واستدعاء قوات الأمن الأخرى لاحباط المؤامرة، فقد كان نجاحه معقولا، حتى وان كان بعيدا عن الكمال في ظل الظروف الصعبة خلال العقدين الأخيرين.

ولكن الشاباك فوت المعنى الحقيقي للتطورات في غزة منذ 2005 -2007، وهي الفترة التي بلورت الواقع الجديد: اخلاء قوات الجيش وانتصار حماس في الانتخابات وسيطرتها بالقوة. فحماس لم تعد عندها مجرد تنظيم "ارهابي" آخر ينفذ العمليات، بل تحولت الى جيش صغير داخل دولة صغيرة. وفي اطار التوجه الجديد، فان عشرات الانفاق العابرة الى اسرائيل، لا تعتبر مجرد اختراق جوفي تحت السياج، وانما "اختراق مجال"، بعدا جديدا في القتال – غواصات برية، في كونها وسيلة لنقل القوات المحاربة لمهاجمة الجيش من المؤخرة، وهي تشبه الغواصات البحرية الخفية، او الطائرات المصرية التي تم ارسالها لانزال القوات شرقي القناة في حرب الغفران.

انه تسلل وحدات وليس افراد، كوماندوس وليس عصابة. وامام عدو كهذا، يعمل بهذا الشكل، هناك حاجة الى مواهب استخبارية يفتقد اليها التنظيم الذي يقوم مجده على تفعيل العملاء لاحباط العمليات. صحيح ان رجال الشاباك مخلصين ويخاطرون بحياتهم، لكن الشاباك لا يملك أي تفوق نسبي في توفير المعلومات الحربية خلال الحرب، والتي تحتم مهارات اخرى. ولذلك، فانه وكما يحدث في شعبة الاستخبارات العسكرية يتطلب تعيين قائد لجهاز الشاباك يملك الخبرة العسكرية اللازمة ويصغي لاحتياجاتها. وخلافا لشعبة الاستخبارات حيث يخضع رئيس الشعبة لثلاثة اشخاص، بما في ذلك القائد العام ووزير الامن، فان يورام كوهين رئيس الشاباك يخضع لنتنياهو فقط، ولذلك فان نتنياهو وكوهين يتحملان مسؤولية فشل الشاباك في غزة.
 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]