ما تشهده بلادنا في الآونة الاْخيرة من موجات عنف وقتل ،رمياً بالرّصاص الغادر ،اْو حرقاً والضّحيّة ما زالت على قيد الحياة ،تصفيات عينيّة ،تعقّبات ميدانيّة ،زهرات شذيّة ،عبقة ،فوّاحة ،ورود جوريّة ،تُحصد ،تُباد ،تُرشّ بالمبيدات الحشرية ،على الهويّة ،الشّبهة والملامح ،بين اليهود والعرب،تدفيع الثّمن ،قطعان المستوطنين ،وارتفاع منسوب العنصريّة ،الحقد ،تراشق التّهم ،كلّ طرف يُحمّل الطّرف الآخر المسؤوليّة عن تدهور الاْوضاع،الانفلات والتّسيّب ،خاصّة بين اْبناء الشّبيبة الواعدة ،المُتحمّسة والمنفلتة في كثير من الاّْحيان !الاْمر يبعث في نفوسنا ،نحن الكبار ،الكثير من القلق والخوف على شبابنا ،في اْن ينساق مُسْتَدْرَجاً متهوّراً الى ما لا تُحمد عقباه في مهاوي الرّدى ، ليس في شهر رمضان المبارك وحسب ! بل وعلى مدار السّنة ،نحن نتاْلّم ،نقاسي ،نكابد ونذرف دموعاّ حارّة سخيّة ،مع عَبرات غزيرة وعبارات اْسف صادقة على كلّ قطرة دم تُزهق في الشارعين العربي والعبري على حدّ سواء ! وُلِدَ اْبناؤنا ،شبابنا ،اْكبادنا ،اْملنا ،عزوتنا ومستقبلنا ،كي يعيشوا اْحراراً في كنف اْسَرِهم وذويهم ،المال والبنون زينة الحياة الدّنيا ! الاحتلال الاسرائيلي هو الدّفيئة الحاضنة لكافّة الموبقات والتّجاوزات القانونيّة ،حين ترى ،تسمع طيور الشّؤم :غربان ،قيقان ،نعيب طيور البوم على انقاض الخرائب التي يتركها هذا الاحتلال الغاشم ،تقول وتتساءل :الى متى ؟اْما لهذا الليل من آخر ؟حتى مَ يتبغدد الظالم على المظلوم ،وقوى الشّر العالميّة الاستعماريّة تساند ذلك ع َ العمية!
نتابع مجريات الاْمور عن كثب ،ننتقل من موقع الكتروني الى آخر ،ولا يجيد بعضنا التّعامل مع صفحات التّواصل الاجتماعي ،بل يسمع من الاْبناء ،الاْصدقاء قصصاً تقشعرّ لها الاْبدان ،ويتسمّر شعر الرّاْس ،حتى لدى الذين تساقط شعرهم بسبب الشيخوخة ،تحريض اْرعن ،تهويج اْلعن ،تثويروتلاعب بعواطف الاْغصان اليانعة الفتية ،الشّباب المتحمّسون المتدفقون حيوية ونشاطاً ، يخرجون الى الشوارع اْحياناً دون وعي اْو تعقّل ،يندفعون خلف المحرّضين ،ليس من الضرورة اْن يكونوا عرباً دائماً،عن المستعربين والمدسوسين حدّث ولا حرج ، مثيرون للشّغب ،يقفون على قارعات الطريق ،معرّضين اْنفسهم الى الرّمي بالرّصاص الفتّاك ، تنتقل من محطّة بثّ الى اْخرى ،سيّان اْكانت اذاعيّة اْم تلفزيونيّة ،عبريّة اْم عربية ،هنالك قنوات ومحطّات ذات امتياز بالتّحريض لتقويض دعائم العيش المشترك ،الشّباب الذين يُدَزّ بهم على مفترقات الطرق ،هم خيرة الشّباب المثقف الواعد ،مكانهم ،حتى لو كنّا في اْوج العطلة الصّيفيّة الكبرى،هو على مقاعد الدراسة في الثّانويّات ،الكلّيّات والجامعات ،اْهلهم ربّوهم شبراً بشبر ،ضحّوا بالغالي والرّخيص لاْجلهم ،كي يتباهَوا بهم في مجتمعاتهم ،ويكونوا لهم معواناً وسنداً في شيخوختهم وعجزهم .
لا اْرغب في توزيع التّهم ،الاْسباب ،الدّواعي والمحفّزات ،بل اْتركُ ذلك للمعلّقين السّياسيّن العقلاء ،وليس المهووسين الضّالين والمُضَلّلين ،اْهل مكّة اْدرى بشعابها ،وشبابنا فلذات اْكبادنا ،عيوننا عليهم ،نصلّي ونذرع لله تعالى ،اْن يبقوا لنا سالمين غانمين ،نفرح بهم ،نُتَشْتِشُ بهم فرحاً وغبطة على اْكُفّ الراحة . نعود الى الرسالات السّماوية الثلاث: العهدين القديم والحديث،ثمّ القرآن الكريم ،وبقيّة رسالات الهُدى ،ونعرّج على كافّة الانبياء سواسية ،كلّهم دعوا الى المحبّة ،الاْلفة ،الوئام ،السلام والتّسامح !
جاء في العهد القديم: لا تفرح بسقوط عدوّكَ،المحبّة تداوي كافّة الجراح / كتاب الاْمثال . اْمّا في العهد الجديد،فقال رسول المحبّة والسلام ،السّيّد المسيح :اْحِبّوا اْعداءكم ،باركوا لاعنيكم ،واْحسنوا الى مبغضيكم ! القرآن الكريم قال :إنّ اْكرمكم عند الله اْتقاكم /الحجرات ،ولو شاء ربّكَ لجعل النّاس اْمّة واحدة ،ولا يزالون مختلفين /صدق الله العظيم . تمثل اْمام ناظرَينا قصيدة الشّاعر :حطان بن المعلى ،قال فيها : اْنزلني الدّهر على حُكمه من شامخ عالٍ الى خَفْضِ وغالني الدّهر بوفر الغِنى فليس لي مال سوى عِرضي اْبكاني الدّهر ويا طالما اْضحكني الدّهر بما يُرضي لولا بُنَيّات كزغب القطا رُدِدْنَ من بعض الى بعض لكان لي مضطرب واسع في الاْرض ذات الطّول والعَرض وإنّما اْولادنا بيننا اْكبادنا تمشي على الاْرض لو هبّت الرّيح على بعضهم لامتنعت عيني عن الغمض.
قصّة ذلك الاعرابي الذي قَدِم الى الرسول العربي قائلاً :يا رسول الله اْتركُ ناقتي واْتوكّل،اْو اْعقلها واْتوكّل ؟ اْجاب الرسول العدنان بلا تردّد :اْعْقِلْها /اربطها/ وتوكّل ! وحتى لو كان مصدر الحديث ضعيفاً فتبقى العبرة به كبيرة مقنعة .
ولاْنّنا لا نتوقّع العدالة والمساواة من سلطات اسرائيل ،سيّان اْكانت :التشريعيّة حيث الاْغلبية اليمينية المتطرّفة ،لسان حالها يقول :كل ما هو ضارّ وسيّئ للعرب ،هو مفيد وناجع لاسرائيل !ولا من السّلطة القضائيّة التي تكيل بميزانين ومعيارين وقبّانين ،تماماً كاْهل مدين ،ولدينا الكثير من الامثلة على اضطهاد العرب والاجحاف بحقّهم ! ولا نثق بالسلطة التّنفيذية /الحكومة اْمّ البلايا والتّعنّت :الشرطة ،الجيش ،قوّات الاّمن والمخابرات !ولا نتوقّع الخير من السّلطة الرّابعة /وسائل الاعلام المختلفة،لاْنّها مُجنّدة ضدنا،تُخمد اْصواتنا ،علناً ومع سبق الاصرار ! ولاْجل ذلك نتوجّه لاْحبّتنا ،شبّيبتنا ،فلذات اْكبادنا ،اْبنائنا واْحفادنا في طول البلاد وعرضها من طوبا-الزنغريّة في الشمال ،الى مضارب اخوتنا البدو في اْقصى الجنوب ،مروراً بالجليلين والمثلّثين والمدن المختلطة : عكا،حيفا ،اللد ،الرّملة ويافا،وكافة مناطق سكنانا ، طالبين التّحلّي بالصّبر ،ضبط النفس ،عدم الانجرار خلف المُحرِّضين والمهووسين الذين قد يدفعوننا الى ما لاتُحمد عقباه ،دون قصد ،فاْحداث وضحايا اكتوبر 2000 ما زالت ماثلة اْمام ناظرينا ،وقرارات لجان التّحقيق معروفة مسبقاً،غريمنا معروف من الوحشيّة بمكان ،فقد القِيَم الانسانيّة ،مدجّج بالسلاح ،السلاح بإيد ال.....بيجرح وبيقتل !نريدكم اْن تبقوا سالمين ،رغم الاهانات والاستفزازات ،التّعدّيات والتّحرشات ،ومحاولات جرّكم الى مواقف غير متكافئة عدّة وعتاداً،ليقولوا لنا اْلف مرّة جُبناء ،خَوّيفة ،خير من اْن يقولوا لاْهلنا مرّة واحدة :سلامة روسكو ،العواض بسلامتكو ،رحم الله الشّهداء !
وقضيّة المجرم نتان زادة مع ضحاياه الاْبرياء في شفاعمرو ،هي الاْخرى تصرخ للسماء ،واذا دافع الضّحيّة عن نفسه ،فالتّهمة وقرار الحكم جاهزان معروفان مسبقاً. نودّ منكم التّحلّي بالصّبر ،رباطة الجاْش ،النّاْي بالنّفس ،العقلانيّة ،عدم التّسرّع والانسياق خلف المحرِّضين ،لتكونوا فرائس سهلة وصيداً دسماً لقنّاصة اسرائيل ،اْصحاب السّوابق في هذا المجال ،يا شبابنا واْشبالنا واْحبّتنا :تعالوا بنا اْن نعقل عواطفنا ،نكبح جوامحنا ،نتعقّل في سلوكيّاتنا ،اْلاّ ننقاد خلف غرائزنا ! لعلّنا نجتاز هذا المنعطف الخطر بسلام واْمان ،حتى يبزغ فجر جديد عليكم جميعاً يحقّق اْحلامكم وطموحاتكم العتيدة ،انتم وذويكم ،واْلاّ تنغّصوا علينا فرحتنا بمستقبلكم الواعد ! حكاية ظلموا حتى نبشوا القبور ،ولم يعدلوا حتى تستنجد بهم الطّيور ! ماْلوفة ! ورمضان كريم !
[email protected]
أضف تعليق